4 نوفمبر، 2024 9:32 م
Search
Close this search box.

ساعة “القشلة” بين زمنين

ساعة “القشلة” بين زمنين

ما ان دلفنا انا والصديق عبد الستار البيضاني الى مبنى “القشلة” على ضفاف نهر دجلة الجمعة الماضي حتى كان عريف الحفل يعلن بان ساعة القشلة سوف تدق بعد ثوان. وما ان عثرنا على كرسيين للجلوس حتى دقت الساعة معلنة الحادية عشرة بتوقيت مدحت باشا. وقف الحاضرون مصفقين لهذا الحدث التاريخي وعزف النشيد الوطني السلام الجمهوري بعد نحو قرن على عزف اول نشيد ملكي بعد تتويج الملك فيصل الاول. الزمن اختلف لا مدحت باشا ولا فصيل الاول كانا بين الحاضرين لحظة افتتاح ساعة القشلة. هذه الساعة التي تم تاهيلها واعادة الحياة اليها  لمناسبة بدء فعاليات بغداد عاصمة للثقافة العربية لهذا العام.
ومع ان الحدث يرتبط بمناسبة لا علاقة لتاريخية الساعة ورمزيتها بها الا ان الصديق عبد الستار “طلع لي صفح” قائلا .. تدري ابو علي ببيش ذكرتني ساعة القشلة وهي ترن لاول مرة منذ عقود من الزمن؟ وحين اومات له براسي نافيا عما يدور في مخيلته في تلك اللحظات حتى قال .. ذكرتني بالعهد العثماني؟ هاي من اين اتيت بها ابو كرار؟ وما ان ران الصمت بيننا حتى داهمنا احد الشبان حاملا صينية تحتوي على “كيكة وشربت” .. باوعت على ابي كرار وقلت له تناول شربتك التركي لكن بنسخته الاردوغانية على مايبدو.. اما الكيكة فهي الاخرى ليست عراقية المنشأ.
ومن اجل ان اخفف على الصديق عبد الستاار هول مفاجأته باحتمالية عودة “العثمنة” اليوم قلت له .. وهل تصدق ان ساعة القشلة سوف تبقى تدق؟ انا شخصيا “اتراهن” معك بان زمن القشلة سيتوقف بعد اسابيع وترجع سيرتها الاولى .. قشلة وكبل. فالجهات المسؤولة اعتادت على اعادة تاهيل الشوارع والفنادق والمطاعم والساعات والنصب والتماثيل في حال وجود مناسبة فقط وليس طبقا لخطة او منهج. ولانه لاتلوح في الافق بعد انتهاء  مناسبة بغداد عاصمة للثقافة العربية مناسبة اخرى فان الجهات المسؤولة لاتجد ان هناك حاجة ماسة لان تدق ساعة القشلة ثانية الا بعد قرن من الزمان. 
ابو كرار تمنى ان تتحقق امنيتي وان تتوقف ساعة القشلة عن “الرنين” لانها في ظل الاوضاع الراهنة ليست فألا حسنا. غادرنا القشلة انا وابو بكرار وواحد ينظر بوجه الثاني قائلا.. هو شنو معنى القشلة.. ضحكنا عندما اكتشفنا انها كلمة تركية مشتقة من “قشلاغ” وان الهدف من رنين الساعة هو ايقاظ الجنود الاتراك وكان صوتها يسمع في الكرخ والرصافة بينما كنا نقف انا وعبد الستار على بعد مترين منها ولم نسمع سوى “تكتة” خفيفة .. حمدت الله وقلت مع نفسي .. “همزين ما راح يسمع رنينها الجنود الاتراك”. لكننا نسمع  قصف طائراتهم الحربية لقرانا الحدودية في اقليم كردستان.  

أحدث المقالات