23 ديسمبر، 2024 1:40 م

سجوننا حُبلى بالأبرياء

سجوننا حُبلى بالأبرياء

ألمُطّـلع على أبسط أدبيات الشريعة يعلم ان من اعظم الكبائر وأشدها عند الله بعد الشرك به، هو الظلم، حتى ان الله جعله في احدى آياته المباركة، قرين الشرك بقوله، ان الشرك لظلم عظيم.
وفي زماننا هذا، زمان ما بعد الاحتلال، وفي ظل تعاقب الحكومات المتوالية، ترى البلد يمر باسوء فتراته، اذ الحيف والحرمان والخراب والدمار والقتل والتهجير والفقر والجهل وتفشي الأمراض، حتى اصبح العراق متصدرا لاستفتاءات وبيانات وتقييمات المنظمات العالمية في كل شيء سيء وسلبي.
وهذا ان دل على شيء فهو يدل دلالة واضحة على غياب الادارة الناجحة من جهة، وفقدان الاخلاص للدين والوطن من جهة ثانية، وعدم الاكتراث لاي شيء يجري في هذا البلد، لا من بعيد ولا من قريب من جهة اخرى.
وهذا في مجموعه يمثل ظلم السلطة لشعبها وخيانة للأمانة الملقاة على عاتقها في بذل الغالي والنفيس من اجل توفير مستلزمات الحياة وحفظ المجتمع من الدمار والخراب والذي في حقيقته يمثل ابسط حقوق المواطنة في اي بلد من بلدان العالم.
ومن بين المظالم الواضحة والصريحة التي اخذت مأخذا جادا في المجتمع موضوع المعتقلين في السجون.
فنحن نعلم ان اغلب العراقيين ذاقوا الويلات من نظام البعث المقبور وازلامه الظَلَمَة، فقُتِلَ من قُتِل وهُجِّر من هُجِّر واعتُقِل من اعتُقِل، فكانت تلك الافعال بمثابة الكابوس الذي يؤرق حياة كل عراقي غيور شريف محب لوطنه وشعبه آنذاك.
واليوم وفي ظل ما تسمى بالحكومة الشيعية، نجد ان الأشخاص الذين اعتقلهم البعث المقبور وزبانيته هم أنفسهم اليوم قد اعتقلتهم القوات المحتلة وأبقت عليهم في الحجز حكومتنا المسماة بالشيعية!!!..
علما ان اغلب هؤلاء المعتقلين هم من المقاومين الشرفاء الذين بذلوا الغالي والنفيس من اجل الوقوف بوجه الغزاة الطامعين، ودفعوا ايضا بالاضافة الى ذلك ثباتهم على مبادئهم وعدم اعطاء الولاء الا للعراق وأهله، وهي ضريبة دفعوا فاتورتها بحبسهم وتعذيبهم وقتل البعض منهم تحت التعذيب، بالاضافة الى اعتقال عوائلهم والاعتداء عليها لا لشيء الا لكونهم مقاومين للمحتل رافضين للتبعية.
وكثيرة هي الحقائق والدلائل التي توضح الممارسات التعسفية ضد المعتقلين، والتي في واقعها لا تحتاج الى توضيح او تبيان، لانها موثقة بالصوت والصورة.
وفي المقابل من كل ما ذكرت لم نسمع من اي عنوان في الشيعة، دينيا كان ام سياسيا ام اجتماعيا ام عشائريا ام ثقافيا ام رياضيا ام أكاديميا اي موقف إيجابي او مطالبة او اي شيء بهذا الخصوص، بل اننا نسمع ونشاهد العكس من ذلك تماما مع شديد الاسف.
فيا ايتها الحكومة المسماة بالشيعية، ان الله يأبى الظلم، ورسوله ايضا واهل بيته، ونحن نعلم أنكم تدّعون الانتماء الى هذه المدرسة الطاهرة، فهل يا ترى يرضى لكم رسول الله وعترته ان تتورطوا بمثل هكذا ظلم بحق المجاهدين والابرياء؟.
فاتقوا الله وأرجعوا الى رشدكم وصوابكم، ولا تأخذكم العزة بالإثم، وهموا الى العمل الجاد من اجل إخلاء سبيل المقاومين الشرفاء والمعتقلين الأبرياء، فيكفيهم ما جرى لهم من مآسي كل هذه السنين، ويكفى زيادة في لوعة وحرقة عوائلهم المسكينة التي تترقب الإفراج عنهم ليل نهار، والا فان استمرار عنادكم بعدم إطلاق سراح المومنين المظلومين أظنه سيكون بابا لتهديم عروشكم وفقدان كراسيكم، فمهما غلظت حبال الظلم، سيأتي اليوم الذي تلتف هذه الحبال على أعناقهم وما صدام عن ذلك ببعيد.