أبرمت الحكومة الأتحادية وحكومة أقليم كردستان أتفاق مكتوب بين الطرفين, يلزم حكومة الأقليم بتسليم 300 الف برميل يوميآ من الحقول القديمة ( المكتشفة قبل 2003) في كركوك والمناطق المحيطة بها , بالمقابل يحصل الأقليم على 17% من الميزانية الأتحادية, و 250 الف برميل من الحقول الجديدة (التي تم أكتشافها في الأقليم بعد 2003) . ولكن الصرخات والأنتقادات أخذت تتصاعد حول هذا الأتفاق , حيث نجد مَن يدافع عن الأتفاق ولكنه لايعلم عن ما يدافع , وبين ناقدآ رافض لكنه يعلم لماذا يرفض. أن نشوب الأزمة بين المركز وأقليم كردستان كان سببها الحكومة السابقة في بغداد والتي رفضت رفضآ قاطعآ التفاوض مع حكومة الأقليم من أجل تحديد كميات النفط التي كان يجب أن تسلم الى شركة سومو من أجل تصديرها. أن هذا الأتفاق دستوري, وأن مَن يسعى الى رفضه أو أثارة الشكوك حوله, أما جاهل بالدستورأو يسعي لأثارة الفتن وبقاء جذوة الخلافات مستعره بين الطرفين للتغطية على سوء أدارتهم للبلاد خلال الثماني سنوات الماضية . ولكن ماهي دستورية الإتفاق ؟
في البداية يجب أن نفرق بين الأبارالقديمة المنتجة قبل 2003, ويتم التعامل معها وفق المادة 112 – فقرة أولآ – و التي توصف بــ ( الحقول الحالية ) , أما الحقول الجديدة التي تم أكتشافها وتشغيلها بعد 2003 فيتم التعامل معها وفق المادة 112 – فقرة ثانيآ – و التي تنص ( رسم إستراتيجية تطوير النفط والغاز) ومعنى (رسم إستراتيجية ) هو تشريع قانون النفط والغاز. حيث وعبرهذا القانون يتم تحديد الأبار, وطرح المناقصات, والكميات المنتجة والية التسويق, وكذلك يحدد سلطة المركز والأقليم حول هذة الأبار الجديدة. وهذا لا يقتصرعلى أقليم كردستان فقط , بل تخضع لهذا القانون كل الأبار والحقول الجديدة التي يتم أكتشافها في جميع المحافظات الغير منتظمة بأقليم .
المادة 112 فقرة – أولآ- تلزم الأقليم أوالمحافظة بتسليم كامل نفطها المنتج من الأبارالمنتجة قبل 2003 الى الحكومة الأتحادية والتي وصفت ( بالحقول الحالية ) , بالمقابل تقوم الحكومة الأتحادية بتسليم الأقليم أوالمحافظة حصة معينة من الميزانية الأتحادية الى الأقليم أوالمحافظة تتناسب مع الحجم السكاني للأقليم اوالمحافظة. لذا كان الأقليم يقوم بتسليم النفط المنتج من الأبار القديمة الموجودة في أراضي كركوك, والتي كانت تحت نفوذ الأقليم , الى الحكومة الأتحادية , وبالمقابل تقوم الحكومة الأتحادية بمنح نسبة 17% من ميزانية العراق الأتحادية الى الأقليم .
أن لب المشكلة يكمن بالأبار الجديدة, وذلك لغياب ألية أو قانون النفط والغاز, وكان أصرار الحكومة المركزية على إستلام كامل النفط المنتج من هذة الأباروعدم أعترافها بأحقية الأقليم بالتدخل بعملية تسويق هذا النفط تصعيد للموقف, بل رفضت الحكومة حتى الجلوس والحوار مع الأقليم حول أنتاج هذة الأبارتحت ذريعة أن النفط والغاز ملك لكل الشعب العراقي , وطالبت الأقليم بتسليم كل النفط الى شركة سومو. وكانت ردة فعل حكومة الأقليم لهذا الأصرارهوعدم تسليم أي كمية من النفط المنتج من الأبار الجديدة, بل توجهت الى تركيا من أجل التنسيق معها لتصدير النفط عبر الأراضي التركية,مما أدى الى توتر العلاقة بين بغداد وتركيا.
