21 أبريل، 2024 11:26 م
Search
Close this search box.

سعادة السفراء والنمط الكردي للاقتصاد الحر

Facebook
Twitter
LinkedIn

الى السادة سعادة سفراء الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا العظمى وفرنسا الحرة المحترمون
مع التحية
المعلوم يا سعادة السفراء، ان اقتصاد اقليم كردستان العراق يتصف بمقومات مميزة عديدة لا تتوفر باقتصاديات اخرى في المنطقة، الميزة الاولى هي امتلاك الموارد الطبيعية من الارض الخصبة والمياه العذبة والقوة البشرية والثروة الزراعية والحيوانية، والثانية هي الجغرافية المتداخلة مع البلدان المجاورة، والثالثة هي مرونة المكونات الانتاجية من الوحدات الاقتصادية الصغيرة في القرى والأرياف والتي تقدر بالآلاف، ولكن المؤلم ان تلك الوحدات والمكونات الاقتصادية لم تنظم ولم ترتب ولم تدعم ضمن سياق تنموي فعال لصالح خدمة المواطنين، والمؤلم أيضا ان النفط والثروات المعدنية هي ملك للشعب كما ورد في الدستور الدائم للدولة العراقية ولكن في الاقليم تحولت الى ملكية حزبية وعائلية وشخصية تتحكم بها مجموعة صغيرة جدا لا يمثل كل عضو فيها واحد من مليون انسان بالاقليم.
وواقع الأمر يا سادة الكرام، عند حصول الانتفاضة الشعبية عام واحد وتسعين وبعدها بفترة سيطرت الاحزاب الكردية وخاصة الحزبين الحاكمين الديمقراطي الكردستاني برئاسة مسعود البرزاني والاتحاد الوطني برئاسة جلال الطالباني على مقاليد الحكم بدعم وتعاون منكم، وبغض النظر عن الاحداث السياسية وما آل اليه الوقائع، ولكن على العموم فان إدارة الاقليم وطوال العقدين الماصيين جرت بطريقة بعيدة تماما عن الوطنية والمسؤولية والحكم الرشيد ولم تجري وفق رؤية حكيمة واستراتيجية رشيدة، وأنما جرت بطريقة متسلطة ومستبدة وقمعية شبيهة باسلوب العصابات والقراصنة والمافيات، والعوائل الحاكمة المتسلطة اكبر دليل على مافوية السلطة، ونتيجة لذلك تم نهب رهيب وعملاق لكل الموارد الداخلية والثروات الطبيعية والمعدنية والممتلكات والأراضي العامة في الاقليم.
وتوضيحا لكم يا سعادة السفراء، تحولت الموارد الاقتصادية للاقليم الى منابع وضيعات منهوبة من قبل الحزبين الحاكمين لجني العملة الصعبة بعشرات ومئات الملايين من الدولارات واحيانا بالمليارات، وعلى طريقة القرصنة السياسية للحكم ولمفاصل الاقتصاد والتجارة والثروات والموارد، فلم يبق مصدر او منبع او منبت او ارض او جبل او مرعى او قطاع او تجارة او وزارة او مقاولة الا ولها صاحب ناهب او شريك سياسي على قاعدة الفساد المشروع للحزبين والعائلة الحاكمة في اربيل والسليمانية.
وبيانا لكم يا سادة الموقرون، ونتيجة لهذا الواقع المفروض على شعب الاقليم من قبل أهل الحكم بالفساد والقوة والقمع والتسلط والاستبداد والطغيان تحولت السلطة الحاكمة الى قوة عملاقة تمتلك الحزب والأموال والقوة المسلحة والاجهزة الادارية والقانونية والقضائية و وزارات حكومية وغيرها، وكل ذلك باسم النظام السياسي الديمقراطي للاقليم، وهذه القوة والسلطة المفروضة بعنوان الحكومة ارتكبت خلال العشرين السنة الماضية كل أشكال وانواع الفساد والسرقة والنهب وبمستويات رهيبة وعملاقة وأمام أعين بلدانكم وامام عين العراق، وبمعاونة من تركيا وايران لجني الاموال والمنافع والمصالح من السلطة الكردية، والنفط كانت على رأس المواد والثروات التي اختلست وسرقت من الشعب وبوضح النهار وأمام أعين الأحزاب ودون اي اعاقة او مجابهة أو مصادمة.
والغريب يا سعادة السفراء، أن اسباب ودوافع هذا النهب الرهيب والفساد المارق من قبل اهل سلطة الاقليم، يبرر ان السبب هو تطبيق نظام الاقتصاد الحر المتبع من قبل منظومة المجتمعات الديمقراطية وفي بلدانكم وفي اوربا وكندا، وهو ما يعرف بالعالم الغربي والاقتصاد الرأسمالي، ولكن المعلوم ان النموذج الاقتصادي الرأسمالي المتبع في دولكم خاضع بصرامة للقوانين والضرائب لحماية الدولة والشعب والحقوق الدستورية والمدنية للافراد والجماعات مع ضمان العدالة والمساواة وتكافوء الفرص للجميع ومع ضمان اجواء اقتصادية ومالية وتجارية محمية من الاحتكار والاستغلال والاستثمار اللاشرعي بالقوانين.
ولكن يا سادة المحترمون، وكما تشهدون في الواقع فان نمط سلطة الاقليم لاقتصاد الحر هو الاستيلاء اللاقانوني واللاشرعي على ثروات وموارد والممتلكات العامة للشعب والدولة ودون مراعاة للاخلاقيات والحقوق والمصالح العامة، وكأن الاقليم الكردي ضيعة بيد الناهبين والفاسدين والمارقين ولا حول ولا قوة للشعب بما يحصل في الاقليم الفيدرالي المنهوب أرضا وسماءا من قبل أهل السلطة الحاكمة.
