هذا السجل وضعه مدير شرطة بغداد في العهد الملكي في رأس دربونة الكلجيه التي تفتح ابوابها على شارع الرشيد، وهي منطقة مخصصة للبغاء، وقد اراد مدير الشرطة آنذاك ان يحد من انتشار البغاء، وكان محمد بهجت الأثري من الشخصيات المتزمتة دينيا، وهو ينصب العداء للكلجيه ولكل مظاهر التفسخ الاخلاقي، ويعتبر نفسه مصلحا دينيا، ربما كان السجل ليظهر اسماء الشخصيات التي تدخل هناك، ومنهم من يخجل من تدوين اسمه فيه، فيحجم ولايدخل الى الدربونة الموبوءة، ويروي عبود الشالجي في كتابه موسوعة الكنايات العامية البغدادية، ان احد الاشخاص دخل الى الكلجيه وتناول السجل وكتب اسمه الذي اراد من خلاله ان يحرج مدير الشرطة، مسك القلم وكتب محمد بهجت الأثري، فرفع السجل في اليوم التالي، وبقي الكلجيه احرار في دنياهم بلا اسماء ولامسميات، ولا ادري لماذا جاءت على بالي قضية التبييت التي كان يمارسها يهود بغداد والتبييت طعام لذيذ يتخذ من البيض والرز والدجاج والتوابل، كان يهود بغداد يجيدون صنعه، وسمي تبييتا، لان اليهود يضعون قدره على النار في يوم الجمعة، ويتركونه الى يوم السبت، فيبيت الطعام على النار، اذ انه ما ان غربت شمس الجمعة حرم عليهم اشعال النار حتى غروب شمس السبت، ومن المؤكد ان شكوى المالكي ضد فخري كريم وعلي حسين مبيتة، انا سمعت فخري في المدى يصرخ بعلي حسين : يكفي، الا يوجد شخص آخر سوى المالكي، لقد صنعت منه بطلا في عمودك اليومي.
كنا نكتب في اغراض شتى الا علي حسين فكان مهمته مهاجمة المالكي يوميا على صفحات المدى، ولم يكن مهنيا ولايمتلك امكانية الكتابة، اذ انه وبشهادة الكثير من المحررين في المدى ولا اريد ان اضع اسماءهم لئلا اسبب لهم حرجا مع رئيس التحرير او مع علي حسين الشخص الثاني في الصحيفة، كان يسرق المقالات وكنا نبحث عن سرقاته فنجدها في وسط عمود لكاتب سعودي او غيره، ولذا احجمنا ان نضع عنوان العمود على كوكل ، وانما نختار جملة من المقال فتظهر بسرعة، وهذه لدي شهود فيها، وعلي حسين يستطيع وبكلمة منه لفخري ان يطرد ايا من المحررين، كان يمسك بفخري من ( خص…..)، اذ انه اغراه بملحق الذاكرة العراقية، ولهذه الذاكرة قصة اخرى لا اريد ان ادخل بها، لكنني كتبت حينها وعلى صفحات المدى موضوعا تحت عنوان ذاكرة العراق المسروقة، ومن المستحيل ان علي حسين لم ينتبه لما كتبت، ولم يعرف ما اريد، بدأت مرحلة حرب النفاق التي يجيدها علي حسين، فهو يستطيع ان يضع ايا كان في جيبه، وركع الجميع لارادته، ومنهم شعراء وصحفيون معروفون وحتى من الذين يمتلكون شهادة الدكتوراه في الاعلام، انتصر علي حسين على الجميع، والمالكي يراقبه من بعيد، لم يرد ان يجعل الامر شخصيا، فانبرى له مدافعا عن حزب الدعوة بصفته رئيسا للحزب، لايختلف اثنان على ان حزب الدعوة فشل كليا، وفقد جماهيره وانتهى الامر، ولكن للاسف الشاتم والمشتوم في لعبة المدى يصدران من مصدر واحد، علي حسين الذي اعتاد على شتم المالكي جعل منه بطلا كما قال فخري كريم، والمالكي الذي جمع شتائم علي حسين اخرجها الآن لان الوقت قد حان وحان معه يوم الحساب، فشكوى المالكي لم تكن بصفته الشخصية، وانما بصفته رئيسا لحزب الدعوة وسيواجه علي حسين زخم الحزب المتغلغل في كل شيء، وربما عمد احدهم الى تصفية علي حسين واتهام المالكي وغلق ملف هذا الامر السمج الذي اعتقد علي حسين انه لعبة، ولعبة فقط، لن استطيع ان اتكلم عن فخري كريم بسوء، فانا لم اجد منه الا الحرص والتشجيع.
اموره المالية وميكافيليته التي يريد بها ان يحقق مشروعه السياسي، لم اكن عالما بها ولامتبحرا، ولكنني كنت اسمع منه دائما انه يريد ان يحقق مشروعا ثقافيا كبيرا، لكن علي حسين سحب الجريدة بكاملها الى مستنقع العداء والزلفى لدى البعض شكرا لمهاجمة البعض الآخر، وصار العمود السياسي بورصة المدى، وهم يرقبون الهواتف ليلاحظوا من اتصل ليطري ومن اتصل لينأى بنفسه عن دربونة الكلجيّه، لكن للاسف كثير من الذين دخلوا الى دربونة الكلجيه سجلوا اسماءهم الصريحة في السجل الذي وضعه علي حسين.