18 ديسمبر، 2024 7:02 م

سرقة جهود الآخرين

سرقة جهود الآخرين

بعث لي أحد الأصدقاء اليوم بضعة سطور مذيّلة باسم المدعو ضياء الشمري ، على إنها برقية تهنئة بمناسبة حلول العام الجديد 2019 ، مُبدياً إعجابه بصياغتها ، نظراً لِما تحتويه من مفردات وعبارات جميلة ، ولأن صديقي يعرفُ السيد ( ضياء ) لايستطيع صيّاغة جملة مفيدة واحدة دون أن يُلحن َ فيها ، لذلك أبدى إستغرابه منها ، فطالبني بتعليقٍ حولها .

شخصياً لا استطيع بل لا أ ُطيق َ مُجاملة المُتطفلين على الأدبِ والكتابةِ ، لاسيما اللذين يعيشون على نتاجات الغيّر ، تأسيساً عليهِ أقول في النص المنسوب للشمري أو لغيرهِ :

ان المقدمة مسروقة من صفحة الشاعر مظفر النواب والجمل الأخرى مسروقة من صفحة ثانية على الفيسبوك ، من المُعيب ان يقوم شخص او اشخاص بسرقة جهود الآخرين ونسبها اليهم بمنتهى القُبحِ والصَلْف مُعتقدين َ ان أساليبهم الوضيعة ستُضلل السادة القُراء ، دون الإنتباه الى قدرة المتابع البسيط وبسهولة ٍ على كشفه بلا عناء لتلك الألاعيب فبمجرد تضليل الكلمات ووضعها في محرك البحث لغوغل يظهر لك أصل النص وكاتبه الأول .

ثم ان هذه الطريقة البائسة أصبحت مكشوفة مفضوحة ، وحتى الصبيان والدخلاء اصبحوا يربأون بأنفسِهم عن ممارستها إذ باتت مُنفرة ومُقززة .

وفي واقع الأمر ليس عيباً ان يفتقر الموما إليه او غيره للقدرة على تحرير رسالة ما ، إنما العيبَ كُلهُ يكمن ُ في سرقة أفكار ونتاجات وعصارة عقولٍ لرجالٍ ندبوا أنفسهم للصنعةِ على خيرِ وجهٍ ، فإجتَنْوا من حدائق الأدب العربي أطيبَ الثمر ونالوا الغصون العالية المُثقلة بالثمرات التي لا يبلغُ اللصوص والأدعياء وقصار الهمم شأوها .

وبالعودة ِ الى الرسالة موضوعة البحث والتشريح ، لابد من القول فيها أيضا :

ربما يكون السارق شخصاً آخر من لجنة إعلام جمعية الجالية ، ويبدو انه دبجها تدبيجاً أحمقاً ليُوّرِط َ فيها من ختمها بإسمهِ دون وجه حق ، فهنا ايضاً نقولُ ان ذلك ليس مسوّغاً لإعفاء رئيس الجمعية ولجنته ( الإعلامية ) من إدانتهم في جريمة سرقة ومصادرة جهود الغير ، فحريٌ به ان يكتبها بأسلوبه هو وبمفردات وجمل غير مسروقة من أفكار وكتابات سابقة مازال أصحابها يحتفظون بحقوقهم في نسبها اليهم نشراً وإصداراً .

اخيراً أجدها فرصة لمخاطبة لصوص الكلمة ، ناصحاً ولستُ بقادحٍ ، لاسيما وان الكثير من كتاباتي ونصوصي القديمة قد تعرضت هي الأخرى للسطوِ الوقح خلال السنوات السابقة ، ويبدو ان البعض استغل إنقطاعي عن الكتابة وابتعادي عن الساحة الأدبية بسبب ساعات العمل الطويلة ، ظناً منه عدم متابعتي للجديد من المنشور ورقياً والكترونياً على حدٍ سواء ، ورسالتي لأولئك الصغار ، هي نصيحة صادقة مخلصة للإبتعادِ عن هذه التصرفات الدونيّة الوضيعة ، إحتراماً لأنفسهم وحفاظاً على ماء وجوههم ، وصارَ لِزاماً ان يعلموا :

ان السرقة تُفسر دينيّاً ودُنيّوياً تفسيراً قانونياً واحداً لا يتجزأ ، في انها : الإستحواذ على ما يملكهُ الآخرون مادياً ومعنوياً (فكرياً) دون وجه حق ، وهيّ عدوان من طرف السارق على ممتلكات المجني عليه ، ناهيكم عن انها نقيضٌ للأمانة كفضيلةٍ من الفضائل التي تسعى المجتمعات الى تحقيقها في حياة الأفراد .

ولا حول ولا قوة إلا بالله .