18 ديسمبر، 2024 11:14 م

ستضمحل الشعائر الدينية تلقائيا مع التغيير المنشود

ستضمحل الشعائر الدينية تلقائيا مع التغيير المنشود

هناك من الطقوس الدينية المذهبية يسبب من الضررالنفسي و الجسدي الذي ان ذكرناها و تكلمنا عنها يندى لها الجبين ان قارنا هذه الافعال بما العالم فيه و ان تكلمنا من هذا المنطلق عن الحياة العصرية و التطورات الحاصلة و ما يسير عليه العالم من النواحي الاجتماعية و الثقافية . فهناك امور استغلت لاهداف خارج مضمون و ما تهدف اليه العملية التي تحدث، اي استغلال شعيرة و طقس لاهداف سياسية بحتة لا علاقة لها باي شكل كان بالدين و المذهب وحتى الطقس ذاته .هذا ان نظرنا اليها بشكل عام وليس ما تخص مذهب معين او بلد ما . اما ما موجود في العراق يمكن تقسيمه الى النوعين؛ الدروشة و الصوفية التي ارتبطت بها شعائر مقززة من ضرب السيوف و بلع الزجاج و ما الى ذلك من الذبح عند السنة، و اللطمية و الزنجيل و التطبير عند الشيعة، كما هناك بعض الشعائر المتشددة عند بعض الاديان الاخرى في الشرق الذي هو منبع الاديان و المذاهب و الطرق الدينية .

اذا عدنا الى العراق صاحب اكثر عدد من المراقد الدينية و المذهبين و مقدساتهماو الطقوس و التفاصيل المعقدة الذي يسير عليها، و ان عدنا الى الماضي القريب، فاننا عشنا مراحل مع هذه الطقوس وفق ما تعامل معه النظام السياسي من جهة و مستوى الثقافة و التنوير و الاهتامات العلمية و المعرفية لدى المجتمع من جهة اخرى، اضافة الى الوضع الاقتصادي العام و مستوى المعيشة الذي تمتع بها الشعب في كل مرحلة من تاريخه . الصراع القائم منذ بروز المذهبين اكد للجميع مدى التزام احدهما بما يؤمن ووفق تشدده من هذا الطقس او ذاك الذي يرفض و يؤمن بغيرها، الا اننا لا نبالغ ان قلنا بان اكثرية المذهب الشيعي ملتزم بالكثير من الطقوس الذي لا يمكن قياسها شدة و التزاما و عددا بالمذهب السني الذي يرتبط نسبة معينة منهم فقط بما يمكن ان تفرض عليهم من الطقوس و الشعائر الخاصة بهم .

لقد دخلت السياسة في هذه المرحلة بشكل خاص في هذه الطقوس لاعتبارات سياسية مصلحية لا صلة لها بصلب الشعيرة ذاتها او دوافعها . ما حدث من بروز لهذه الشعائر فيما بعد سقوط الدكتاتورية ليس بامر طبيعي و لكنه رد فعل قوي لما كان الناس تعيش فيه مكبوتة و ممنوعة من اداء ما تؤمن بها من جهة ومن ثم فسح المجال فجاة بحرية مطلقة لاداءها من جهة اخرى، و استغلالها لاهداف سياسية و اقتصادية من جهة ثالثة .

لو قيٌمنا ما يفرض نفسه خلال هذه الطقوس و كيف يتدخل السياسيين في مسيرتها، و شاهدنا كيف يتوجه الساسة الفاشلين اليها اكثر من غيرهم لكسب مكانة و بروز من اجل هدف سياسي معين فقط، اضافة الى الالتزام بها من اجل كسب الاصوات الانتخابية . الدليل الذي يمكن بحثه كما شاهدنا؛ ان المالكي و خلال فترة حكمه الثمان سنوات لم نشاهده بشكل مباشر و واضح في اداء الشعائرالخاصة بالعاشور و الاربعينية، بينما اليوم و بعد ابعاده عن السلطة التنفيذية شارك بشكل مباشر في ركضة الطويريج و هو يلطم على راسه، عسى و لعل يكسب عطف الزوار و الجمع الغفير من المؤدين لابعاد الشبهة الفساد عن فترة حكمه و لكسب عطف الناس .

