القت الناشطة والسياسية (سان كول جابـوك) محاضرة اكاديمية حول مكافحة الفساد وسبل الحد منه في مجلس الدكتورة امال كاشف الغطاء وحملت عنوان (( أفاق الفـساد قـديماً وحديثاً )) وخصوصا حقبة الاحتلال وحين تم تشكيل مجلس الحكم وتعاقب تشكيل الجمعية الوطنية وبقية الحكومات . الغرابة في الموضوع ان نهب البلاد وضياع فرص الاعمار والتنمية تمت خلال تلك الحكومات الانتقالية ، وهيئة النزاهة تقف متفرجة وتشارك في سرقات البلاد فضلا عن مكاتب المفتشون العامين ، الباحثة استهلت محاضرتها اذ قالت:
حين تشكل مجلس الحكم سنة 2003 كانت مدة حكمه خمسة سنوات وهذا مدون في القسم اليمني وكان مخطط له ان يبني العراق ويدير العملية السياسية ومنها كتابة الدستور ، واجراء الانتخابات والتعداد السكاني ، وقد سافرت الى اميركا لحضور مؤتمر اعمار وبناء العراق برفقة القاضي وائل عبد اللطيف وكان الحضور لشتى دول العالم وكبار الشخصيات السياسية . ان العراق لم يحظى ومنذ تأسيس الدولة العراقية بحكام يتمتعون بالنزاهة والامانة ويكونون اباء للعراقيين وهذا قدرهم للأسف الشديد ونحن بأمس الحاجة الى قائد محنك ويتمتع بالكفاءة والنزاهة ويصون هذه الامانة ويحكم بعدالة التي طالما حرمنا منها على مدى حقب كثيرة ، كما واجهنا الحروب والازمات وهدر الخيرات لاسيما المالية واني جلبت الى العراق 17 مليار دولار لغرض المساهمة في الاعمار والبناء للبلد ، وقد سئلت في امريكا عن قيادة بريمر للعراق قلت لهم هو يعمل ولكن غير نزيه اذ تم صرف مبلغ 150 الف دولار عن ترميم كل بيت من بيوت مجمع الوزراء في حي القادسية ما يعادل نحو ثلاثمئة مليار دينار عراقي وكانت تلك المبالغ كبيرة جدا في تلك الحقبة ، حيث كل الترميمات وشراء الاثاث لهذه المنازل لا يكلف سوى 50 مليار دينار ، ولم استطيع التحدث بهذا الموضوع الا بعد ان تم توفير الحماية وقد ادليت بهذه المعلومات في امريكا وقالو لي اطمئني لم يحصل لك مكروه ، وتفاجئة في اليوم الثاني بمشاهدة الحاكم المدني بريمر للمثول امام محكمة فدرالية ويحاكم امام قناة فوكس نيوز على مدى اربعة ساعات ، وقد بدأت الصحافة الامريكية تتحدث بهذا الموضوع وتم الاتصال بي للحديث عن هذه المشاكل ونهب الاموال برفقة القاضي وائل عبد اللطيف الذي تحدث عن خراب ودمار البصرة ، وحين عدت الى العراق تم ابلاغي فورا وفي صالة المطار بالذهاب برفقة السيارات الامريكية الى بريمر ، وقد سبق ذلك حديث بريمر عن هذه المشاكل والفساد في مؤتمر صحفي اذ قال فيه ان هناك مشاكل خطيرة تحدثت عنه عضوة مجلس الحكم سان كل جابوك
وخلال الاستقبال شاهدت علامات الغضب وعدم الرضا عني وسألني عن لماذا ذهبت الى امريكا ، : قلت له لأجل المشاركة في مؤتمر اعمار العراق وقد جلبت الاموال الى بلدي ، ولكنه ابدى غضبه بعدم الرضا عن الحديث بهذه المواضيع والافصاح عن تلك المعلومات وقال كان يجب عليك ان تتحدثي بمجال عملك فقط . ونحن اعضاء مجلس الحكم كنا نعمل بدون مرتبات شهرية وما تحدث عنه بريمر في كتابه عن سؤلنا كم هي المرتبات عار عن الصحة ولا اساس له ، وكانت الشخصيات السياسية في مجلس الحكم اكبر من هذه التهم وبعيده عن المنافع الشخصية
وقال لي بريمر ليس من حقك ان تتكلمي عن الفساد ، وانا الحاكم للعراق ولي الحق بالحديث والافصاح عن تلك المعلومات وزاد من ذلك بقوله نحن قوات احتلال وليس اتلاف ونحن من ندير دفة الحكم في البلاد، لكني قلت له نحن مجلس حكم عراقيون ونحن من يحكم العراق وليس انتم ، وكانوا الامريكان لم يفسحوا لنا المجال في العمل والحديث عن ملفات الفساد وقد تم توجيه كتابا لي شخصيا بعدم تكرار تلك الافعال وفيه تهديدا بعقوبة حال قمت بالكلام عن ذلك مرة اخرى ، لكني لم اسكت وبقيت التحدث ولجئت الى وسائل الاعلام المحلية والدولية .
