بعد فراغي من العمل اخترت ان امضي بعض الوقت في القراءة لذا توجهت الى مكتبتي واخترت احد الكتب ورحت اسجل بعض الملاحظات في السجل الذي تعودت ان اسجل فيه ذلك لكني لاحظت انني قد انهيت اوراق السجل لهذا السبب رحت ابحث عن بعض الاوراق في المكتبة واذ ذاك وقع بصري على دفتر صغير كنت قد احتفظت به في حقيبة قديمة وكانت اوراقه قد تلونت باللون الاصفر نظرا لتقادم الايام وتأثرا بمضاء الزمن. تناولته ورحت اراجع قراءة بعض سطوره فأعجبني منها انها كتبت بعفوية كما انها تسجل واقعة فيها من الحقيقية التي تتضمن شيء من الخيال لذا قررت نشرها مع الاحتفاظ بتاريخ كتابة تلك السطور.
دفتران
الاحد / 3/5/2005
في عام من الاعوام ,كنت اريد ان انشر كتابا يضم خواطر وقصص قصيرة ,نعم ,كنت اريد هذا ولكن الشيء الذي لا يمكن ان يكون هو نشر كتاب يحمل اسمي…!!!
مع هذا بقيت الفكرة تراودني كحلم ربما استطعت تحقيقه ذات يوم وبقيت الفكرة تطاردني مثل صاحب المال الذي يطارد السارق الذي تطاول فسرق ما يمتلك.
وجدتني اقوم بمحاولات شتى لنشر بعض ما اكتب ,لكن محاولاتي جميعا باءت بالفشل.
رغم ذلك لم يتسرب لنفسي اليأس ولم استسلم ولذا عمدت الى بضع صفحات من بعض ما كتبت وضمنتها دفترا صغيرا فأعطيته الى احد اقربائي واملت خيرا في امكانية نشره تحت اسم مستعار وانا اذ اخترت هذا القريب لمعرفتي بما يمتاز به من صفاة تؤهله للقيام بهذه المهمة على اتم وجه.
ومضت الايام تتبعها اخرى ومراقبتي للأمور تأخذ حالا قلقا كلما طال وقت الانتظار وكلما تزايد عدد الايام وكلما توالى الزمن.
اخيرا جاءني الجواب بعد طول غياب او قل بعد طول انتظار…
ها …ما هو الجواب…؟… لقد تم عرض الكتاب …ثم ماذا…؟
هذه العبارة التي تفوه بها القريب ذي الصفاة الممتازة معتذرا من خلالها عن عدم امكانية نشر الكتاب ومبينا للأسباب …لكن اثناء الحديث كان يبدو قلقا مضطربا تهرب نظراته مني كمن لا يقول الحقيقة.
قلت له :
اجابني كهارب من سجن يخشى مفاجئة السجان:
قال ذلك لكني من نظرة عينيه عرفت انه لم يقل الحقيقة……………
………………………
حاولت ان انسى لكنهم لم ينسوني فقد استدعيت الى رقابتهم بعد ايام قليلة وحاولوا ان يعرفوا مني ما يريدون معرفته واهم من ذلك الاشارات التي تضمنتها سطوري التي كتبت ….
رغم كل ما واجهوني به من عنف لم يظفروا مني بجواب فقد تجاهلت كل شيء واعلمتهم بلباقة وانا صادق فيما اقول انني اكتب منذ زمن طويل اكتب دون ان انشر لأنني اكتب لنفسي ولهذا فكلمتي صادقة وليس في هذا الزمن من يحتمل الصدق.
………………..
ظننت انه قد انتهى الامر واوشكت ان انسى كل شيء….
كان ظني خاطئا ….
ياه …يا لهذه الكلمات التي اسمعها من خلال احدى وسائل الاتصال…انها تكاد تكون نفس ما كتبت في ذلك الدفتر الصغير سوى بعض التحوير البسيط…!!!
(آه يا قرآن كل المساجد ويا نواقيس كل الكنائس )…
هي عبارات تضمنها كتابي الصغير الذي منع نشره ولكن ها هي الكلمات نفسها تنشر ولكن باسم آخر ….ربما لص حقير زور كلمات صادقة …لا يهم هذا ما يحدث في زمن قتلت فيه الحقيقة .
بكيت …بكيت بحرقة وألم ولكني مع كل ذلك الالم لم استطع ان اقول او اتحدث فانا مجرد شخص لا تقبل كلماته لأنها كلمة صادقة.
………….
مضى زمن طويل وتغير الحال الى غير الحال.
فكرت ونفذت…
كتبت في دفتر صغير بعض خواطري وبعض عباراتي وسطوري ,كلمات فيها مناجاة لله تعالى واغنيات للوطن الحبيب واحاديث مختلفة تتناول مواضيع اجتماعية وانسانية .
كان كتابا صغيرا معبرا ,وهذه المرة ايضا مضيت به الى من اثق به مضمنا الكتاب اسمي الصريح ووعدني ذلك الشخص خيرا واملني نشر الكتاب….
ليس من مانع لنشر الكتاب فنحن في زمن حرية النشر وحرية الكلمة واحترام حقوق الانسان .
نظام ليس فيه للعبودية او اللصوصية او الفساد او الابتزاز او التنمر مكان ولا صورة ولا اسم فهو كما يقال نظام العدل والخير والامان.
انتظرت …يوما ولا اقول ساعة …شهرا ولا اقول اسبوع …عاما ولا اقول اشهر.
انتظرت وطال امد الانتظار ولما لم اتلقى اشارة اورد على استفهام عمدت الى الاتصال هاتفيا ….
رن الهاتف …لا جواب…وعدت الى الاتصال ثانية وثالثة ورابعة ثم بعد ذلك رد على الهاتف وبعد السؤال اجاب وكان الجوابصادما بل مؤلما فقد ادعى ذلك الشخص ان الدفتر غير موجود …الدفتر مفقود …ضاع كما ضاعت ايام الانتظار…
السؤال …لا جواب …الدفتر مفقود وما فقد لايعود…
بيني وبين نفسي ….بيني وبين فكرتي …اقول … بيني وبين الحقيقة…ستار عظيم …
تساؤل عن الحقيقة….وسؤال اقول فيه كيف ذلك وانا بعيني رأيته في حقيبة السفر….وفي السفر كثير من الاشياء تضييع وتفقد .أجل تضيع وتفقد بين الكم الهائل من الاشياء القيمة والمهملة .اجل الضياع نصيب وحظ قد تشمل القيم او المهمل من الاشياء ..ضاع الدفتر وفقد لكنه ابدا يظل يحتفظ بكلماته الصادقة حيثما كان في اي مكان في اي زمان.