ولبيان الواقع لكم يا سادة المكرمون، ندون أهم ما يتصف به النمط الاقتصادي لنموذج حكم الاقليم المركب من النظام الحزبي الحاكم (سلطة الحزبين والعائلتين الحاكمتين للبرزاني والطالباني) المفروض باسم الاقتصاد الحر والنظام الرأسمالي، وهو ما يلي:
أولا: الاستيلاء اللاشرعي من قبل السلطة الحاكمة ومنذ عقدين من الزمن على جميع ثروات وموارد وممتلكات الشعب ودولة الاقليم، والسيطرة التامة على جميع القطاعات التجارية والخدمية والانتاجية والمالية والمصرفية عن طريق الاحتكار والاستغلال والاعتداء والاستبداد السياسي والاقتصادي.
ثانيا: فساد السلطة بجميع مستوياتها ومواقعها ابتداءا من أعلى منصب وهو رئاسة الاقليم ومرورا برئيس الوزارء والوزراء والمسؤولين وانتهائا باصغر موظف بدرجة مدير، وتفشي فساد رهيب للاحزاب والتجار والمقاولين والاعنياء والشركات والوكالات وغيرها وبدرجة كبيرة ومتنوعة بجميع اشكالها واحجامها وانواعها من الفساد المتسم بـ “الفرهدة” المطلقة.
ثالثا: صوملة الواقع السياسي والاقتصادي والتصرف اللاشرعي بجميع مقدرات الاقليم الحكومية الخاصة والعامة، ووضع نظام وادارة وحكومة البلاد داخل اطار حلقة حزبية صرفة تتصرف بها رئيس حزب وافراد من العائلة الحاكمة المتسلطة، وفي ظل أجواء خالية تماما من القانون والشرعية والحق الدستوري، وفي ظل بيئة متسمة بابادة تامة للحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية الموثقة باللوائح الدولية للأمم المتحدة والدستور العراقي الدائم.
باختصار يا سعادة السفراء الموقرون، هذا هو الواقع في اقليم كردستان العراق، احزاب وعوائل حاكمة مطلقة، بيئة خالية من القانون والشرعية، تسلط واستبداد ودكتاتورية وانفرادية أبدية، ديمقراطية مزيفة وادارة حكومية وقضائية حزبية صرفة، سلطة مطلقة للحزبين الرئيسين ومناطق نفوذ شاسعة ومسيرة ومتحكمة عليها بتسلط وقمع واستبداد دون مراعاة لحقوق الانسان، انسلاخ للوطنية و”الكوردايتية” والمفاهيم الانسانية، سحق تام لكرامة وشرعية دولة الااقليم، انتهاك وهتك لكرامة الشعب والوطن والمواطن وغيرها بالعشرات.
أجل هذا هو الواقع المرير يا سعادة سفير الولابات المتحدة في االعراق، ويا سعادة سفير بريطانيا العظمى ويا سعادة سفير فرنسا الحرة، أجل هذا هو واقع الاقليم الفيدرالي الذي تم سوقه من قبلكم كنموذج للاحتذاء به في بقية المناطق العراقية ليكون واقعا للحل والسلام بين كل المكونات القومية والدينية والمذهبية في العراق.
أجل هذا هو واقع الاقليم الذي اقيم بدعم وتعاون منكم بعد عام الانتفاضة الشعبية يا سعادة السفراء، وان كان هذا النموذج الديمقراطي والرأسمالي للحكم المتسلط على رقاب الشعب في اقليم كردستان نموذجا مماثلا للنماذج السائدة في ولايات ومقاطعات واقاليم بلدانكم وبهذا المستوى من الجشع الرهيب والانفرادية والدكتاتورية والاحتكار والاستغلال والفساد العملاق، وبهذا المستوى من الاهانة والهتك لكرامة الشعب والمواطن والوطن، فلا والف لا ومليون لا لكم ولنموذجكم الفاسد المارق، أجل الف لا للانفرادية والدكتاتورية وحكم العوائل الحاكمة المستبدة، الف لا لهذا النموذج المشوه الذي تديره شخوص سياسية فاسدة مارقة ومافيات متسلطة، أجل الف لا للقراصنة والعصابات واللصوص الحزبية التي جعلت من الاقليم بقرة حلوبة لهم ولاعوانهم من اليزيديين والخوارج والأجانب تحلب بالمال والنفط والذهب ليل نهار.
أجل يا سادة الكرام، هذا هو الاقليم الذي لم يؤسس ولم يقام كيانه الا لنهب رهيب لموارده وثرواته وممتلكاته العامة، وطوال ربع قرن من الزمن المسروق، والفرد والانسان والمواطن والشعب لا شأن له ولا اعتبار له ولا خيار له لا في حاضره ولا في مستقبله، فهل من ضغط دولي واقليمي وعراقي بدعوات واسناد منكم يا سادة لاجراء الاصلاح الحقيقي الجاد البعيد عن اصلاحهم الزائف!؟ وهل من ضغط ملموس بدعوات واسناد منكم لتغيير الوجوه والشخوص الحاكمين والمتنفذين بالاقليم وتقديم الفاسدين منهم الى القضاء العراقي !؟ فهل من مجيب يا سادة السفراء المحترمون!؟.
مع الود وفائق الاحترام…
(*) كاتب صحافي

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب