سبايكر مجزرة في ذاكرة الوطن وجرح لم يندمل عبر التاريخ

سبايكر مجزرة في ذاكرة الوطن وجرح لم يندمل عبر التاريخ

سبايكر ذلك الجرح العميق في ذاكرة العراق المعاصر لا يمكن أن يُمحى من التاريخ مهما تعاقبت السنين ففي ١٢ حزيران من عام 2014 وعلى وقع الانهيار الأمني والسياسي
الذي شهده العراق بعد سيطرة تنظيم داعش على مدينة الموصل وسقوطها كان خليط بين الإهمال والفساد والمؤمرة . ارتُكبت واحدة من أبشع الجرائم في العصر الحديث جريمة لم
تكن فقط فعلاً إرهابياً بل كانت إعلاناً واضحاً عن الكراهية الطائفية بأبشع صورها.في قاعدة سبايكر العسكرية بالقرب من مدينة تكريت تم أسر آلاف الطلبة العسكريين معظمهم
من المحافظات الجنوبية ومن أبناء المكوّن الشيعي وقد سلّموا أنفسهم بعد وعود بالأمان من قبل بعض من تصدّر المشهد حينها لكن تلك الوعود كانت فخاً قادهم إلى الذبح
الجماعي حيث تم اقتيادهم إلى مناطق نائية وتمت تصفيتهم بدم بارد وتم تصوير المجزرة وتوزيعها على نطاق واسع لتكون رسالة رعب وإهانة وكسر للإرادة .لم يكن داعش وحده
من نفذ الجريمة فهناك شهادات وتحقيقات تحدثت عن تعاون بعض الأهالي مع الجناة عن سبق إصرار بدوافع طائفية أو وهم استعادة نفوذ سابق أو بدافع الانتقام السياسي كل ذلك
حدث في غياب الدولة وغياب الضمير سبايكر لم تكن مجرد مجزرة بل كانت لحظة سقوط أخلاقي وإنساني لكل من برّر أو سكت أو شارك بصمت في تلك الفاجعة وقد خلفت
المجزرة جراحاً نفسية واجتماعية عميقة في نفوس عائلات الشهداء وفي المجتمع العراقي بأكمله كما كشفت عن هشاشة التعايش وأظهرت إلى أي مدى يمكن أن تصل الانقسامات
حين تغيب الدولة وتُستبدل بالولاءات الضيقة.

اليوم وبعد مرور أكثر من عقد على المجزرة ما زالت تداعياتها قائمة وما زالت عائلات الضحايا تنتظر العدالة الحقيقية رغم محاكمات جرت وإدانات صدرت إلا أن الإحساس
بالظلم والخذلان لم يُمحَ من قلوبهم

سبايكر ليست صفحة تطوى بل درس مرير يجب أن يُدرّس للأجيال القادمة حتى لا تتكرر الفواجع تحت أي مسمى أو شعار وعلى الدولة العراقية أن تجعل من هذه المأساة بوابة
حقيقية لبناء دولة المواطنة والعدالة والكرامة بعيداً عن الطائفية والكراهية والانتقام فالدم العراقي يجب أن يكون خطاً أحمر لا يُسمح بتجاوزه مرة أخرى . تلك المجزره الرهيبه باقية
بذاكرة التاريخ ولن تزول بمشهدها الدموي لدى اغلب الشعب العراقي .

أحدث المقالات

أحدث المقالات