توطئة
الخوارزميات :
تُعرف الخوارزميات على أنها مجموعة من الخطوات المحددة والمتسلسه من أجل تنفيذ مهمة معينة أو حل مشكلة ما.
* فالخوارزميات لا تعتبر لغة من اللغات البرمجية, نعم، انها كذلك، ولكنها مساق أساسي و يُعتبر تعلمها خطوة أولية و حجر أساس في تعلم البرمجة.
* سُميّت الخوارزميات بهذا الاسم نسبة إلى العالم محمد بن موسى الخوارزمي الذي أوجد هذا المصطلح في القرن التاسع الميلادي.
* وتُعرف الخوارزميات في علوم الحاسوب على أنها مجموعة من التعليمات البرمجية لتنفيذ مهمة ما ... بحيث يتم إدخال المدخلات ( inputs ) وتنفيذ المهمة ( process ) لإنتاج المخرجات (outputs) .
ومن أجل فهم الخوارزميات وتحليلها، يجب دراسة بعض المفاهيم الرياضية الأساسية، ومن أهم هذه المفاهيم :–
– 1الرياضيات المتقطعة (Discrete Mathematics)، وتشمل المواضيع الأتية :–
– نظرية الرسومات (Graph Theory)، وهي دراسة العلاقات بين النقاط والخطوط والأشكال الهندسية.
– نظرية الأعداد (Number Theory)، وهي دراسة الخصائص الأساسية للأعداد.
– نظرية الحوسبة (Computational Theory)، وهي دراسة الخوارزميات والحوسبة بشكل عام.
–2الجبر الخطي (Linear Algebra): وهي دراسة العلاقات بين المتغيرات الخطية، وتستخدم في تحليل البيانات والتعلم الآلي.
–3الاحتمالات والإحصاء (Probability and Statistics): وهي دراسة الاحتمالات والتوزيعات الإحصائية، وتستخدم في تحليل البيانات وتصميم الخوارزميات.
–4الحساب التفاضلي والتكاملي (Calculus)، وهي دراسة الدوال والمشتقات والتكاملات، وتستخدم في تحليل الخوارزميات وتصميمها.
–5الهندسة الرياضية (Geometry): وهي دراسة الأشكال الهندسية والعلاقات بينها، وتستخدم في تحليل البيانات وتصميم الخوارزميات.
هذه المفاهيم الرياضية الأساسية تساعد على فهم الخوارزميات وتحليلها، وتستخدم في تصميم الخوارزميات وتحسينها.
أولاً : الذكاء الاصطناعي في كل مكان
كيف أصبح الذكاء الاصطناعي موجودًا حولنا في كل مكان خلال سنين قليلة، وكأنه ظهر فجأة من لا شيء ؟ .
الذكاء الأصطناعي : هو نظام علمي بدأ رسمياً في عام / 1956 في كلية دارتموث في هانوفر بالولايات المتحدة الأمريكية، خلال انعقاد مدرسة صيفية نظمها أربعة باحثين أمريكيين: جون مكارثي، مارفنمينسكي، ناثانييل روتشستر وكلود شانون.
ومنذ ذلك الحين، نجح مصطلح «الذكاء الاصطناعي» الذي من المحتمل أن يكون قد اخترع في البداية لإثارة انتباه الجمهور – بما أنه أصبح شائعا لدرجة أن لا أحد يجهله اليوم، وأن هذا الفرع من المعلوماتية أخذ في الانتشار أكثر فأكثر مع مرور الوقت، وبما أن التقنيات التي انبثقت عنه ساهمت بقدر كبير في تغيير العالم على مدى الستين سنة الماضية.
إلّا أن نجاح مصطلح «الذكاء الاصطناعي» يرتكز في بعض الأحيان على سوء فهم عندما يشير إلى كيان اصطناعي موهوب بالذكاء، ومن ثم، قادر على منافسة الكائنات البشرية.
ومن وجهة نظر جون مكارثي ومارفن مينسكي، كما هو الحال بالنسبة للقائمين الآخرين على المدرسة الصيفية بكلية دارتموث (link is external)، كان الذكاء الإصطناعي يهدف في البداية إلى محاكاة كل واحدة من مختلف قدرات الذكاء، بواسطة الآلات، سواء كان ذكاء بشريا أو حيوانياً أو نباتياً أو اجتماعياً أو تصنيفاً تفريعاً حيوياً.
