حرب وأزمة الأنبار التي بدأت في ( 27 ) ديسمبر عام ( 2013 ) كانت آخر طلقة في جعبة دولة رئيس الوزراء العراقي الأسبق السيد ( نوري كامل المالكي ) قبل نهاية حكمة ، لم تحقق إي تقدم حقيقي على صعيد وقف إعمال العنف التي تحصد أرواح الآلاف من العراقيين لحد هذه اللحظة ، وتدفعهم الكثير منهم للهروب والهجرة والنزوح إلى مناطق آمنة في داخل العراق وخارجه , وإذا حققت تقدما طفيفا على صعيد شعبيته إمام أسياده ، فان الهجمات تضاعفت وتعددت في جميع بقاع الأرض في العراق ودول الجوار ، لان الذين يقفون خلفها انسحبوا إليها , والنار إلى أشعلها دولة الرئيس السابق في ثوب ( الأنبار ) قبل سبعة أعوام ونصف العام وأكثر .. قد تصل في المستقبل القريب داخل البيت ( الابيض في امريكا ) وهذا ما تفسره المجازر واغتيالات والتفجيرات والتهجير وهدم البيوت والمباني وفقدان البنى التحية , السيد المالكي ترأس حكومتين مهلهلتين ، عاشت عزلة غير مسبوقة ، ولم تحظى بأي تأييد حقيقي في أوساط اقرب الحلفاء إليها ، فنصف وزرائه إما مهمشين رسميا أو مقاطعين لأسباب متعددة وتلك الحكومتين لم تحقق المصالحة الوطنية وتعكس جميع ألوان الطيف السياسي العراقي أو معظمها , وهناك شبه إجماع في أوساط المسؤولين الأمريكيين على فشل السادة السياسيون في مهمتهم ، فجميع وعوده في تحقيق الأمن ، وانجاز المصالحة الوطنية ، ودفع عجلة التنمية لم تترجم عمليا على الأرض ، بل ما حدث هو العكس تماما ، إلى جانب انسحاب الكتل السياسية الفاعلة من الحكومة وعدم تفاعلهم مع حكومة بغداد ، قوة قادة أهل السنة في العراق اليوم تتجسد في ضعفهم ، وعدم وجود إي بديل مناسب أو حتى غير مناسب لهم ، وهذا هو سبب الارتباك الأمريكي تجاههم ، وخرج بعض قادة الأمريكان بتصريحات علنية قال فيها إن التقدم السياسي في العراق خلال
( 18 ) سنوات الماضية مخيب للآمال ، وان الدعم الأمريكي لحكومة العراق ليس صكا على بياض ، ولكن هؤلاء جميعا لا يملكون غير الكلام وترديد ما يردده معظم المراقبين ، ويبدون عاجزين تماما عن فعل إي شيء , العملية السياسية الحالية التي جاءت بحكومات ضعيفة وهم أيضا الذين يديرون شؤون بلادهم , فالديمقراطية المزعومة باتت مرتبطة في أذهانهم بالخديعة وانعدام الأمن ، وتصاعد إعمال العنف والإرهاب ، والحرب الأهلية الطائفية والتطهير العرقي ، والميليشيات الدموية ، وفرق الموت ، والتعذيب والبطالة وملايين الشهداء والهجرة منذ قدوم قوات الاحتلال الأمريكي , العراقيون في الماضي كانوا ينخدعون بكلمة الديمقراطية والانتخابات العامة الحرة ، التي أدمن المسؤولون الأمريكيون ترديدها ، لأنهم اعتقدوا أنها ستجلب لهم الأمان والرخاء ، ولكن بعد إن شاهدوا ما حل في بلادهم من خراب وتمزيق ، وبعد أن رأوا الساسة الفاسدين الذين أنجبتهم الانتخابات وعمليات النهب العلنية التي مارسوها لثروات البلاد ، كفروا بهذا المصطلح ، وباتوا يحنون ، أو معظمهم إلى أيام الدكتاتورية ، فلماذا يتشرد خمسة ملايين عراقي نصفهم لجأ إلى دول الجوار ويعيشون في ظروف صعبة ومؤلمة ، ويغادر أكثر من مليون ونصف الملون مواطن من مدن ( الأنبار ) حسب إحصاءات الأمم المتحدة بسب حرب طائفية ومع أسفنا الشديد وراح ضحية المعارك في كافة مدن الانبار الآلاف من المواطنين من الشعب العراقي وجرح عدد كبير منهم , وإذا كان الأمريكيون والأوروبيون الذين أيدوا ( احتلال العراق ) وتغيير نظامه حريصين فعلا على الشعب العراقي مثلما كانوا يرددون دائما ، فلماذا لا يفتحون أبواب بلادهم لاستيعاب النازحين ، أو تخصيص معونات كافية لتوفير لقمة العيش والخدمات الأساسية لهم في الدول المجاورة , الرئيس بايدن الجديد الحالي يبحث عن كبش فداء لسياساته الفاشلة في العراق ، ولذلك يلقي بالمسؤولية وعلى الشعب العراقي نفسه ، وكأن هذا الشعب في أفضل أحواله ويملك أدوات التغيير ، مثله مثل الشعب الأمريكي ، الذي يملك مؤسسات دستورية راسخة ، وحريات ديمقراطية متجذرة ، وصحافة حرة