23 ديسمبر، 2024 4:24 ص

هي المرة الثانية التي أزور فيها أذربيجان ، وبالذات عاصمتها (باكو) . كانت المرة الاولى بتاريخ (13/10/2015) وعند العودة الى بغداد ، كانت (الحقيبة الصحفية) مليئة بالالتقاطات والصور . كنتُ وحدي . تجولتُ وحاورتُ وكانت قمة نشاطاتي هناك : التوجه نحو (جامعة أذربيجان للغات) . هناك إلتقيتُ البروفيسور (سلمان نورييف) رئيس قسم اللغات الاجنبية في تلك الجامعة . وعند العودة ، كتبتُ في جريدة الزمان بتاريخ (8/11/2015) ، تقريراً موثقاً بالصور تضمن أهم نشاطاتي في باكو وضواحيها ، وكان تحت عنوان : (اسبوع في باكو – مدينة جميلة ، بلا شوارع مغلقة ، ولم أسمع فيها صوت مؤذن) . ومضت الأسابيع والشهور ، وبقيت وقائع زيارتي لهذا البلد ، مجرد ذكريات توشك ان تنام على وسادة النسيان . ولكن الى حين ..
الزيارة الثانية
توقظ الذكريات
وحل شهر مايس / 2016 ، وعزمتُ على السفر الى خارج العراق . وفي نهاية ذلك الشهر كنا نقترب من شهر رمضان . ولان أذربيجان بلد اسلامي ، توقعتُ التحديدات ذات الصلة بشهر رمضان . لذلك اتصلت بشخصية أذرية تدرس في النجف وسألته عن ذلك ؟ فأجابني بان باكو لا تختلف عن أيّ مدينة أُوربية أخرى . وهكذا حزمتُ حقائبي وتوجهتُ لمطار بغداد في طريقي الى باكو ضمن مجموعة سياحية . ساعتها كانت الطائرة العراقية الضخمة تشق طريقها في الفضائات العالية , واتصورها في سباق مع الشمس المسرعة نحو المغيب . وصلنا مطار (حيدر علييف) قي الساعات الاولى من ليلة الخميس على الجمعة ( 2/ 6 / 2016 ) . هنا استيقظت الذكريات النائمة . وكنتُ حريصاً على أن أُفعَّل علاقات قديمة , وأن أُنشئ علاقات جديدة . كما حرصتُ على زيارة أماكن جديدة لم أزرها سابقاً . وهو ما حصل .. .
أرض النار والرياح ..
( باكو ) تعني مدينة الرياح . وفي كتيب سياحي وُزَّعَ علينا في الفندق الذي اقمنا فيه , جاء مايلي على غلافة الاول , وباللغة الانكليزية :
(مَرْحباً بكم في ارض النار Welcome to land of fire) وهذه الصفة مثيرة للاستغراب . فعلى العكس من ذلك ، وجدنا مدينة جميلة ، مزدانة بالخضرة ، نظيفة ، هواؤها عليل ونقي . ويصح ذلك على مختلف المدن والأرياف الآذارية .
نفوس أذربيجان : تسعة ملايين وتسعمائة وخمسة وثلاثون الف نسمة حسب تعداد عام (2012) . مساحتها : (86600) كيلومتراً مربعاً . العاصمة (باكو) تقع في الشمال الغربي من أذربيجان .
المرشد السياحي (الحاج محمد) يوصلنا للفندق ، يودعنا ، في ساعة متأخرة من ليلة الوصول . وفي صباح اليوم التالي بدأت وقائع الرحلة المثيرة كما أتصورها .
وأول ما فاجاءنا ، عندما أردنا الحصول على عملتهم (ألْميناتا) ، انخفاض سعر هذه العملة في نهاية العام الماضي ، كان سعر التحويل كالتالي : كل مائة دولار أمريكي تعادل (102) ميناتا . أَمَّا الآن ، فان كل مائة دولار أمريكي تعادل (150) ميناتا . أي أن عملتهم إنخفضت بنسبة (50%) . رغم أنهم بلد نفطي . لكن ذلك في صالح الزائر الاجنبي .
القلعة والمعبد الهندي
مع الشاب العراقي الكردي ، فلاح ، وهو دليل سياحي (شاطر) ، توجهنا نحو القلعة القديمة في وسط باكو وكذلك نحو المعبد الهندي . قال الدليل : في القرن السابع عشر جاءتْ مجموعة من الهنود واستقرت في باكو ، وبنوا هذا المعبد . المعلومة غير كافية وغير موثقة : لماذا جاؤوا ؟ ولماذا استقروا ؟ ! . على أية حال تجولنا في أرجاء المعبد والتقطنا الصور .