وقد استند هذا النظام العلمي أساسا إلى افتراض أن جميع الوظائف المعرفية، ولا سيما التعلّم، والاستدلال، والحساب، والإدراك، والحفظ في الذاكرة، وحتى الاكتشاف العلمي أو الإبداع الفني، قابلة لوصف دقيق لدرجة أنه يمكن برمجة جهاز كمبيوتر لاستِنساخها, ومنذ وجود الذكاء الاصطناعي، أي منذ أكثر من ستين سنة، ليس هناك ما يفند أو يثبت بشكل قاطع هذه الفرضية التي لا تزال مفتوحة وخصبة في آن واحد.
ثانياً : متى بدأ الذكاء الأصطناعي علمياً ؟.
في الحقيقة، الذكاء الاصطناعي موجود منذ سنوات طويلة في التكنولوجيا التي نستخدمها يوميًا لكن دون أن نشعر به , مثلًا تطبيق جوجل للصور Google Photos المتوفر على أندرويد و iOS يتيح منذ عشر سنوات تقريبًا ميزة البحث عن صورك باستخدام وصفها، مثلًا لو بحثت عن كلمة (بحر) في مكتبة الصور الخاصة بك، يعرض لك التطبيق كل الصور التي التقطتها بهاتفك والتي يظهر فيها البحر.
هذا ذكاء اصطناعي يُعرَف بتقنية التعرّف على الصور Image Recognition... وهناك الكثير من التقنيات الأخرى التي نستخدمها دون أن يعرف معظم المستخدمين أنها (ذكاء اصطناعي).
لكن القفزة الكبرى بدأت جذورها في العام/ 2017، عندما طرحت شركة جوجل ورقة بحثية بعنوان ]الانتباه هو كل ما تحتاجه Attention Is All You Need] وكما ترى، عنوان بريء لا يُنبئ بما هو قادم.
في هذه الورقة ابتكرت جوجل تقنية (المحوّل (Transformer التي تستطيع تحليل المعلومات (الكلام، الصور، أو الفيديو) وتوليد محتوى جديد بناءً المعلومات التي تم تحليلها.
يعمل الـ Transformer على تقنية (الانتباه الذاتي self-attention) ، وتقوم هذه التقنية على تدريب نموذج للذكاء الاصطناعي على الإنتاج البشري من كتب ومقالات ورسومات وغير ذلك، وتستطيع التقنية الجديدة من خلال ذلك تعلُّم الأنماط والعلاقات بين العناصر المختلفة الموجودة في المحتوى , وبعد التدرّب على البيانات يمكن استخدام نموذج الذكاء الاصطناعي لتوليد محتوى جديد من خلال التنبؤ بالعنصر التالي ضمن سلسلة من العناصر المحتملة.
مثلًا، لا يفهم الذكاء الاصطناعي معنى عبارة بسيطة مثل “ذهب التلميذ إلى المدرسة“، لكن من خلال تدريبه على ملايين النصوص تتكون لديه قاعدة معرفية تتيح له تقدير بأن التلميذ هو فاعل، والمدرسة هي مكان وأنها يجب أن تأتي مجرورة، ليس لأن الذكاء الاصطناعي يفهم ما هو الجر، لكن لأنه لاحظ أن الكلمات دائمًا ما تأتي مجرورة بعد “إلى” في كل النصوص التي تدرب عليها, ومن ثم يُصبح النموذج قادرًا على كتابة جملة تشبهها حتى لو لم تكن تلك الجملة من ضمن البيانات التي تدرب عليها.
لهذا لو تم تدريب النموذج على مجموعة من المقالات الإخبارية، سيُصبح قادرًا على توليد مقالة إخبارية لا يمكن تمييزها عن المقالات التي كتبها البشر , الأمر نفسه بالنسبة للصور وخدمات توليد الصور الشهيرة مثل DALL-E أو Midjourney... هذا طبعًا تبسيط شديد لطريقة عمل تقنية Transformer الثورية.
وهذه هي التقنية التي يعمل بواسطتها ChatGPT، وبالمناسبة إليك هذه المعلومة، حرف T في ChatGPT هو اختصار لتقنية Transformer, والقفزة النوعية التي نشهدها الآن في تقنيات الذكاء الاصطناعي، يعود الفضل فيها جزئيًا إلى هذه التقنية.
ثالثاً : لماذا الآن؟
السؤال الوجيه: إذا كانت هذه التقنية الثورية قد ظهرت في عام / 2017، فلماذا نرى نتائجها فجأةً الآن؟, الفكرة أن تحويل هذه التقنية النظرية إلى تطبيقات عملية هي عملية صعبة جدًا ومُكلفة جدًا.
