في العراق الذي أثخنت جراحاته بسبب الفاسدين والفاشلين، يطل علينا بين فترة وأخرى الحوكميين بقرارات ولجان لمحاسبة ومطاردة الفاسدين ..والذين هدموا أركان الدولة و أفلسوا خزينتها وجعلوها خاوية وغير قادرة على دفع مرتبات موظفيها ..أغلب الفاسدين يطلون علينا اليوم عبر الفضائيات يتحدثون عن الفساد ومحاربة الفاسدين ..هؤلاء الميكروبات أحيانا من يعترف بالخطأ، لكنه يتعالى عن الاعتذار عن حماقاتهم التي تركت ندبات لا تمحى وهدمت أسس بناء الدولة.
بالامس كلف الرئيس الكاظمي الفريق “احمد طه ابو رغيف” رئيسا للجنة العليا لفتح ملفات الفساد الكبرى والجرائم الاستثنائية وكلف جهاز مكافحة الإرهاب بتنفيذ قرارات الاعتقال التي تخص عمل هذه اللجنة ، والتي منحت صلاحيات إستدعاء أي شخصية، والاستعانة بـ25 محققاً…وبسرعة البرق انتشر الخبر عبر وسائل الإعلام ..وحتى (بوزرجي محطة الراية) عندما لاطفته بان لافساد في محطات البانزين ..أبلغني بتشكيل هذه اللجنة قائلا (شبعنا لجان وأقبض من دبش ) .
في عهد الطاغية لانعلم من هو المسؤل عن قيادات او الملفات الأمنية ولاحتى أصغر قادة الادارات العسكرية والامنية ..واليوم الصغير والكبير يعلم عن خطط الدولة وتحركاتها ..في عام 1986 كان اخي جنديا في أحد مفارز التصليح قرب قاعدة الامام علي وعصر أحد الأيام جاء الى دارنا وهو مأمور بأرسال كتاب مختوم ويحمل عبارات سري للغاية على جوانبه ومعنون الى آمرية التموين في الحامية العسكرية في الناصرية والتي هدمت بعد التغيير وأصبحت الان دورا سكنية ..بالواقع خشيت أن يحمل الكتاب أمرا يلحق الضرر بأخي وخصوصا أن جل من اعتقلوا أو أعدموا بعهد الطاغية كان يحملون كتبهم بأيديهم ..وبما أني شاهدت قبل أيام فلم البوسطجي لحسين كمال وهي لمأمور بريد يتجسس على الرسائل بفتحها على بخار أبريق الشاي ثم إعادتها ..وافق اخي..وفتحنا الكتاب بطريقة البو سطجي وفوجئنا بان الكتاب المدموغ بثلاثة عبارات(سري للغاية ) وثلاثة أختام يتضمن زيادة تعيين (مفرزة كذا )من ثلاثون صمونة الى خمسة وثلاثون .
اليوم أسرار الدولة ومخاطبات الحكومة تعلن على الجمهور حتى قبل توقيعها .وتنشر تحركات الجيش والقوى الأمنية ليعرفها القاصي والداني والعدو والصديق ..ويتعرض القادة او المكلفون بواجبات امنية ورقابية الى التهديد والوعيد او المحسوبية قبل المباشرة بعملهم .ومع كامل الاحترام لكن سيكون عمل هذهِ الجنة كسابقاتها هو( شو.. فيسبوكي ) وهو باب جديد للابتزاز بحق الفاسدين مقابل أموال حتى يتم التستر على ملفات الفساد بحق من يستدعوه، وبكل أسف لم نلمس من كل اللجان التي شكلت مسبقا لمحاسبة الفاسدين أية نتائج.
في هذا البلد نادرا من يعمل للمصلحة العامة وأن وجد لا يستطيع أن يعمل، فالرئيس الكاظمي مهمته تشكيل للجان منذ اليوم الأول الذي أستلم فيه المنصب دون معرفة او عرض نتائج هذهِ اللجان ..و استطاع ان يكسب اغلب عواطف الشعب والمتظاهرين بأن حكومته تحمل لواء القضاء على الفساد وهدر المال العام .
نأمل أن نشاهد رؤوس كبار خلف القضبان وأن تكون هذه اللجنة فاتحة خير للجميع وأن لا يكون حالها حال لجان المجلس الأعلى لمكافحة الفساد والتي شكلها عادل عبد المهدي…وأصبحت في طي النسيان ..والله من وراء القصد .