توجهنا بعد ذلك نحو القلعة وبرجها العالي المبني بالطابوق ومن شروحات الدليل ، ومن المصادر ذات الصلة ، علمنا ان هذه القلعة وبرجها العالي ، واحدة من قلاع وأبراج عديدة ، بُنيت لاغراض دفاعية . في باحة القلعة اكشاك تبيع السلع والمنحوتات القديمة إشترينا وصوَّرنا .
جامع (بي بي هَيْبتْ)
زرنا جامع (بي بي هَيْبتْ) . ويضم مرقدها وبناتها الثلاث . قرأنا الفاتحة وصوَّرنا ، بعدها توجهنا الى ساحة المراسم الاحتفالية ، حيثُ يخفق بارتفاع عالٍ ، العلم الاذربيجاني . الساحة تُؤَدى فيها المراسم الاحتفالية . ثم توجهنا الى معرض المصنوعات اليدوية (السجّاد) وهو قريب من الساحة . بعد ذلك توجهنا نحو (البازار) ، وهو سوق خارج باكو ، وكان البازار موضع رضا وفرح العديد من السيدات العراقيات في المجموعة ، مما دعا الدليل الى تكرار زيارة السوق بناء على الحاحهن ؟ ! .
ساحل البحر
والابراج الثلاثة
من الاماكن الجميلة في باكو : ساحلها النظيف الأخضر ، حيث المقاهي والمطاعم ومرسى البواخر السياحية ، و (مول) البوليفار الكبير . وفي الساحل تشمخ ثلاثة أبراج ، حديدية الهيكل ، ولها شكل البطريق .. وحيثما تكون في باكو نشاهد هذه الابراج .
زُها حديد : الغائب الحاضر
من المعالم المهمة في باكو : متحف حيدر عِلّييف . بناءٌ غريب لافت للنظر . ويتوجه نحوه السوّاح العراقيون لغرابته ، ولأن مصممته ، العراقية الراحلة : زُها حديد . هنا تكون المرحومة زُها : الغائب الحاضر . وقصدتُ مكتب الخطوط الجوية العراقية , ومقرها في (دامرجي تاور) . هناك التقيتُ مدير المكتب ( أبو زينب ) , والعاملة فيه الأذربيجانية (كوليزار) .
في جامعة أذربيجان .. ثانية
يوم ( 8 / 6 / 2016 ) , كان يوم تجوال حر . لذلك قصدتُ جامعة أذربيجان , في زيارة هي الثانية خلال اقل من عام . اتصلتُ هاتفياً بالدكتورة ( عَلَوية حسينوفا ) , رئيسة قسم اللغة العربية بالجامعة . ورتَّبتْ لي لقاءً مع رئيس قسم اللغات الأجنبية بتلك الجامعة , البروفيسور (سلمان نورييف ) , وهو في نفس الوقت رئيس قسم اللغة الانكليزية . كان تخاطبنا باللغة الانكليزية , وأحياناً باللغة العربية بمساعدة الدكتورة علوية . سلمتُهما (البروفسور سلمان والدكتورة عَلَوِيَّة ) نسخة من جريدة الزمان الصادرة في ( 8 / 11 / 2015 ) , وفيها تفصيل عن زيارتي السابقة للجامعة ولقائي بهما .
حاورتهُ وسألتهُ عن حاضر ومستقبل العلاقات الثقافية مع الدول العربية وجامعاتها , خاصة العراق . أجابني بشيئٍ مع التفصيل , سأتحدث عن ذلك مستقبلاً .
الاكتشاف .. والقلق
حين وصلنا مطار حيدر علييف يوم ( 2 / 6 / 2016 ) كانت هناك رحلتان بين مغادرتهما اقل من ساعة . وعند العودة مساء يوم ( 9 / 6 / 2016 ) , أقلت المسافرين العائدين طائرة ضخمة حملت حوالي ( 500 ) خمسمائة راكباً ، ومن المتوقع أن يزداد عدد السواح العراقيين مع انتهاء شهر رمضان وحلول ذروة الصيف .
لقد اكتشف العراقيون البلدَ الاذربيجاني ، ونأمل ألا يخسرونه كما خسروا جورجيا ، نتيجة تصرفات البعض . إن ذلك قلق له ما يبرره .
باكو : يا مدينة الرياح والجمال جئتُك محملاً بالعطش القاسي .. وغادرتُك وكأس الذكريات مليئاً .. وحقيبة الالتقاطات (مُتخمة) .. .
يا مدينة الجمال والبساط الأخضر .. وداعاَ والى لقاء .. .