ولتدريب نموذج للذكاء الاصطناعي أنت تحتاج إلى كمية هائلة من البيانات، ChatGPT وأخواته (بما فيها خدمات توليد الصور) تم تدريبها على معظم المحتوى المفتوح على الإنترنت وملايين الكتب والمواد المنشورة الأخرى، وهذا التدريب عملية معقدة جدًا.
الموضوع ليس عملية نسخ ولصق للمحتوى، إذ يجب تنسيق وإعداد هذه البيانات بشكل معين، وهو ما يتطلب فرقًا من مئات المهندسين والموظفين.
مما يعني أنك – إضافةً إلى القوة البشرية- أنت بحاجة إلى قدرات حاسوبية هائلة تؤدي إلى استهلاك طاقة كبير وفواتير خيالية، ووحدات تخزين ضخمة لاستيعاب كل تلك البيانات، عدا عن تكاليف البحث والتطوير.
هذه تكاليف التطوير فقط، ولم نتحدث بعد عن تكاليف التشغيل, بمعنى تقديم كل ذلك من خلال تطبيقات أو واجهات ويب يمكن للمستخدم العادي استخدامها لتوليد النصوص أو الصور أو إجراء عمليات البحث (طرح الأسئلة).
أذ تُقدّر تكاليف تشغيل ChatGPT فقط وليس التطوير بملايين الدولارات يوميًا, لهذا يمكن أن تتخيل أن عددًا ضئيلًا من الشركات كان بإمكانها التقاط تلك الورقة البحثية التي نشرتها جوجل في عام/ 2017والتفكير جديًا بالعمل على تطوير النماذج التي تستخدمها.. نحن هنا نتحدث عن شركة جاهزة لإنفاق عدة مليارات قبل البدء بتحقيق أية أرباح.
لهذا، شركات قليلة بدأت العمل جديًا على هذه التقنية، منها شركة OpenAI المطورة لـ ChatGPT ونموذج توليد الصور DALL-E، وشركة Midjourney المطورة لتطبيق توليد الصور الشهير الذي يحمل الاسم نفسه.
رابعاً : لماذا ظهرت كل خدمات الذكاء الاصطناعي (فجأة)؟
ما حدث هو الآتي : تلك الشركات القليلة التي أنفقت الكثير على تلك التقنية واستغرقت عدة سنوات في تطويرها، خطرت لها الفكرة التالية :
لماذا لا نبيع هذه التقنية لشركات أخرى؟ بما أن معظم الشركات لا يمكنها تحمّل التكاليف ولا تملك الخبرة اللازمة لتطوير نماذج الذكاء الاصطناعي الخاصة بها، لماذا لا نتيح لهم وصولًا لنماذجنا بشكل مأجور؟ مثلًا ChatGPT مبني في الحقيقة على نموذج للذكاء الاصطناعي اسمه GPT يمكن تطويعه لاستغلاله في استخدامات أخرى لا تقتصر على الدردشة.
لو افترضنا أنك مطور للتطبيقات عنده تطبيق لكتابة الملاحظات، وأردت تقديم ميزة فيه تسمح للمستخدم باستخدام الذكاء الاصطناعي لكتابة رؤوس أقلام حول تدوينه يعتزم كتابتها, في الواقع يمكنك الوصول إلى نموذج GPT (لقاء دفع مبلغ صغير نسبيًا) والتعديل عليه بما يناسب احتياجات تطبيقك وتقديم هذه الميزة في التطبيق (المُستخدم سيعتقد أنك عبقري وطورت ذكاءك الاصطناعي الخاص، ولن يعرف أنك في الواقع تعتمد على نموذج جاهز للذكاء الاصطناعي هو GPT في هذه الحالة وربما لم يستغرقك طرح هذه الميزة في التطبيق إلا بضعة أيام من العمل).
وهذا ما حدث، القصة هي أن مئات التطبيقات التي ظهرت في ذات الوقت والتي بدأت بدعم الذكاء الاصطناعي، ظهرت في هذه الفترة تحديدًا لأن نماذج الذكاء الاصطناعي التي تعتمد عليها، أصبحت جاهزة للاستخدام في الفترة نفسها، وأصبح الوصول إليها سهلًا ولا يتطلب من المطورين تطوير تقنياتهم الخاصة.
كل هذه التطبيقات التي تراها الآن هي في الواقع تعتمد على عدد محدود من نماذج الذكاء الاصطناعي، معظم تطبيقات توليد النصوص التي تراها اليوم أو روبوتات الدردشة تستخدم في الخلفية نموذج GPT لكنك لا تعرف ذلك، ومعظم تطبيقات توليد الصور تستخدم في الخلفية DALL-E أو Midjourney.
