سامراء مدينة تنتمي إلى أصلها الحضاري العربي الإسلامي , ودورها الإنساني والثقافي المتوهج الساطع في الآفاق.
سامراء حاضرة عربية إسلامية.
فمنذ أن شيّدها الخليفة العربي المسلم المعتصم بالله بن هارون الرشيد , ملبي نداء “وامعتصماه” ,وفاتح عمورية بإرادة العزم والإقتدار.
إنطلقت في مسيرة البناء الحضاري المطلق , وعبّرت عن الشموخ والتفاعل الروحي مع طاقات الأكوان ومنابع العرش العظيم , الذي رمزت له مأذنتها الملوية المنطلقة نحو آفاق الوجود الفسيح , وجنان الفيض الرباني المشرق.
فكانت المدينة عنوان السمو الثقافي والفكري والروحي , وموطن التفاعل الإيماني الأصدق والأمثل , الذي تمازجت فيه إرادة الوعي والإدراك العربي الإسلامي الأعمق , لتقديم صورة عربية إسلامية جميلة رائعة , ملحمية الألوان والخطوط والتعابير الإيقانية الكبرى.
فهي بودقة جامعة تجسد الوحدانية وترتل ” قل هو الله أحد”, وترفع رمز الإنتماء الخالص لله وكتابه ورسوله, وتؤكد ذلك بالعمل الباهر الطاهر المتواصل عبر العصور , والواضح المعالم والحضور.
سامراء مدينة جامعة تُحقق فيها الثقافات الإنسانية تطلعاتها المعرفية , وتتنامى بالتفاعل الإبداعي الفكري الخلاق الهادف للوصول إلى المعاني السامية النبيلة الصادقة, وما عرفت في تأريخها غير الميل الأسمى لما هو أفضل وأبهى.
مدينة خطى فوق أديمها جهابذة المعارف والعلوم وفقهاء الدين واللغة والعمران والسياسة والأدب , والقادة والملوك والسلاطين , وفحول الشعراء ونوابغ الزمان وأنوار العصور.
وفي ثراها يرقد الإمامين العاشر والحادي عشر , وفيها أمضى ثلاثة أئمة أطهار حياتهم , وبقيت قبابهم محفوظة ومراقدهم ومقاماتهم معصومة من كل سوء بفضل أبنائها الأشاوس الأمناء.
وسامراء تشرق فيها الشمس وتغيب مرتين , فقبتها الذهبية كانت شمسا منيرة برّاقة تضفي عليها ألوان الشروق والغروب العذبة الخلابة , الهاطلة كضفائر الخيال الندية النابعة من عيون التجلي والإمعان , وعليها أن تستعيد ذلك الوهج الإيماني البراق.
سامراء العربية الإسلامية , يجب أن تبقى محافظة على مميزاتها الحضارية والروحية , ورمزيتها الإسلامية المنيرة في أروقة الحياة الغنية بالألفة والمحبة والرحمة , والإيمان والتسامح والأخوة والألفة النقية الودودة الرحيمة المضيافة المؤثرة في مسيرة الأيام.
سامراء ليست وقفا لأحد , إنها وقف الإنسانية والتأريخ والحضارة العالمية , فهي المدينة الأكبر بآثارها ومعالمها و التي تشير إلى عنفوان الدور وقدرات الفعل المعبّر عن معانيها ورسالتها الأرضية.
سامراء يجب أن لا تمسها – مرة أخرى – أية قوة بضرر , وأن لا تسعى أية جهة إلى تشويه صورتها والنيل من معالمها وخصائصها العربية الإسلامية , ومحاولة العبث بملامحها المشرقة , وتخريب بدنها تحت أي عذر أو تبرير , لتأكيد ما لا يتفق وطبيعتها الروحية العربية الإسلامية.
فسامراء , ترفض تغيير هويتها , وتأبى سحق بدنها , وتجابه النوايا الخفية والتطلعات اللارحمانية , متسلحة بعزمها التأريخي وقوتها التراثية وأنوارها الثقافية , ولن تنال من مقامها الحضاي أية قوة , مهما توهمت وضللت وفكرت بعقل مريض.
فهي مدينة عربية إسلامية خالصة وستبقى كذلك أبدا , يحرسها أئمتها الكبار الأنقياء الأطهار , ويذود عنها أبناؤها الأشاوس أباة الضيم وأسود الوغى.
تحية لأبناء سامراء الذين وقفوا طوقا متحديا كالبنيان المرصوص حول جدهم علي الهادي (ع) , ومنعوا عنه سوء الأشرار , وأفشلوا غاياتهم الخفية وأهدافهم العدوانية التي تسعى للفتك بالبلاد والعباد.
تحية لأبناء (السبعة) وليوثها وشبابها الذين يعتصمون بحبل مدينتهم وروح أئمّتها , ويستلهمون عزم القوة والإصرار من الملوية الشماء , التي تعبّر بإلتوائها عن القدرة والتوثب والإنطلاق نحو الأسمى والأنبل.
عاشت سامراء مدينة عربية إسلامية جامعة منورة بالوحدانية , وتصدح في فضاءاتها تراتيل الفرقان.
ومَن يتجرّأ على مسّها بسوء , فأن قدرات الأرض الحضارية , ستنقض عليه وتقطع يديه.