23 ديسمبر، 2024 9:41 ص

سامراء التي رأتْ!

سامراء التي رأتْ!

المدينة معتقة في قارورة التأريخ والحضارة والأمجاد المشعشعة المتوهجة بالآيات والدلالات المتسامقة  , المفتولة بعنفوان الإرادة والتوثب والإنطلاق إلى آفاق المطلق الإنساني والروحي والفكري الرحيب.

المدينة تجدل ضفائر صيرورتها المنيرة كل صباح , بخيوط الضوء المنبثقة من عين الشمس وينبوع ذاتها وعنوان سرمديتها وديمومة معانيها ونبيل ما فيها من المكرمات والقيم الإنسانية.

المدينة ذات معاني ورؤى وإرادات ورسالات وتحولات منغرسة في قلب المكان والزمان , ولا يمكنها إلا أن تكون “سرّ من رأى”,ليس لناظريه وحسب , وإنما ببصيرته وروحه وفكره وخياله وفيض إدراكه البعيد.

فالمدينة ليست جمال عمران مجرد من أكوانه الفكرية والروحية والثقافية والحضارية.
إنها كون يتداخل في كون الذات الأبهى , ويعلن ولادة الفيض الإبداعي الحضاري المتدفق من ينابيع طاقات الإنسان الذي أدرك ورأى وكان.
تلك خلاصة منطق المدينة , ومعيار تواجدها في حلبة الدوران الكوني , وتفاعلها الأبدي مع مفردات الزمان , وآليات صناعة ملامح وسمات المكان.

المدينة تنجدل وتتألق وينبعث ما فيها من إرادة التواصل مع جوهر الكينونة المطلق , في بحر صيرورات التعالي والإمتداد بآفاق متواصلة الإتساع , ومتوجة بحلم الرجوع إلى قلب النقطة ونبع الإبتداء العظيم.

المدينة تتكلم عن فلسفة الدنيا والحياة , والرحيل والخلود , وتحدثنا عن آليات أن يكون الإنسان , وفقا لمعايير التوافق مع قوانين الكون , ودساتير الديمومة والتسرمد في ذات الموجود والواجد والوجود.

المدينة تحكي قصة الكينونة الأقوى , لأمة فيها مفردات وعناصر التفاعلات الخلاقة العظمى , وما عليها إلا أن تستلهم قوانين إنطلاق المدينة وتألقها وتسيدها على أصقاع الدنيا , وكأنها قد إمتلكت طاقة وقوة قلب الأكوان النابض بالحياة والتجدد والنماء.

المدينة لا تزال ترفع رايات التوحد والتفاعل والإمتزاج في وعاء الإنفتال والإلتواء , الذي يشد جمع القدرات , ويستخلص منها طاقات الإقلاع والإتجاه نحو إرادة الواحد الأحد العزيز المقتدر الخالق المصور المالك الأحد الحليم العظيم.

فهل ستنشد طاقات وجودنا , وتلتف وتنفتل وتصنع منطلقات القوة والصيرورة اللائقة بأمة ذات عقل وثقافة , ومعارف وحضارة وأمجاد و وقدرات تواصل مع نبع شمس الوجود الأكبر؟

تحية لسامراء , المدينة الخالدة المصدحة بلسان الحاضر والمستقبل , وحنجرة التأريخ الماجد العزيز.

تحية لسرّ مَنْ رأتْ , وتفاعلتْ وأوجدتْ أنوار رأتْ , ساطعة تنير دروب المكان , ودياجير الزمان.
تحية لمعشوقتي , ومداد صيرورة الإنسان , وبديعة الأزمان!!