23 ديسمبر، 2024 1:13 م

سايكولوجية التسول في المجتمع العراقي ” المسؤول الفاسد مثالا “

سايكولوجية التسول في المجتمع العراقي ” المسؤول الفاسد مثالا “

كثر التسول وأصبحت له طرق وأساليب متعددة , والمجتمع الذي يكثر فيه المتسولون كما هو الحال في العراق , هو مجتمع لاينال أحترام ألآخرين .

والتسول مرض نفسي أجتماعي وبائي يؤدي الى أنحطا ط الكرامة وهوان النفس , وأقول وبائي مستعيرا المصطلح الطبي , لآن التسول سلوك يتبع ماحوله , ألم تروا أن أبن المتسول يصبح متسولا , ومن يعاشر المتسول يصبح مثله , قال الشاعر :

صاحب أخا ثقة تحظى بصحبته .. والطبع مكتسب من كل مصحوب

كالريح أخذة مما تمر به .. نتنا من النتن أو طيبا من الطيب

لذلك أصبح متعسرا علاج وأصلاح حالات التسول , لآن الشعور بالحياء يضمر أو ينعدم عند المتسول , ويصبح ألآدمان على التسول طبع ملازم للمتسول , وهل المتسولون الموجودون على أرصفة الطرق وتقاطعات الشوارع والساحات كلهم مشمولون بهذا الوصف ؟ والجواب : كلا , لآن الظروف التي يمر بها المجتمع العراقي من حروب وتهجير وأرهاب , وحكومات فاسدة وأحزاب فاسدة , ومنظمات فاسدة , وعشائر فاسدة , ونقابات فاسدة , وتربية أسرية فاسدة , وأعلام فاسد جعل من ألآستوديو دكتاتورية تتحكم بسلوك الفتيات والشباب الباحثين عن الوظيفة , فالمراسل الصحفي وألآعلامي يدفعون له ثمن كارتات الموبايل أو ثمن أجرة النقل , أو بعنوان الغداء , وهي أساليب مريضة تصنع التسول بطرق غير مباشرة .

أقول لكم مايفجع ويحزن ويصدم : أن الطبيب الذي يصل مراجعوه للخمسين أو المائة وأكثر خلال سويعات هو رجل متسول , والمريض الذي يقبل الدخول على الطبيب : خمسة خمسة وبدون فحص ومعاينة حقيقية , أو يدفع رشوة للسكرتير حتى يعطيه رقما من ألآوائل , هو مريض متسول ؟

والمهندس الذي يخضع لطلبات المقاول هو مهندس متسول , والقاضي الذي لايحكم بالحق والعدل متقبلا للرشاوى , هو قاض متسول , والمحامي الذي يسمح لنفسه بالدفاع عن قضايا ألآرهابيين , والمومسات , والمهربين , هو محام متسول

ومدرسو الخصوصي : هم متسولون , والتجار الذين يغشون الناس هم متسولون

وعمال البناء الذين يساومون على وجبات الطعام أو الدفع اليومي للآجرة أو أخذ العمل مقطوعا كالمقاولة هم متسولون , وسائقو السيارات الذين يزيدون أجرة النقل في المناسبات الدينية وألآعياد هم متسولون ؟

ورؤساء ألآحزاب الذين يفرضون على كل من يقومون بتعينه في وظيفة ربع أو ثلث الراتب هم متسولون وأن لم يعترفوا

وشيخ العشيرة الذي يفرض على أبناء عشيرته أتاوات ويمنح نفسه أمتيازات الزعامة بدون مؤهلات هو متسول وليس رئيسا للعشيرة

والنقابة التي تمنح الرئيس وأعضاء مجلس النقابة أمتيازات للتقرب والتزلف للسلطة  بدون وجه حق , هي مجموعة متسولة وليست نقابة .

والحكومة التي تفرض على شعبها مستمسكات لاضرورة تنظيمة لها أو تفرض ضرائب لالزوم لها , أو تتعمد التقصير في الخدمات وتتعمد أعطاء المناصب للفاسدين وغير الكفوئين , هي مجموعة متسولة , وليست حكومة ؟

والمرجعية بحاجة الى أعادة النظر في من حولها حتى لايتحول من حولها الى أتباع مجرد مداحين , وليسوا مبدئيين رساليين ؟

وألآمانات العامة للعتبات المقدسة بحاجة الى أعادة النظر في مشاريعها الثقافية والتنموية حتى لاتتحول الى كم يخلو من المضمون المنتج والمبرئ للذمة , وأن لاتكون العلاقة مبنية على العلاقات الشخصية وتجميع ألآتباع , بل على الكفاءة الحقيقية ترجمة لقول الرسول ” ص” : أذا أجتمع خمس وعشرون نفر منكم ولم يؤمروا من هو أعلمهم فعملهم باطل ” .

أن عملية تحصيل الحقوق الشرعية من قبل العاملين عليها لاتخلو من ظاهرة التسول , لما يلاحظ من حصول الدافعين من التجار وألآثرياء حظوة ومقاما لدى المسؤولين عن الحقوق الشرعية دون بقية الناس الذين يجدون أنفسهم غير مرحب بهم مثلما يحدث للآثرياء حتى وأن كانوا من الفاسدين , وهذا السلوك هو تسول موصوف ومرفوض شرعا وأن لم يعترف الذين يمارسونه , فأنه عند الله لايخفى الذي يعلم خائنة ألآعين وما تخفي الصدور.