22 ديسمبر، 2024 11:00 م

 السر الذي يكمن وراء صمود مدنية آمرلي، هو ما كان غائبا عن القوات التي سلمت مدنية الموصل بتلك الهزيمة السريعة، التي خلفت انكسارا نفسيا ومعنويا مؤلما، جعل ارهابيي “داعش” في (سكرة انتصار). لكن جاء صمود آمرلي، الى جانب الانتصارات التي بشرتنا بها القوات العسكرية وقوات البيشمركة، هذه الايام ، على اكثر من صعيد وفي اكثر من جبهة، كان آخرها تحرير ناحية كوير وقضاء مخمور وسد الموصل من قبضة الارهاب، الى جانب تقدم قواتنا المسلحة في اكثر من جبهة، بينها جبهة جرف الصخر وتطهير ريف اليوسفية وابعاد شرور داعش عن شمال بغداد، والزحف المكلل بالتقدم في تكريت. كل هذه النجاحات المتعددة السارة، هو احد علائم انكسار ” داعش” الذي نـتطلع اليه جميعا.

نتطلع الى ان تكون صورة صمود آمرلي، سيما جانبها المعنوي، احد عناصر نهوض اهلنا في الموصل، وفي كل مدنية تحت سيطرة عصابات الارهاب، لمقاومة اساليب داعش الهمجية.  ويمكن الاشارة هنا الى اضراب الطبيبات الموصليات واحتجاجهن البطولي بوجه القتلة، تلاميذ مدارس الظلام والتخلف. 

 سر صمود ابناء مدنية آمرلي الجميلة المسالمة، المتنوعة الاعراق والمتعايشة بسلام وإخاء، وذات الاغلبية التركمانية، هو قرار مواطنيها: ” نحن في مدينتنا لا نغادرها، وخيارنا إما عليها وإما فيها”. هذه الجملة التي لخصت متابعاتهم للجرائم التي اقترفتها الايادي الاثيمة لعصابات “داعش” المسلحة، التي طالت مدنا آمنة في العراق وعبثت بالارواح وقتلت وعاثت فسادا وسبت النساء واعتدت على الحرمات.

المفارقة هي انه بدلا ان تسند الحكومة صمود ابناء هذه المدينة الباسلة، لمدة تجاوزت شهرين، وان تمدهم بكل احتياجاتهم من سلاح وعتاد وغذاء ودواء، وقفت متفرجة غير مبالية بصيحات الاستغاثة، التي اطلقها المواطنون.

لم يعبأ ابطال هذه المدينة من الرجال والنساء والشيوخ، وهم يصنعون ملحة فريدة في التصدي، بعدم الاكتراث لمعاناتهم واحتياجاتهم، ولم يتزحزح موقفهم البطولي رغم شراسة المعركة. فقرارهم “نبقى في مدينتنا نعيش على ارضها، او نموت وندفن في ارضها”، هو منطلقهم في المجابهة، وهو عقيدتهم العسكرية الناجحة في الدفاع المستميت كخيار مصيري، يكسر شوكة العدو ويجعله مرتبكا عاجزا عن عمل شيء.