رن هاتفي وكان على الطرف الآخر رفل مهدي الصحفية في قناة الحرة بعدها كان اللقاء في مكتب القناة ببغداد في يوم من أيام العراق سنة 2010 أو هكذا أتذكر. قالت رفل: هذا محمود الشناوي مدير مكتب وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية في بغداد، وهذا هادي جلو مرعي رئيس مرصد الحريات الصحفية، وإبتدأ المشوار.
كان محمود الشناوي قد وفد بغداد عام 2002 حينها كانت واشنطن تعد العدة لغزو العراق، وتغيير النظام السياسي فيه وكان عليه أن يراسل الوكالة عن الأوضاع في هذا البلد، وعمليات التفتيش عن الأسلحة المحرمة، ثم غادر عائدا الى القاهرة، لكنه عاد ثانية الى بغداد في لحظة كافرة إشتعلت فيها مأساة النار والطائفية، وتفجير المراقد المقدسة في سامراء في عام 2006.
عرفت محمود الشناوي لأشهر قليلة، وكنت أصحبه الى منتديات ولقاءات وحفلات ومآدب إفطار رمضانية،وكان آخر طعام تناولناه على مأدبة إفطار في نادي العلوية الشهير قبل مغادرته بساعات عام 2010 وقبل أشهر من ثورة 25 يناير 2011 التي عمت مصر، وأنهت حكم الرئيس مبارك، وأدخلت هذا البلد العظيم في دوامة الخلافات والمنازعات، ومكنت الإخوان المسلمين من الحكم فيه قبل أن يتدخل الجيش ويعيد الأمور الى نصابها، وتعود مصر التي عرفناها.
صار محمود الشناوي أعز صديق غير عراقي، وكنت أنهي عملي عصرا لألتقيه فيعرفني بالطعام المصري، أو نتناول الطعام العراقي في الكرادة، أو شارع السعدون، وكانت تلك الأشهر ثرية في تأكيد صداقتنا بعد أن تجرع الشناوي مرارات الرعب والخوف، وأرخ لحكايات وحكايات عن العراق، وماجرى عليه من محن طوال سنين أربع، وسافر الى حواضن العنف، وقرى التحدي للتطرف الديني، وكتب عن طيبة العراقيين، والفكر الطاريء الذي شغل حياتهم بالخوف والدمار لسنين.
يضع محمود الشناوي روايته المتفردة(سطر مسلح) ليسرد قصة عراقية دون أن يخرج كثيرا عن تقاليد الرواية المصرية المليئة بالإثارة والتشويق، ويتنقل بين بغداد والقاهرة والإسكندرية، ويدفع القاريء الى التشبث بالأحداث حتى النهاية.
سطر مسلح رواية جديدة تغني المكتبة العربية وتؤرخ لمرحلة صاخبة مرت بها البلاد العربية منذ عام 2003 وبدأت بإجتياح العراق، وماتخلل ذلك من نزاعات، وتصاعد للطائفية، وظهور التنظيمات المسلحة والدينية، ثم ماتلا من أحداث الربيع العربي، وسقوط أنظمة، وظهور تنظيم الإخوان المسلمين كنظام حكم في مصر وإن لم يطل به المقام في السلطة، وفي سياق شائق يصل الشناوي حوادث السياسة بحركة المجتمع التجارية والسلوك الأخلاقي، وتأثير السياسة في كل ذلك. فلم يكن هناك متسع لفصل الأحداث عن بعضها نتيجة التأثير المتبادل، وإنعكاس الأحداث على واقع المجتمع.