مفاجآت المشهد السياسي العراق تتعاقب بسرعة ,رغم إن المهم منها كان متوقعاً فالتغيير في رئاسة البرلمان ورئاسة الجمهورية لم يكن غريباً, والشخصيات التي تبوأت تلك المناصب كانت متوقعة ,وكذلك تغيير رئاسة الوزراء كانت منتظرة. لكن الذي لم يكن متوقعاً هو تسمية الدكتور حيدر العبادي لهذا المنصب ,لا لعدم كفاءة وإنما لهرمية حزب الدعوة وصفه الأمامي في القيادة .وكم كان جميلاً لو هنأ السيد نوري المالكي خلفه .وتمنى له الموفقية وأبدى إستعداده لمد يد العون والمساهمة في حل أزمات العراق. التي كان سبباً مباشراً للعديد منها إن لم يكن أغلبها. ولكن هؤلاء هم ساسة العراق همهم السلطة والحكم لا مصير الشعب وضياع الوطن. فهذه الأخلاق السياسية العراقية والعربية.
كان المفترض أن يكون إنتقال السلطة سهلاً ليناً لا تهديداً وتلويحاً بالقوة والدم. لكنّها المراهقة السياسية التي عودنا عليها هؤلاء .
إن ما حققته داعش على أرض الواقع بعد سقوط الموصل وصلاح الدين وإستيلاءالإرهاب على أسلحة ومعدات عسكرية أمريكية حديثة جعلت داعش القوة الأكبر, التي هددت كردستان وتقدمت في سنجار وجلولاء وكركوك.وها هي تهدد خانقين. فكشف هذاالمراهقة السياسية للسيد مسعود البارزاني الذي هلل وكبر بعد سقوط الموصل وإحتل الأراضي المشتركة والمختلف عليها وفق المادة 140 فإحتلت البيشمركة كركوك. وظن إن الأيام إبتسمت له. ولم يدرك الخطر المحدق بالكرد والأقليم .وسرعان ما إستفاق من الصعقة .فراح يستجير بأميركا والإتحاد الأوربي لنجدة الإقليم من تقدم داعش .الذي سيحرق الأخضر واليابس. فهب تستهدف أربيل وكركوك من عدة محاور. ولن تنفع البارزاني الأسلحة الخفيفة والمتوسطة التي تأتيه من أمريكا. فلن توقف تقدم داعش التي تسلحت بالأسلحة الأمريكية التي غنمتها, بعد فرار كنبر وعلي غيدان وزمرة الضباط الجبناء ,الذين يسروا لداعش بمباركة كردية أمريكية سعودية إسقاط موصل وتكريت ومناطق من ديالى والأنبار .وإن كان يظن إن هذه الأسلحة ستحقق له طرد داعش ومن ثم إعلان إستقلال الإقليم كما بشر وهدد وتوعد .فهو سياسي مخطئ مراهق , فلا مناص له وللأقليم إن أراد السلامة سوى التلاحم مع بقية مكونات العراق . فداعش تتحرك بجيوش نظامية مسلحة بأسلحة وقدرات قتالية عالية شرسة ولا مجال للخلاص إلا بوحدة العراقيين وتكاتفهم ولحمتهم.فهم وحدهم من بيدهم الحل .إن صفت النية وإبتعد مراهقو السياسة عن المشهد .وهم القادرون على بناء الدولة المدنية الحديثة بعقد إجتماعي جديد ,بعيداً عن الطائفية والعنصرية.ولكني لا أظن أحداً منهمسيستمع لصوت العقل. فآخر صرعاتهم السياسية المراهقة هو الخلاف على الكتلة الأكبر ودستورية تكليف السيد حيدر العبادي بتشكيل الوزارة,والذهاب للمحكمة الأتحادية لتبت بالأمر.فعن أي محكمة يتحدثون؟ ومن أي قضاء يسألون المشورة ؟ فواللهِ هذا هو المضحك المبكي؟والكل عارف بحال القضاء.
ستتشكل الوزارة حتماً وبدون السيد المالكي ,الذي سعى بقدمية للخسارة رغم النصائح من الجميع. فلم يستمع إلا من مستشارين بحاجة لمن يشير عليهم بأتفه الأمور. ستتشكل الوزارة ولكن بعد جهد جهيد وإرباك للأمن وخسائر أكبر وربما بدمٍ أغزر.
والأمر ذاته بالنسبة للساسة الشيعة والسنة فإن ظن الساسة السنة إن إحتضانهم لداعش وتوفير الأجواء لها ومساندتها بالسر والعلن سيحقق لهم المراد والطموحات غير المشروعة , فهم واهمون بلا شك وكذلك الساسة الشيعة الذين ينحون منحاً طائفياً والتركيز على أحقيتهم بإدارة الدولة دون مشاركة الآخرين محتجين كونهم الأكثرية .فإن حدث وجرى التقسيم, الذي هو هدف داعش ومن وراءها فإن مصير الشيعة سيكون الضياع والحصار والمقاطعة من كل دول الجوار إن إنفردوا بإقليم فسيحرمون من المياه والأجواء وستغلق بوجههم أغلب المنافذ الحدودية وكذلك الممرات المائية والموانئ .فالكل خاسرون .فداعش حليفة للشر ولا غير الشر حليف لها , وما حدث في سوريا شاهد على ما نقول.
ستتشكل الوزارة وربما بعد خراب أكبر ودماء أغزر ربما بعد ضياع كركوك أو بغداد أوخراب البصرة . اللهم إحفظ العراق.