22 ديسمبر، 2024 11:25 م

سرقة القرن ــ وحيتان الفساد

سرقة القرن ــ وحيتان الفساد

عادت قضية سرقة الأمانات الضريبية والتي تعرف إعلاميا بـسرقة القرنفي العراق الى  الواجهة مجددا، بعدما ظهربمقابلة تلفزيونية مع قناة الشرقية ضمن برنامج “المواجهة, أكد نور زهير المتهم الأول بسرقة الأمانات الضريبية العراقية فيما يعرف بـ”سرقة القرن”، بقيمة تصل إلى 3.7 تريليون دينار عراقي، بما يعادل مليار ونصف المليار دولار، أن تلك الأموال لا تعود لخزينة الدولة، مبيناً أنه سيفضح العديد من المتورطين في محاكمة علنية,

في أكتوبر/تشرين الأول 2022، تم الكشف لأول مرة عن قضية سرقة القرن التي تورط فيها مسؤولون سابقون كبار ورجال أعمال، وأثارت سخطا شديدا في البلاد التي شهدت السنوات الماضية احتجاجات واسعة تطالب بوضع حد للفساد,وعد رئيس الوزراء محمد شياع السوداني موضوع سرقة الأمانات الضريبية نقطة سوداء في تاريخ الدولة، موضحا أنها نُفذت بغطاء رسمي، وكشف عن تهريب نصف أموالها إلى الخارج ,ويصف زهير ما حصل في مجمل قضيته بالتالي: “هناك من كذب الكذبة وصدقها هو وصدقها الناس، فلماذا ذهب علي علاوي (وزير المالية الاسبق) ولماذا جاء إحسان عبدالجبار (وزير النفط الاسبق وحل محل علاوي حين استقال الاخير)؟ وأول من كذب الكذبة هم النواب، وهي كذبة الأمانات الضريبية وليست سرقة, واشار إلى أن “وزير الداخلية السابق عثمان الغانمي، أصدر أمراً باعتقاله دون مذكرة قبض وربما كان يريد أن يصبح رئيس وزراء من وراء قضيتي”، مشيراً إلى أن “وزير النفط السابق، إحسان عبد الجبار أثار القضية لأسباب مجهولة, وبين أن “هناك وسيطاً مقرباً من إحسان عبدالجبار، طلب منه مبلغاً كبيراً, وقال اتعرض للابتزاز من قبل نواب وقنوات فضائية وأحد مقدمي البرامج ابتزني مقابل 3 مليون دولار, وقال “إن إثارة قضيتي بين فترة وأخرى، هدفها تمرير بعض المشاريع من قبل أطراف متعددة وبعض المسؤولين ومدير مؤسسة إعلامية مارسوا ابتزازا لاستغلال قضيتي,وأكد “إقامة دعاوى قضائية بالمحاكم الدولية ضد نواب ومسؤولين بالدولة وأشخاص قاموا بابتزازه, لافتاً إلى أن أحد النواب ممن يهرجون الآن طلب مني منزلاً بمساحة أرض تبلغ 1200 متر وبشرط أن يكون في شارع الأميرات بمنطقة المنصور ببغداد, والمتورطون في هذه السرقة، هم شبكة واسعة من رجال أعمال وسياسيين بارزين ومسؤولين في الدولة، عُرفت وكُشفت أسماء بعضهم، وكان على رأسهم نور زهير، وأحاط الشك بهيثم الجبوري النائب والمستشار الحكومي السابق، شك سرعان ما تأكد لاحقاً