وقالت جابك بعد ذلك طلبنا من بريمر ان يكتب دستورا الى العراق وتم تشكيل لجنة عليا لكتابة الدستور مؤلفة من 25 قاضي وقانوني ، لكن هناك بعض السياسيين كانوا يرمون الدخول في مجلس الحكم ولم يسمح لهم بذلك وعملوا على عرقلة العملية السياسية واصبح عمل مجلس الحكم لسنة واحده . وارى ان سبب الفساد في العراق يعود الى تشكيل حكومة صغيرة انتقالية ، وكل حكومة تأتي تخرب وتدمر عمل الحكومة السابقة وكل وزير جديد يغير كل شيء وتهدر الاموال الطائلة ، وانا قلت الى كوفي انان بأن كان صدام يسرق العراق لوحده ، اما الان فهناك الف شخصية سياسية تسرق العراق، ولم يعتمد على الشخصيات الوطنية المرموقة والتي لها باع طويل في السياسية والادب والثقافة ، بل تم الاعتماد على الاحزاب السياسية والتي لم تفلح في بناء دولة المؤسسات الرصينة وحتى حينما يتم تشكيل الحكومة تبقى الاحزاب هي التي تحكم ، ونحن نواجه اليوم مشاكل كبيرة وكثيرة اما الفساد فله اذرع وهو متنوع من سياسي واداري ومالي ويصل الى الاخلاقي ، وقد كان مخطط له ان ينتشر الفساد وخصوصا الاخلاقي في كل مكان ، وحتى بريمر قال لي ما هي الحلول الناجعة لمكافحة الفساد ، قلت له تشكيل هيئة للنزاهة فتمت الموافقة على المقترح ورشحت الى رئاسة الهيئة ، وتم توزيع استمارات خاصة لغرض ادراج الرصيد المالي وبقية الممتلكات للأعضاء في مجلس الحكم ولكنهم رفضوا جميعهم هذا المقترح باستثناء انا صاحبة الفكرة ، وقلت لهم ان التاريخ سوف يحاسبكم ، المفارقة ان هيئة النزاهة صارت غير نزيهة ، وقلت لهم ذلك منذ سنين طويلة بان هيئة النزاهة هي غير نزيهة ، وتحدثت في قناة العراقية وقطع الحديث عن فساد هيئة النزاهة ، اما الحديث عن المفتشين العامين فهذا هو البلاء العام للعراق لان المفتش العام صار غطاء لكل مفسد في العراق ، وجراء ذلك ضاع نحو الف مليار دولار في العراق وحتى الدكتور الجلبي ذكر تلك الارقام قبل وفاته الله يرحمه ، اما عن فساد وزارة النفط فهو ضياع 250) ) مليار دولار ، وحتى المشاريع التنموية التي تسهم في تنمية موارد الشباب المالية والبشرية كنا نقوم بها ولكن ترفض من قبل مكتب رئيس الوزراء المالكي والجعفري وعلاوي
وانا لم ابرئ اي مسؤول في الدولة استحوذ على السلطة وتسلم منصب وتقع عليهم المسؤولية لكاملة وحتى هيئة الاستثمار لم تنجز تلك المشاريع العملاقة التي كانت قد اعدت مسبقا ، وانا متضررة من الفساد اذ تم اغتيال زوجي بسبب عرض ملفات الفساد. الشاعر الساخر داود الرحماني القى ابيات شعرية ساخرة تهكم بها على مافيا الفساد وسراق المال العام واخذ يردد: أي كفْ.. كفى.. تـكَفـكَفي تعـطـّـفي.. تـلطـّـفي
كفاكِ نَـهـبـاً وَاٌنصفي
وَبــِـريـشِـنـا لا تـنـتــُــفي
وَبـخـَـمْـسَـتيـنِ بـلهفةٍ لا تـغـرفي
أو خــفِـّــفي .. فأضعـف الإيمان أن تــُــخَــفـّـــفي
فـقـد خـلـتْ خزائـن الدولةِ مِمّـا يخـتـفي!؟
————
أيْ كفْ كفى .. تـقـشـّـفي .. تـنـظـّـفي
تعـوّذي باللهِ من شيطانكِ المُتـَـعـجـرِفِ
أمّا إذا لابــدّ أن تـــَـــتــَــعَــسّــفي
فـأقولـُـها لـكِ مُعـلِـناً
وَلِكــلّ ِ لِصّ ٍهاربٍ أو مُـتــَـخـَـفّ ٍ مُـخـتــَــفِ :-
أين المفـرّ وَكـُــلـّــنا لِخطاكمُ متـَحَسّـِبٌ وَ راصدٌ وَمُــقـتــفِ
يا ويحكـُـمْ .. يا ويلكـمْ .. سُـحـقا ً لكـمْ
تـقـتـسمونَ قوتـَـنا بـِـمُـقـفـلاتِ الغـُـــرَفِ؟!
————
أي كفْ كفى .. لا تـحـزُمي
وَعلى العقودِ بعشرة ٍ لا تـبـصُـمي
وَعلى العمولةِ في الدجى لا تـرتــَـــمي
وَبكتلةٍ .. أوعصبةٍ .. أو حزمةٍ .. لا تحتـمي
فهؤلاءِ هُـمُ نـتاجُ قـصورنا
حين اُنتخـَـبنا مَـن ظـنـنـّـا لِـلـنـزاهةِ ينـتـمي
وَإذا ( بـِمُعـظمِهِمْ ) غـَـد. مُـتورّطاً وَغاطِساً للمَحزم ِ
( أغـلبــهُــمْ )
لا فرقَ بين معارض ٍ أو واعـظٍ أو جعفري أو شافعي أو حنفي أو سَـلَــفي