18 ديسمبر، 2024 10:11 م

سجالات العيد الوطني

سجالات العيد الوطني

أستطالت بين لجان و مقترحات ، و قفزات ، و اجتهادات ، لكن تحت أضواء خافتة لحساسية الخيارات المطروحة ، و لتعلقها بأحداث لا يصمد خلالها مقترح لتأريخ معين ، اذما اشتغل محرك البحث عن حيثيات وملابسات ذلك الزمن.
كما أن الشارع العراقي لم يولي الموضوع اهتماماً ، لغياب صانع الحدث الإعلامي ، عن قصد وعمد ، فالرأي العام لازال في اطار الاعداد.
كنت متابعاً لعدد من حلقات وبرامج واستضافات الموسوعي علي النشمي ، وتشخيصه المجرد بدقة لسلسلة من التواريخ المطروحة ، فكان صلباً ، عنيداً في نقض الكثير من الأحداث المراد تسويقها كعيد وطني ، ورفع أستارها ، وعد ترميز الدولة بها عيبة بحق حضارة وتاريخ أمة بحجم العراق .
في الوقت الذي بات الطفيليون يوزعون شهادات استيراد الثقافة لكرم صفاتهم اللصيقة رئاسياً و وفودهم على دول هنا ودولة هناك ، لاستكمال دور مسخ الهوية العراقية.
ولا احسبها سذاجة ، يبدو أن هؤلاء شركاء في تسخيف الموضوع لغايات دنيئة ، تعالج بلطف الريشة التي تبرز عمل فني لتجسيد المئوية للدولة العراقية ، لكن المره غير ، فهي مصحوب بزخم ، وتمجيد لصاحب المبادرة الرسام الذي يعيش متنقلاً بين الإمارات وكندا ، ومنه الى منصات التواصل.
لكن هل انتهى الحدث !
أم هناك من يدفع به ويحفز له ، ويملي على العراقيين خياراتهم ، وننتظر ليبارك لنا ( أبو الغيط ) بمئويتها في مؤتمر بغداد ، ولا ادري اهي مجاملة ، لنكتشف بعد الفوت انها مقصودة ، كبقية اخطاء المؤتمر!
أحمد أبو الغيط حصيف ثقافة ولغة ، وعمق سياسي دبلوماسي ، مواكب لتغير وصناعة الحدث الإقليمي والدولي فعلى أي شيء رسمي استند في تهنئته؟
ولا امتلك لذلك جواباً.
لتتوالى اطلالة امعات المشهد من خلال هوشير الصدفة في ملتقى الرافدين الذي يخر لدعواته انتفاخات العملية السياسية ، لتصنع ببغائه رأياً ومشهداً جديداً ، وترافقه تصديرات مصاحبة وخطوط الانتاج لهذا المحفل متعددة ، و المئوية الملكية منها ، بتوظيف إيحاءات مبرمجة تؤدي الغرض.
لكن يبدو أن صناع الحدث قاصدين لمحاولات ربط قيام الدولة بتنصيب الحاكم ، لتحقيق هدف تعويم السلطة الشعبية وتقزيم تضحيات الأمة التي طالما اقترن رسم مجدها بعمق التراث (الفالة والمگوار) بتلك الأدوات و الإرادة والقيادة ، قُلبت معادلات الاحتلال الانكليزي للعراق.
فمن أراد أن يعلق اوسمة الدولة ، ليبرز التأريخ والثوب الانصع ، فهل يجد في غير ثورة العشرين و رجالها الحقيقيين رمزاً للدولة وكيانها !؟
أرخوا بهم ولهم ..
حينما يُذكر ( الحبوبي ) يمتشق القلب وتهتز العروق وتمتلئ النفس بالحماسة ويتجدد أمل الأمة وشبابها بأنموذج الرمز الوطني القائد لقيام الدولة العراقية الحرة والسير بالجماهير نحو طريق الاستقلال والخروج من الاحتلال والتبعية .
لا يُتوقع الختم على هذا التأريخ التأسيسي ، بمنصب (تعيين) الملك (مُعين) بقرار سلطة الاحتلال ، فالتنصيب ليس طموحاً وطنياً ، لوجود سوابق ولواحق تاريخية تؤكد شكل ومضمون سلب الإرادة المستقلة ولم تكن لصولجان الملك المُعين تأثيراً في القرار الخارجي أو النفوذ الاقتصادي أو العسكري ضمن سلطته.
إلا انه كان نافذ الحكم و بفاعلية وامتداد على رقاب الشعب ، ووزع سلطان الظلم على الإقطاعيات في أقاصي البلاد لتركيع بؤرة جذور الثورة العشرينية وإذلال ومعاقبة وحواضنها العشائرية التي أذاقت الانكليز حرارة غضبتها .
هنا الحقيقة التي تعمل على طمسها منصات وادوات و حسابات ومنظمات وملتقيات بدواعي الاحتفاء وايقاد الشموع والتهاني على حساب هموم امة يصادر جهدها بسطر من قلم مأجور ، او بيت شعر مكسور ، او صبغ منثور.
متناسين أن الصورة لم تثبت على شكل نظام معين ومتقلبة بأهلها من ( ملكي إلى وصاية الى انقلابي جمهوري ثم انقلابات ديكتاتورية وسلطة حزب ) حتى آل الحال الى (نظام ديمقراطي ، لا إله راس ولا رجلين).
القضية للجميع ان يعيد التفكير في كيف يُفتخر بتاريخ الوطن ، وما هو الوطني ، علينا ان نؤسس بشكل صحيح ، ونبدأ من تضحيات شعبنا وثورته ،فهي المعيار لقوام وقيام الدولة ، فلولا (التضحية) لم يخضع التاج الملكي الانكليزي ولن يخطوا خطوة بديلة لعنوان الاحتلال ، لذلك يجب أن يقترن التاريخ بأهله ، لا بحاكمية.
فكثيرون هم دعاة العهر ومزوري الأحداث ، والمواقف ،شوهوا الذاكرة لتغييب المؤسسين الذين رسموا التاريخ بإرادة وصناعة وطنية، بأفعالهم ،و خطاباتهم ،و دمائهم ليهل الوطن بهم عيداً ، لا كمن قُدر له المنازل ليعود كالعرجون القديم ، بصدف ملكية او ديمقراطية.