وهنا أعلنت أمريكا رفضها لهذا الأتفاق وحذرت الطرفين من تصدير النفط دون الأتفاق مع حكومة الأتحادية في بغداد. وترجم هذا الرفض من لدن حكومة بغداد أن أمريكا تؤكد حقها برفض تدخل الأقليم , فقامت بقطع مخصصات الأقليم ( 17%) مما دفع حكومة الأقليم الى عدم تسليم كميات النفط من الأبار المنتجة قبل 2003, وكانت القطيعة بين المركز والأقليم .
أن هذا الأتفاق دستوري ويعتبر خطوة إيجابية لأصلاح العلاقة بين الطرفين, رغم عدم أعلان الكمية الكلية من الأبار الجديدة في الأقليم والتي تقدر بــ 500 الف برميل يوميآ ومَن سيقوم بتصديرها. أن غياب قانون النفط والغاز الذي رفضت الحكومة السابقة تشريعه عن عمد وتحدي , بل وتعتبره إنجاز من أنجازاتها, لم يلحق الضرر بالأقليم فقط , بل أن عدم إستيعاب الحكومات المحلية للمادة 112 – فقرة ثانيآ – حرم الكثير من المحافظات الجنوبية من رفع حصتها من إيرادات النفط يضاف أنها لم تستلم حتى حصتها من قانون البترودولار والذي هو الأخر ترك في أدراج الحكومة السابقة.
في الختام يجب أن نؤكد على دورالأدارة الأمريكية الكبير بهندسة و كتابة سطورهذا الأتفاق, وذلك لأنها بحاجة لتقوية الجبهة الداخلية من أجل شن هجوم مرتقب متعدد الأطراف والجبهات ضد ما يسمى بالدولة الأسلامية ومن أجل إصلاح العملية السياسية المتهاوية في العراق . يبقى سؤال مهم يدور في أذهان المراقبين هو لماذا تم تقسيم أبار النفط الى قديم ( قبل 2003 ) وجديد ( بعد 2003 ) … الجواب هوحنكة أعضاء لجنة كتابة الدستوروالمشاركين في العملية السياسية , وهي نفس الحنكة التي رفضوا بموجبها فكرة أقامة الأقاليم في السابق, رغم أنها دستورية, و تلويحهم الأن بأقامة أقليم البصرة أو أقليم الجنوب بعد الأعلان عن هذا الأتفاق.
أدناه نص المواد الدستورية المتعلقة بالمقال
الباب الرابع – اختصاصات السلطات الاتحادية
المادة (111)
النفط والغاز هو ملك كل الشعب العراقي في كل الاقاليم والمحافظات.
المادة (112)
اولاً :ـ تقوم الحكومة الاتحادية بادارة النفط والغاز المستخرج من الحقول الحالية مع حكومات الاقاليم والمحافظات المنتجة، على ان توزع وارداتها بشكلٍ منصفٍ يتناسب مع التوزيع السكاني في جميع انحاء البلاد، مع تحديد حصة لمدةٍ محددة للاقاليم المتضررة، والتي حرمت منها بصورةٍ مجحفة من قبل النظام السابق، والتي تضررت بعد ذلك، بما يؤمن التنمية المتوازنة للمناطق المختلفة من البلاد، وينظم ذلك بقانون
ثانياً :ـ تقوم الحكومة الاتحادية وحكومات الاقاليم والمحافظات المنتجة معاً برسم السياسات الاستراتيجية اللازمة لتطوير ثروة النفط والغاز، بما يحقق أعلى منفعةٍ للشعب العراقي، معتمدةً احدث تقنيات مبادئ السوق وتشجيع الاستثمار.