20 مايو، 2024 1:13 ص
Search
Close this search box.

سر أهمية الموسيقى والغناء في الفكر الرافديني القديم

Facebook
Twitter
LinkedIn

كانت أهمية الموسيقى([1]) عند العراقي القديم تكمن في : كونها إحدى الوسائل التي يتم بوساطتها , إقامة الشعائر الدينية في المعابد , وبناء المعابد , وكذلك في الاحتفالات والأعياد , كرأس السنة , ومرافقتها للفلاحين في الأراضي الزراعية , إلى جانب المعارك , والحروب , فضلاً عن استعمالها في طقوس دفن الموتى([2]) , وقد جسد مشهد الوليمة في راية أور الجانب الدنيوي للموسيقى([3]) , وكان نشوء الموسيقى في العراق القديم معاصراً للدين([4]) , ومساواة العراقي القديم الموسيقى بالفلك يعود ؛ لمساواته بين الآلهة والكواكب([5]) .
وتشير وثائق تعود إلى عام (2500 ق . م) إلى وجود مدارس ملحقة بالمعابد , لتدريس النصوص الدينية الغنائية([6]) , وكانت الموسيقى إلى جانب المعارف الأخرى يتم تدريسها في المدارس([7]).
وليس من دليل على وجود عزف للآلات الموسيقية منفرداً عن الغناء , والأناشيد الدينية , وقد أستعمل مصطلح (زمارو Zamaru) , أو بصورة مشددة (زّمارو Zammaru) , للإشارة إلى الغناء , والموسيقى معاً([8]).
وفي لوح طيني عثر عليه , يعود بتاريخه إلى العصر البابلي القديم , كتب عليه بالخط المسماري تعليمات موسيقية عن آلة القيثارة , وكيفية تسوية أوتارها([9]) , والتوجيه الوارد في النص عن كيفية تسوية أوتار الآلة الموسيقية , يؤكد على أن الموسيقى كانت علماً كسائر العلوم:
([إذا كانت القيثارة (منصوبة) على الكابليتو ولكن]
[(البعد الموسيقي) نيش كاباري([10]) لم يكن واضحاً]
[فأنك تعيد تسوية (الوتر) الأمامي و(الوتر) الثاني من الخلف]
[فيصبح (البعد الموسيقي) نيش كاباري واضحاً])([11]).
وتدريس الموسيقى في العراق القديم , قد عُرف , ولم تغب عنه الدروس النظرية , وكان حساب الصوت بعد ظهور آلة العود , قد أكتسب أهمية لأن ذلك ؛ يتيح توضيح العلاقة والنسبة ما بين درجة الصوت , وطول الوتر([12]).
وفيما يخص الغناء جاء في أحد النصوص توجيه يؤكد على أهمية الجمع ما بين إجادة العزف وتصنيع الآلة الموسيقية للتمكن من الغناء :
(انه إن لم يمتلك أداة (الزامي) فهو لن يستطيع تعلم فن الغناء ذلك انه اشد زملائه تأخرا , فهو لم يستطع أن يصنع أداة التريمولو , ولم يستطع أن يتفوه بصوت … انه غير قادر أن يغني أغنية أو يفتح فمه)([13]).
وقد أكد نص آخر وجوب إجادة الموسيقى , من قبل المغني :
(المغني “الموسيقي” الجيد هو الذي يعرف كيف يوزن آلته ويدعها ترن عاليا وما عدا ذلك فهو مغن “موسيقي” فاشل)([14]).
ومما تقدم يتضح لنا , أن الموسيقى قد خصت بالتوجيه , والإرشاد , كونها ذات مساس بحياة الإنسان العراقي القديم , وعلى وجه التحديد ما كان منها متصلاً بالجوانب الدينية , وهي بذلك لا تقل لديه أهمية عن سائر العلوم الأخرى.

[1]- يعود تاريخ بعض الآلات الموسيقية إلى ما بين (9000 – 4000 ق . م) ؛ ثروت عكاشة ,  تاريخ الفن – الفن العراقي القديم (سومر وبابل وآشور) , ج4 , المؤسسة العربية للدراسات والنشر , (بيروت : ب ت) , ص636.
[2]- صبحي أنور رشيد , الموسيقى (حضارة العراق) , دار الحرية للطباعة , (بغداد : 1985) , ج4 , ص407.
[3]- اندريه بارو , بلاد آشور , تر : عيسى سلمان وسليم طه التكريتي , دار الرشيد , (بغداد : 1980), ص320.
[4]- ثروت عكاشة , تاريخ الفن , ج4 , ص635.
[5]- صبحي أنور رشيد , الموسيقى في العراق القديم , دار الشؤون الثقافية العامة , (بغداد : 1988) , ص38.
[6]- ثروت عكاشة , تاريخ الفن , ج4 , ص635.
[7]- فاضل عبد الواحد علي , الأعياد والاحتفالات (حضارة العراق) , ج1 , دار الحرية , (بغداد : 1985) , ص ص264 – 265.
[8]- صبحي أنور رشيد , الموسيقى (حضارة العراق) , ج4 , ص408.
[9]- صبحي أنور رشيد , الموسيقى في العراق القديم , ص30.
[10]- مصطلح (نيش كاباري) يشير إلى معنى الأبعاد الموسيقية للقيثارة ولوصف عزف أغنية من مقام ايشارتو ؛ صبحي أنور رشيد , الموسيقى (حضارة العراق) , ج4 , ص412.
[11]- صبحي أنور , الموسيقى في العراق القديم , ص31.
[12]- صبحي أنور رشيد , الموسيقى (حضارة العراق) , ج4 , ص416.
[13]- كرستوفر لوكاس , حضارة الرقم الطينية وسياسة التربية والتعليم في العراق القديم , تر : يوسف عبد المسيح ثروة , دار الجاحظ , (بغداد : 1980) , ص45.
[14]- صبحي أنور رشيد , الموسيقى (حضارة العراق) , ج4 , ص411

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب