10 أبريل، 2024 3:53 ص
Search
Close this search box.

ساندي كشف عورتنا

Facebook
Twitter
LinkedIn

خَلف الإعصار ساندي وهو الأقوى الذي يجتاح الولايات المتحدة الأمريكية في السنوات الأخيرة ومازال حتى سطورنا هذه يضرب شواطئها بقوة ، وراءه عشرات القتلى في سبع ولايات هي نيوجرسي ، نيويورك ، ميرلاند ، نورث كارولينا ، فرجينيا ، بنسلفانيا ، كونيتيكت ، وهي من أكثر المناطق المأهولة بالسكان (50 – 60) مليون شخص يكونون قد تضرروا من جراء الإعصار ، وأضرارا” جسيمة في البنية التحتية والمرافق العامة ، محطات كهرباء (8) ملايين شخص حرموا منها ، شبكات مترو الأنفاق الرئيسية في نيويورك التي عمرها 108 عاما” والذي من شأنه ان يشل المدينة لعدة أيام لأهميتها ، إغلاق محطات رئيسية للطاقة النووية ، توقف معامل التكرير ، الكيمياويات عن العمل ، إلغاء (13000) رحلة جوية ، والإغلاق الأطول في تأريخه لسوق الأوراق المالية (وول ستريت) ، وتقرر أن يستمر إغلاق مؤسسات الحكومتين الإتحادية والمحلية في واشنطن ، كما أمرت السلطات بإخلاء (375) ألف شخص من مساكنهم ، فيضانات ومساكن تهاوت ، والرئيس اوباما يعلن حالة (الكارثة الكبرى) في نيويورك مما يجعل التمويل الفيدرالي متاحا” للناس في هذه المنطقة .
بذلك تكون الحيصلة النهائية للإعصار حسب التقديرات الأولية الصادرة عن المؤسسات الإقتصادية بعشرات المليارات من العملة الخضراء ، تتحمل جزءا” كبيرا” منه شركات التأمين ، وآثارا” بالغة على الإقتصاد الأول عالميا” .
كارثة إنسانية كبيرة تستدعي تعاطفا” أكبر ، عبر برقية مواساة أو حزنا” قلبيا” يُشعر المنكوب بنا كأمة حية ، يؤلمها ما أصاب (الناس) هناك ، وذلك (أضعف الإيمان) ، خاصة إذا ما علمنا وعلى الدوام كانوا هم الأسخى عطاءا” في هكذا أزمات ، ونيويورك هذه مدينة للتسامح الديني والعرقي ، وملتقى حضارات بني البشر من كل حدب وصوب ، يلجأ إليها كل من قطعت به السبل بفعل إضطهاد أو ظلم من هم في حكم بلاد (الإيمان) التي نحن فيها ، يمارس عقائدة الدينية بحرية ، طارحا” مايؤمن به من فكر سياسي دون ان يخشى زائرا” يزج به خلف قضبان زنزانة عند بزوغ الفجر .
المصيبة مالفت إنتباهنا ووقعت عليه أعيننا ، عبر الشبكة العنكبوتية او صفحات التواصل الإجتماعي ، ذلك الكم الهائل من الأحقاد الدفينة التي تعتمر صدور (خير أمة أخرجت للناس) ، وتدلل بوضوح لحالات إنفصام ، عقد وأمراض نفسية ، وهي حالة ليست غريبة علينا كأمة نثبت كل يوم عدم قدرتنا على العطاء الإنساني ، وهذا ما يلمسه أي متتبع لأحداث مماثلة كنا فيها نحن (المسلمون) في شدة العوز ، من بالي في أندونيسيا أكثر البلدان الإسلامية عددا” معللين (التسونامي) بإنتقام رباني للباس الناس الخليع ، إلى زلزال هنا وفيضان هناك وما أكثر مصائبنا (إبتلاء المؤمنين) دون ان تكون لنا بصمة نثبت بها إنسانيتنا المستلبة قبل إسلاميتنا المفاخر بها عبثا” ، ودعوات عند كل كارثة بضرورة العودة للدين والتمسك بعروته وعدم الإنحراف ، بعد عجزنا عن طرحها لنقاش علمي رصين كظاهرة طبيعية تستلزم ذلك .
أصحاب الفتوى (العار) ولوقت قريب يتوسلون (محرر) أمريكي على التدخل في شؤون بلدانهم لإنقاذ شعوبهم ، يستجدون رضاه بعد ان أعتلوا سدة الحكم فيها ، طمعا” بمعونة إقتصادية منه ، او دعما” سياسيا” ينجح تجربتهم الوليدة .
نكرر الأمر ليس غريبا” ، ماذا تترجى من أمة تبحث في مزابل التأريخ ، حفر نضال او حتى سيول وكوارث طبيعية عن نصر ألهي تفخر به ؟ (جواز الفرح) لما أصاب بلاد (الكفر) من جراء الإعصار وإعتباره (جند من جنود الرحمن) وإنتقام منه ، مستشهدين بالآية (لا تأس على القوم الفاسقين) ، فتوى تمنح رخصا” مجانية لساذح بالتكبير ، الرقص ثم التهليل ، صاحبها تعليقات وتغريدات رعاع منساقين وراء من بات الدين سلعته الوحيدة المتاجر بها ، وإلا فهو دونها مفلس ، ففرحوا ، تشفوا بنصرهم المبين ، كما يفرح الكثير منهم حين يصاب من تمذهب في الدين الواحد بغير ما تمذهبوا هم بمصيبة ، أي أنه مرض يصعب إستأصاله بعد تجذره في جسد أمة خاوية فروعها إلا من روح غل وحقد ، ونيويوك يعاد بناءها بسواعد تعرف معنى البناء كما تعرف للحياة معنى ، لا تنتظر معجزة ألهية ، او تركن لدعاء طلبا” للرزق .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب