17 نوفمبر، 2024 7:28 م
Search
Close this search box.

ستراتيجية ترمب بعد ألانسحاب من سوريا

ستراتيجية ترمب بعد ألانسحاب من سوريا

فاجأ الرئيس ترمب العالم، بإعلان إنسحاب الجيش الامريكي من الأراضي السورية، وتمركزها في أربيل ،ومناطق أخرى من العراق كالبصرة والانبار، فماهي إستراتيجيته بعد هذا الإنسحاب، وماهو خطر الإنسحاب الأمريكي على العراق وسوريا،وإحتمالية عودة تنظيم داعش وإستثماره هذا الإنسحاب لصالحه،وأعادة تموضعه ولملمة فلوله من الأنفاق والمغاور والجبال ،ومهاجمته المدن المحررة ثانية في العراق،وماهو ردّ الحكومة العراقية ،على إعادة إنتشار الجيش الامريكي في المدن ، وخاصة هناك كتل برلمانية ولاؤها لإيران، تريد أن تصوّت في مجلس النواب ،على إخراج القوات الامريكية من العراق، وكيف ستواجه حكومة عبد المهدي ،معركة أردوغان في شرق الفرات ،التي ستشمل إجتياح الاراضي والحدود العراقية الشمالية، والدخول الى سنجار لطرد قوات حزب العمال الكردستاني منها ،والتي قال أردوغان بنفسه (( أن تركيا لاتسمح أبداً أن تصبح سنجار معقلاً للبككا مثل قنديل))، ولماذا أسرع الرئيس الايراني بزيارة تركيا ،والالتقاء بالرئيس رجب طيب اردوغان، هل هو إستشعر بالخطر الامريكي بقرب إعلان الحرب العسكرية على ايران ، وضمان تحييد تركيا في مثل هذه الحرب ، هذه الاسئلة وغيرها، هي ما تقلق الشارع العراقي، في وقت يشهد العراق ،أزمة حادة وفشلاً كبيراً في تشكيل حكومة عراقية ،تواجه التحديّات الكبرى التي تعصف بالمنطقة ، ناهيك عن سوء في تقديم كافة الخدمات للمواطن العراق ،بسبب الفساد الأكبر في تاريخ العراق،نقول أن الاستراتيجية التي يعتمدها الرئيس ترمب بعد الإنسحاب الامريكي من سوريا، هي تنفيذ الصفحة الثانية من العقوبات الاقتصادية التأريخية الاقسى على ايران، وهي الإستعداد لشن هجوم عسكري بريّ أمريكي على إيران في اذار القادم،يشابه السيناريو الامريكي العسكري على العراق، وربما بنفس التأريخ ، والدليل ، التحشيد الامريكي العسكري الهائل في المنطقة، وتزويد تركيا لأول مرة ،بصواريخ باتريوت ،ووصول البوارج الحربية وحاملات الطائرات الامريكية والاوروبية ،الى البحر المتوسط والخليج العربي و مضيق هرمز ، وإستعدادات الباتريوت في المنطقة ، وغيرها ، بعد ان انهت الادارة الامريكية تأسيس تحالف دولي وعربي أكبر من التحالف الذي غزت به العراق، كان آخره الناتو العربي العسكري، وناتو دول البحر الاحمر، هذا في المجال العسكري، أما في المجال السياسي ،فإن الإدارة الأمريكية ،لديها أكثر من ورقة تلعّب بها، لتحشّيد الرأي العام العالمي، ضد إيران وأذرعها في المنطقة ، ففي اليمن أنجز مجلس الامن الدولي، فرض شروطه على عصابات الحوثيين الانفصاليين،وجاءت بهم الى طاولة التفاوض ،ووقف الحرب وتسليم الأسلحة وتسليم المدن للحكومة الشرعية، ثم أنهت خطر داعش والمعارضة السورية وفصائلها في سوريا ، وأبقّت على النظام ، علماً أن تنظيم داعش الآن هو الورقة الكبرى، التي يلوّح بها الرئيس ترمب ،لإبتزاز خصومه، ودول الخليج العربي والعالم، خاصة وإنه أعلنها صراحة يوم أمس حين قال( بأننا لن نقاتل نيابة عن الاخرين وندفع الدماء بدون مقابل ) ثم قال ( على الاخرين أن يقاتلوا وحدهم في سوريا)،وفي الحقيقة هو لن ينسحب من سوريا ،وإنما يمارس الخدعة الامريكية، في إحراج وإجبارالآخرين على الانسحاب، وهكذا ،اليوم طالب الرئيس الروسي بوتين من إيران الإنسحاب من سوريا ، بمعنى أن أمريكا تمارس التكتيك العسكري، لأن التواجد الامريكي في سوريا والعراق هو تواجد إستراتيجي ،لايمكن التخلي عنه مهما كان الثمن ، للموقع الجيوسياسي للعراق وسوريا في المشروع الامريكي الشرق الاوسط الكبير، ومارس ترمب خدعة أخرى ضد خصومه في سوريا والعراق، قائلاً( أن داعش إنتهى في سوريا والعراق) ،في حين يتفق الجميع أن داعش لم ينته عسكريا ،فهو في الصحراء وعلى الحدود، وفي الانفاق والوديان بين سوريا والعراق، ويقوم يوميا بعمليات إجرامية وهجومات منفردة ،على نقاط السيطرات ومعسكرات الجيش وتلاحقه القوات العراقية والسورية والطائرات،وهكذا يفصح الرئيس