ان تكلمنا بشكل اوضح و موضوعي، يجب ان نعلن ان الشعائر الحسينية اصبحت عملية تحدي من قبل المذهب الشيعي و يتدخل فيها حتى الدول الاقليمية لاسباب خاصة، و من اجل فرض شيعية البلد من جهة و بيان الاكثرية الشيعية و المبالغة في اظهار العدد خلال اداء هذه الشعائر كما يصفونه بالمليونية من جهة اخرى، و من ثمة ابراز ما موجود للعالم لكي يتخذونه نموذجا يحتذون به من اجل التاثير على دولهم من جهة ثالثة، هذا اضافة الى اتخاذها سياسة توسعية للفكر و الاعتقاد و كوسيلة للسيطرة على المنطقة وبيان ثقلهم من اجل التاثير على الاخرين و بيان القوة في التعامل مع ما يجري في العملية و المعادلات السياسية المتفاعلة مع بعضها في هذه المنطقة . لم يشهد العراق في تاريخه من الزخم القوي لاداء هذه الطقوس في تاريخه كما نراه اليوم، ليس لكون الحكومات العراقية المتعاقبة كانت محسوبة على السنة لحد سقوط الدكتاتورية، و انما لبروز الصراع المذهبي بعد الصراع القومي و اختفاء الصراع الطبقي شيئا ما عن الساحة ، اضافة الى وجود دولة داعمة لها و هدفه الهيمنة على المنطقة و لها تاثيراتها و تستغل ما موجود لمصلحتها السياسية عن طريق المذهب التي اتخذته مسندا في سياستها الداخلية ايضا .

هل من المعقول ان نعتقد بان هذه الطقوس والشعائر ستزول و تضمحل من تلقاء ذاتها، عندما نتامل ما يجري و الواقع الثقافي العام و ما عليه المجتمع من السمات اننا نتشائم بداية، الا اننا لو تعمقنا في تقييم المجتمع العراقي و معرفة تاريخه نتاكد بان قوة هذه الاهتمام الشعبي بهذه الشعائر مجرد فقاعات سياسية و من اجل مصالح مؤقتة ، اضافة الى كونها افرزات نفسية لمجتمع مكبوت يريد بطريقة واخرى التنفيس لما فيه . و انه يغوره في سبر هذه الشعائر سيستفاد من كافة الجوانب النفسية و الجسمية ايضا ، و كمذلك في تحقيق الغرائز التي تفرض نفسها على الشباب و هم في لهفة و لوعة لما هم فيه من الوضع النفسي الجسمي الغريزي و يجدون الف طريقة و طريقة من خلال هذه الطقوس الدينية المذهبية لما يمكن ان يعبرون به و ينفذون ما يهمهم، و لبيان وجودهم و تحقيق ذاتهم، كما هو المعروف ان الوضع الاجتماعي للشعب العراقي البعيد عن وسائل الراحة و الاستجمام التي يحتاجون اليه يدفع الناس الى الغوص اكثر في هذه المهمة و المبالغة فيها .

هناك توقعات شتى لما يمكن ان يصل اليه المجتمع العراقي من هذه الناحية، الا ان هناك عوامل عدة يمكن ان يخفف من حدة و قوة و زخم اداء هذه الطقوس و المراسيم و الشعائر التي تعوض عن النقص الموجود في نفسية

الناس المغدورة و المظلومة في حياتها تلقائيا بمرور الوقت . ان تقدم العراق من الناحية الثقافية العامة و ارتفع المستوى الوعي العام ، و اتيحت للناس جميعا الوسائل الضرورية للراحة النفسية و الجسمية بشكل اوفر و اسهل من حصولهم عليها خلال هذه الطقوس، هذا ان ابعدنا عنها ايدي الخارجية المستغلة لها لمصالح سياسية عامة و ما يستفيدون منها لادراة الصراع في المنطقة نشهد تخفيف حدتها تدريجيا . و بالتقادم و التطورات المتلاحقة التي تفرض نفسها على الناس ان سارت الحياة العامة بشكل طبيعي و سلس، سوف يقل التلهف لمثل هذه الطقوس سنة بعد اخرى، و الخطا الكبير هو الامر بقطعها او منع الناس عنها بامر فوقي و اجباري كما فعل الدكتاتور السابق و منعها كليا، و على الرغم من ذلك استمرت الناس في ادائهم لها سرا في بيوتهم ايضا . ابعاد الطقوس عن السياسة ، ارتفاع مستوى الوعي، الابتعاد عن الخرافات، قراءة التاريخ بشكل واعي و واقعي، الاعتبار من الانظمة المتطورة و المجتمعات التقدمية، الاهتمام بالتربية و التعليم و ما يمكن ان يفيد في توضيح ما هو المضر و المفيد في هذه الطقوس و مضرة المبالغة بها قبل اي شيء اخر سيوضح الامر بشكل جلي للجميع .