يمتد تاريخ العراق الى الأف السنين، وارثه الحضاري غني عن التعريف، كذلك دوره الكبير في الحياة الانسانية منذُ ابونا ادم(عليه السلام) وليومنا هذا، العراق بلد الاوصياء والانبياء، وقد انتج الكثير من القادة والعلماء المعروفين بنتاجاتهم، والعراقيون يتميزون عن باقي العرب بالذكاء وسرعة التعلم.
ان الظروف القاهرة والادارات السيئة التي مرت على بلد ما بين النهرين، هي ظروف لم يتعرض لها اي بلد في العالم، وتحمل الشعب وما زال يتحمل الظلم والعوز والقهر وهو يمتلك اكبر الثروات الطبيعية.
لقد ابتلي اهل العراق بالقتل والدمار والاحتلال، كما ابتلي بالقادة والادارات السيئة التي كان تأثيرها لحد الان، وكل دكتاتور كان يحاول طرح سياسته الرعنا لطمس هوية البلد، وفرض هيمنته لاطول فترة ممكنة، غير مبالي لما ينتج من اثار جانبية هي في حقيقتها تفكيك لمكونات المجتمع وتشويه لنسيجه المتنوع، الا ان العراقيون كانوا في كل ما يمر عليهم يلملمون جراحهم وينطلقون في الحياة الانسانية مرة اخرى.
ان الارث الحضاري الكبير لشعب الحضارات يجعله قادراً على التمييز بين السياسيين وسياساتهم المختلفة، سواء كانت الخاطئة او الخاطئة والظالمة، فان السياسات الخاطئة او المنحرفة يمكن اصلاحها اذا تم تشخيص الاخطاء التي فيها لتصبح قريبة من الصواب، اما السياسات الخاطئة والظالمة فهي مقصودة وهادفة الى تمزيق وحدة المجتمع لتخدم اهداف القائمين عليها من الفاسدين، وسيقتص هذا الشعب من ظالميه، ومثلما يخلد رجاله العظماء فانه لن ينسى من ظلمه، وسيجري التغيير مهما كانت التأثيرات، وليس بعيداً من ذلك ما حدث في الانتخابات عام 2005 وقت كان البلد يخضع لسلطة الاحتلال وكانت صنادق الاقتراع محاطة بالدماء وقد اقبل الناس على الاقتراع رغم الظروف واعطوا كلمتهم بأختيارهم ممثليهم، وحتماً سيكون التغيير في الانتخابات القادمة، فالأربع سنين الماضية كانت كافية لتمييز من هو الاصلح ليتولى زمام الامور.
ان العراقيين معروفين بكرمهم واصالتهم وقوتهم، ولا يحتاج الشعب الا لشرارة بسيطة لكي يتوهج ويظيئ؛ ليس لنفسه فقط، وانما للمحيطين به ايضاً.