ترمب أن لديه سيناريو أكبر من سيناريو غزو العراق، وهناك أكثر من مؤشر على قرار الانسحاب الامريكي ،أن وراءه حدث كبير ، منه الاتفاق الامريكي – التركي بعد المكالمة الهاتفية بين الرئيس ترمب والرئيس أردوغان قبل ايام ،بإطلاق يد الجيش التركي في شرق الفرات والمدن والاقضية السورية ،التي تسيطر عليها قوات الخاصة الكردية (قسد) في صفقة امريكية تركية واضحة وحتى الاتفاق مع اردوغان تسليم فتح الله غولن لتركيا، والتي وصفت (قسد) هذا الإتفاق بانه (طعنة في الظهر الكردي) ، وعلى إثرها صرح الرئيس اردوغان بأنه (سيجتاح معاقل حزب العمال الكردستاني ولن يقبل ابداً بتحويل سنجار الى قنديل ثانية مهما كلف الامر) ، وسط صمت رسمي وإعلامي عراقي، حتى بعد ان قامت الطائرات التركية بتدمير وقصف معسكرات البككا في سنجار ومخمور وقنديل وغيرها، وإكتفت بإستدعاء السفير التركي، لتقدم له إحتجاجاً خجولاً ،لايرقى الى الموقف المتشدد المطلوب، ووسط هذا الإستعداد التركي والأمريكي لمرحلة مابعد الانسحاب ، طار الرئيس الايراني في اليوم الثاني الى أنقرة بزيارة سريعة ومفاجئة غير معلنة ،ليلتقي فوراً بالرئيس أردوغان ، ويطّلع على آخر الاتفاقات التي أبرمها أردوغان مع ترمب ،في إعادة تشكيل خارطة المنطقة ، وهنا نقول بكل وضوح وأزاء مانراه ونحلّله ونراقبه ،أن المنطقة مقبلة على تغيير جيوسياسي جديد ، على غرارسايكس – بيكو نسمّيه مجازاً إتفاقية ترمب –أردوغان ، ومعطيّات هذا التحليّل ،عدة تصريحات علنية وإستفزازية للعراق للرئيس أردوغان وحكومته،منها إعادة الموصل الى تركيا كإحدى خيارات تركيا في إعادة الاستفتاء ،الذي سينتهى مفعوله السابق عام 2023، والذي جرى كما يقول أردوغان تعسفياً ضد الدولة التركية العثمانية، التي كانت تسمى بالرجل المريض في المنطقة ، في حين يريد ترمب إعلان الشرق الاوسط الكبير، وتفتيت وتفكيك المنطقة بضوء مشروع برنارد لويس ( تقسيم المنطقة كلها على أسس عرقية وطائفية وقومية واثنية)، وهو مارأيناه متجسداً في السيناريو الامريكي في العراق، منذ الغزو الغاشم ولحد الآن،وإحدى أهم هذه الخيارات الملحة الآن، هي غزو واسقاط النظام الايراني، كمدخل لتفتيت المنطقة كلها، وقد بدأ هذا السيناريو في إعلان الحصار التأريخي لمنع ايران من تصدير نفطها الى العالم، وفرض عليها حصار إقتصادي قاس جدا وتحجيم أذرعه وميليشياته في المنطقة، وما تمديّد فترة إستيراد الكهرباء والغاز للعراق من ايران لمدة ستة اشهر اخرى، إلاّ اشارة واضحة على إصرار الإدارة الامريكية، لتطويق حصارها الاقسى من جميع الجهات، بما فيها تركيا وأوروبا والصين وغيرها ،أما حكومة بغداد فإنها واقعة تحت مطرقة المرشد الاعلى خامنئي ،وسندان الرئيس ترمب ، وهذا واضح في فشل أجنحة إيران فرض فالح الفياض وزيرا للداخلية، على بقية القوائم المعارضة، وبالنتيجة فشل جميع القوائم بإخراج العراق من أزمته السياسية، وإنهاء ملف تشكيل الحكومة ، والذي نراه لن يحسم إلاّ بساستقالة عادل عبد المهدي واعلانه الفشل ن والعودة الى المربع الاول، في وقت تتصّاعد حِدّة التصريحاّت الساخنة، بين تيار الصدر وقائمة الفتح ودولة القانون، حول رفض توزير الفياض، والتي من الممكن تؤدي الى إعلان حرب بينهما ، تشمل محافظات الجنوب كما تريدها ايران ، للإلتفاف على العقوبات ،وإيجاد مبررات التدخل ،وإستثمار الصراع لصالحها ، الوضع العراقي أوهن من بيت العنكبوت، ، إذن وأزاء هذا المشهد المعقّد والمنهّار سياسياً، والأوضاع المنهارة خدمياً وأمنياً في محافظات الجنوب ، والتغوّل اللامحدود للميليشيات الخارجة عن القانون ،في المحافظات المحرّرة والتي تتزّيّا بزّي الحشد الشعبي،ّ وتتحدّث بإسمه، وتنفّذ جرائمها بسلاحه، وتستحوّذ على أملاك المواطنين والدولة بالقوّة، والتي أطلع عليها نواب الموصل رئيس الوزراء، دون ان يستطيع فعل أي شيء تجاهها ، فأن العودة للمربع الاول قائمة ،وإستثمار داعش ،لمثل هذا الأعمال واردة جداً، وكأننا تماماً في أيام ما قبل سيطرة داعش على الموصل ،نحن بكلِّ الأحوال، أمام منعطف تأريخي خطير، تنفذّه أمريكا في المنطقة ….  

أحدث المقالات