وبحسب رئيس هيئة النزاهة، فقد ألقي القبض في وقت سابق على المتهم محمد فلاح الجنابي، وهو المدير المفوض لشركة “القانت” والمتهم بسرقة تريليون و85 مليار دينار (نحو 7 ملايين دولار) عبر 79 صكا مزورا، إلى جانب إيقاف المتهم الثالث بسرقة الأمانات الضريبية، في الإمارات، والذي سوف يتم استرداده قريبا ,وبين حنون أن المتهم الرابع هو علاء خلف مران، الهارب حاليا خارج البلاد، وكان منسوبا بمكتب الكاظمي حينها، وهناك أيضا المتهم حسين كاوه ويشغل منصب مدير مفوض لإحدى الشركات المتهمة بالسرقة، والذي ما زال موقوفا في أربيل. وأضاف القاضي أن المساعي جارية مع إقليم كردستان لاسترداده مع مشتبه آخر موقوف أيضا ومتهم بسرقة 624 مليار دينار، من خلال 37 صكا, وكشف أن عدد المتهمين فاق الثلاثين، وقد تم استرداد أكثر من مليوني دولار و155 مليون دينار عراقي، مؤكدا أن المتهم الأول نور زهير أفرج عنه بكفالة وهو خارج السجن، ونوه إلى أن “قضية سرقة القرن لن تموت مهما حاول الفاسدون حجبها عن الأجهزة الرقابية وأنظار الشعب, يعتقد باحثون واكاديميون في شؤون مكافحة الفساد أن «قضية الأموال الضريبية متشابكة ومعقدة جداً، وأن الجزء الغاطس منها أكبر بكثير ربما من الجزء الظاهر , واشاروا الى ان حجم التقديرات للمبالغ المسروقة ربما يصل إلى 11 تريليون دينار عارقي (نحو 8 مليارات دولار، والمؤسف أن معظم هذه الأموال ذهبت إلى خارج البلاد, ويعتقدون انه تم استرجاع نحو 600 مليار دينار عراقي، ويبلغ عدد الأشخاص الرئيسيين المتهمين 9، وضمنهم نور زهير، وقد تم حجز معظم المصالح والعقارات العائدة لهؤلاء الأشخاص في بغداد على أمل بيعها بعد تقدير قيمتها وإعادتها لحزينة الدولة , واشارواان  معظم المتورطين كانوا في الحقيقة أدوات لسارق حقيقي لم يظهر إلى الواجهة، لكنه يملك النفوذ اللازم للتملّص من السرقة، لقد كانوا مجرد أدوات، وحين حصولهمعلى الأموال عبر صكوك مصرفية اكتفوا بالحصول على نِسب صغيرة من تلك الأموال , رئيس مؤسسة النهرين لدعم الشفافية، محمد الربيعي، قال خلال مشاركته في بودكاست (رووداو العراق) إن نور زهير ضحية للآخرين وقد عمل المتورطون الآخرون من خلال الإعلام ما من شأنه إلقاء المسؤولية كاملة على نور زهير, حيث اتهم زهير مسؤولين رفيعين ونواب بتوظيف قضيته لمكاسب سياسية، وقال ان أحد الوزراء كان يطمح من تضخيم القصة ان يصبح رئيسا للوزراء!
وبعد أن ظهر المتهم في مقابلة تلفزيونية وهو يدافع عن نفسه ويطالب بأن تكون محاكمته علنية، اعتبرت هيئة الاتصالات والإعلام أن تصرفه مخالف للوائح الإعلامية، إذ لا يمكن لمتهم بقضية كبرى الظهور في الإعلام والحديث قبل محاكمته, ويبين رئيس هيئة النزاهة الأسبق القاضي موسى فرج أن “سرقة القرن” ورغم ضخامتها لن تكون الأولى ولا الأخيرة، إلا أن أهميتها تأتي من كونها قضية نموذجية للفساد المافيوي، وينبغي اعتمادها كـ”دراسة حالة” لطبيعة الفساد في البلاد لتوافر معظم عناصر الفساد فيها, واضاف إن بيئة ممارسة الفساد ومساهمة الأطراف التشريعية والتنفيذية في أعلى مراتبها تدل على وجود قصر نظر، حيث يتعاملون مع قضايا البلد من منطلق شخصي ضيق، خاصة بعدما قاموا بشن حملة هوجاء لإلغاء مكاتب المفتشين العموميين في الوزارات والتي تمثل خط الصد الأول لمواجهة الفساد, واستطرد قائلا الأطراف التي هيمنت على أمانة مجلس الوزراء ومكتب رئيس الحكومة -ومنذ حقبة رئيس الوزراء الاسبق – سعت باستماتة للتخلص من الكفاءات، وزجت بدلا عنها بالموالين حزبيا والذين يتعاملون مع قضايا الفساد بشكل مظهري أو انتقائي

آخر تقرير لمنظمة الشفافية الدولية, وضع العراق في المرتبة 154 من بين 180 دولة مصنفة من حيث درجة الفساد , وكشفت عن أن العراق منذ سنة 2003 واحد من الدول التي تسرق نسبة (25% إلى 40%) من ميزانيتها العامة , ، تمثل أساليب تبييض الأموال وتهريبها للخارج من المشاكل التي تعترض سبيل اجتثاث الفساد في العراق , إنما هلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحق، وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها,
في هذه البلاد الجميع يتحدث عن النزاهة والإصلاح ، لكنه يرفض التمييز بين النزاهة والسرقة ، وفي الدول العادية يكون القضاء سيفاً قاطعاً لمحاربة الجريمة المنظمة. أما في بلاد نافأكثر ما يخشاه المواطن هو الحديث عن سرقة البلاد ، لأن السياسيين سيغضبون ويزمجرون ويتباكون أمام القضاء ، أما الحفاظ على المال العام وإشاعة العدالة الاجتماعية ، فهذه أصبحت من الكماليات, يحذرنا جاك روسو من المسؤول الجشع الذي لا ينتج سوى الخواء والفوضى والاضطراب، ولا يعطي مواطنيه سوى الفشل والعوز, نعيش باوهام كثيرة يصر ساستنا على ترويجها عن التقوى ومخافة الله ، وأفواج منهم تذهب للحج كل عام وتعود لتمارس الخديعة من جديد ، وعلى المواطن أن لا يقترب من قلاعهم