لكن كل تطبيق من التطبيقات يُعدل على التقنية بحسب حاجته كي تبدو في النهاية جزءًا طبيعيًا من واجهة التطبيق.
خامساً : السباق المحموم
مع اشتداد سباق التسلح في مجال الذكاء الاصطناعي، بدأت غالبية الشركات، وخاصة العملاقة منها، العمل بجدية للّحاق بالسباق وأخذ مقعد بارز على طاولة المنافسة, ومن ضمنها – شركة أمازون – التي بدأت وفقاً لتقارير عدة في اختبار نموذجها اللغوي الكبير على أمل تحدي النماذج التي ظهرت بالفعل, ولكن الهدف الأهم هو الحصول على نصيبها من الأرباح الواعدة التي تجلبها سوق – الذكاء الاصطناعي التوليدي – الآخذة في الارتفاع.
لقد انقلبت النماذج العلمية، التي كانت تمثل في زمن سابق حقائق كاملة المعرفة، نتيجة الاكتشافات العلمية الحالية.
حتى في حياتنا الشخصية، يمكن للعادات والتقاليد أن تنهار,فالعلاقات والارتباطات والمواثيق الدولية من الممكن أن تنتهي، وتحل بعدها عادات وتقاليد جديدة , والمهن التي كانت سائدة في الفائت من الممكن أن تتطور، والمعتقدات العريقة من الممكن أن تتحسن.
ومع انهيارها منظومة النظريات السياسية والاقتصادية والاجتماعية السابقة , وتطور بعضها ، يتضح حدوث فراغ عقب هذا , أدى الى تطور كبير في تلك النظم , نتيجة الاكتشافات العلمية التي يحققها العالم الغربي والشرقي المتمثل بأمريكا والصين ، تتحدى مفاهيمنا المسبقة وتجبرنا على مقابلة طبيعة الوجود الفوضوية وغير المنتظر وقوعها.
وكمثال على ذلك التغيير الجاري واجه الاندفاع الدولي في أستعمالالذكاء الاصطناعي لاكتشاف أدوية قريبة العهد اختباراً حاسماً، إذ تدنو واحدة من المؤسسات المتسابقة من محاولات المدة الأخيرة لتحسين مبنى اكتشفته الخوارزميات.
ويحتسب تشخيص الأمراض عبر تحليل اللسان الآدمي مزاولة شهيرة يليها الصينيون المعالجون بالأعشاب منذ ألفين عام, واليوم، يتّبع الباحثون الكيفية نفسها، بل التشخيص بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي، وباستخدام كاميرا فحسب، ما يعزز تقنية التطبيب من مسافة بعيدة من جميع مناطق العالم.
كما أجرى نادي من المفتشين من الجامعة التكنولوجيا الوسطى (MTU) في بغداد وجامعة في جنوب أستراليا (UniSA) دراسة عززت دقة تلك التكنولوجيا, ففي الافتتاح، راجع الطبيب علي الناجي، الأستاذ المعاون في الجامعة التكنولوجيا الوسطى في بغداد وجامعة في جنوب أستراليا، وزملاؤه التقدمات الدولية في تشخيص الأمراض بمعاونة الكمبيوتر بالاعتماد على لون اللسان.
الخاتمة
أخيراً توصلت ألمانيا وفرنسا وإيطاليا إلى اتفاق بشأن كيفية تنظيم الذكاء الاصطناعي في المستقبل، وفقاً لوثيقة مشتركة من المتوقع أن تسرع المفاوضات على المستوى الأوروبي , تؤيد الحكومات الثلاث الالتزامات الطوعية الملزمة لمقدمي خدمات الذكاء الاصطناعي الكبار والصغار في الاتحاد الأوروبي.
وتجري المفوضية الأوروبية والبرلمان الأوروبي ومجلس الاتحاد الأوروبي مفاوضات حالياً بشأن الكيفية التي ينبغي للكتلة أن تنظم بها هذا المجال الجديد, وخلال المناقشات اقترح البرلمان الأوروبي أن تكون مدونة قواعد السلوك في البداية ملزمة فقط لمقدمي خدمات الذكاء الاصطناعي الرئيسيين، والذين يتواجدون بشكل رئيسي في الولايات المتحدة, ومع ذلك، حذرت الحكومات الثلاث من هذه الميزة التنافسية الواضحة لمقدمي الخدمات الأوروبيين الأصغر حجماً، وقالت إن هذا قد يؤدي إلى ثقة أقل في أمان هؤلاء المزودين الصغار وبالتالي عدد أقل من العملاء.
المصادر
|