من نعم الله تعالى في الحياة الدنيا وجود الوطن وقد عُرفت البشرية منذ العصور القديمة بحبها واعتزازها ودفاعها عن أوطانها وإنها تدفع عن أوطانها كل أنواع السيطرة عليها من قبيل الاحتلال أو التدخل من قبل الدور الأخرى وهذا واجب وطني واجتماعي وديني كما جاء في الحديث حب الوطن من الدين, وما نلحظه اليوم من اعتزاز الأوطان بحضارتها وقدمها على وجه المعمورة دليل واضح على إن الوطن له مكانه خاصة في نفوس أبنائه.
ومن النعم الأخرى التي انعم الله تعالى بها على البشرية هي اتساع المعمورة وكثرة الأوطان على وجه الأرض لكي تشمل جميع البشر ليعيش بها الإنسان بكرامة وحرية وأمان.
ولكن توجد هنالك بعض الدول التي تحاول ان تكون دولة عظمة وصاحبة نفوذ وتسلط بحيث تجعل من بعض الدول الأخرى تابعة لها وعاملة تحت رعايتها وتحاول ان تُهيمن وتتسلط على بعض البلدان التي يصيبها الجوع او تنهكها الحرب او تستشري فيها الطائفية او القتال، بكل ما تتيحها لها الإمكانيات والفرص وهو أمر طبيعي وربما لا يقع اللوم على الدول المتسلطة بقدر ما يقع على أبناء تلك الدول التي يخضع ويخنع أبنائها للعمل لغرض تنفيذ مصالح الدول الأخرى على حساب أمن بلدهم أرضا وشعبا ووطنا!؟.
وما شهده العراق وتحديداً بعد سقوط النظام البعثي في العراق سنة 2003م من هجمة شرسة على العراق ومن كل الدول المجاورة وغيرها مع ما وقع على العراق من احتلال وخراب أطال جميع المؤسسات وألبنا التحتية ومن فضوى أتاحت الفرصة للدخول إلى العراق بسهولة ويسر، وأيضا دخلت العراق مع المعارضة العراقية التي كانت في الخارج ثقافة التعامل مع الدول المجاورة وغيرها وسهولة الارتباط بها والعمل تحت مشورتها واطلاعها مما ولد لدينا اليوم في العراق جهات ومؤسسات وتنظيمات تبعية تعمل لصالح دول أخرى وتنفذ أجندات خارجية كما هو واضح للجميع, يكون الهدف منها هو تنفيذ سياسة خاصة لدولة معينة ويكون الضحية فيها والخاسر الأكبر هو الشعب العراقي وتحت مسميات وأفكار لا تنطلي على المتتبع البصير.
فتحت ذريعة مقاومة الاحتلال قامت الدول المجاورة بإعداد قواعد ومجاميع تابعة لها وتأتمر بأمرها وأصبحت لتلك المجاميع نفوذ وسيطرة على كثير من المدن والمؤسسات مما ولد لها ترسانة مالية قوية يصعب مقاومتها أو زعزعتها مما يسبب في خلخلة النظام والأمن في البلاد وكل ذلك بدعم من دول الجوار وتنفيذ أبناء البلد!؟
وتحت ذريعة الدفاع عن المذهب ولد لنا صراع طائفي مقيت بين أبناء البلد الواحد راح ضحيته الكثير من الأبرياء العزل فالدول السنية تدعم وتنظم أبناء المذهب السني مما ولد لنا تنظيم القاعدة والتنظيمات الإرهابية الأخرى، وفي المقابل الدول الشيعية تدعم ونظم أبناء المذهب الشيعي مما ولد لنا ظهور مليشيات مسلحة من اجل ان يتصارعوا ويتقاتلوا فيما بينهم وما ذلك لأجل المذهب فحسب بل لأجل مصالح سياسية ومطامع دنيوية لا غير وكل ذلك بدعم من دول الجوار وتنفيذ أبناء البلد!؟
وغيرها من التدخلات الاقتصادية والاجتماعية، وأنا هنا لا اُلقي باللوم على تلك الدول وحدها فحسب فان لكل دولة سياسية خاصة تحاول تعمل عليها من اجل الحفاظ على تواجدها ومركزيتها وتسلطها في المنطقة ولكن اُلقي باللوم على أبناء بلدي الذين جعلوا من العراق بلد يعمل تحت وصاية ونفوذ الدول المجاورة وهذا مما لا مبرر له ويجب عليهم ان لا يكونوا أداة بيد غريهم.
ولكي نحافظ على هويتنا الوطنية يجب علينا ان نكون على قدر المسؤولية الملقاة على عاتقنا وان نميز بين ما يكون هدفه خدمة الدين فلا مانع من العمل تحت اطر خارجية مما يحتمه عليك مذهبك أو دينك فأنت كعراقي لك الحق في ان ترتبط في أمور دينك مع الدول الأخرى فالمسحي له الحق في ان يرتبط شؤونه الدينية مع الفاتيكان والسني أيضا له الحق في ان يرتبط مع الأزهر أو الهيئات الدينية الأخرى فيما يتعلق بأمور دينه وأنا كشيعي لي الحق في ان ارتبط مع إيران مثلاً فيما يتعلق في قضاياي الدينية، وهذا أمور متاح للجميع ولكن ان تتحول تلك الارتباطات إلى تنفيذ أجندات وسياسات خاصة فهذا غير مقبول ولا يحق لأي شخص العمل تحت أي مسمى باسم الدين أو المذهب ويقوم بتخريب العراق وإشاعة الفوضى فيه. ويجب علينا ان نلحظ مصلحة البلد أولا وأخراً فان كل ما يحدث في العراق اليوم هو بسبب الدول المجاورة لنا وتدخلها السافر في شؤوننا ولو أغلقت الحدود وأحكمت بصورة جيدة لاستطاع العراق ان يسيطر على أزمته الأمنية خلال أشهر معدودة.