23 ديسمبر، 2024 4:29 ص

ساستنا وترامب “المجنون”

ساستنا وترامب “المجنون”

في كل مرة احاول تجاهل العديد من التساؤلات التي تدور في مخيلتي عن القدرة التي يتمتع بها “جهابذة” السياسة خلال ممارستهم فن “الخدعة” والتظاهر بقوة الشخصية والتمسك بالمبادئ الوطنية في استعراضهم امام شاشات الفضائيات ووسائل الاعلام بمختلف مسمياتها، فيما يتحول احدهم الى “حمل وديع” اذا كانت القضية تتعلق بالمكاسب الشخصية والحفاظ على المناصب حتى لو تطلب الامر المساومة على كرامة المواطنين و”الصمت” عن التدخلات الخارجية في شؤون البلاد والعباد.

فحينما فتحت أبواب الترشيح لمنصب محافظ نينوى الجديد شوهدت أرتال الحجاج تتوجه لاربيل لتحط رحالها في مصيف صلاح الدين ومن مختلف الانتماءات السياسية والجهات التي لم تختلف هذه المرة على هلال موسم الحج، لتستهل مراسيمها بعقد اجتماعات مع “كبير الانفصالين” مسعود البارزاني من اجل ضمان حصتها “بغنيمة” منصب المحافظ الجديد، والتي اختتمت بزيارة ثانية لرئيس البرلمان محمد الحلبوسي خلال اقل من أسبوع سجلت “استهانة” واضحة من قبل البارزاني الذي أرسل الرئيس المؤقت لبرلمان كردستان فالا فريد لاستقبال الحلبوسي في مطار اربيل، ليرد بابتسامة عريضة عنوانها “المصالح الشخصية والمنصب” يتطلبان التضحية بالكرامة، لكن حينما قصفت الطائرات الاميركية قوة من الشرطة الاتحادية في محافظة كركوك لم نسمع اية ادانة او مطالبة بالتحقيق، حتى تصريحات القائم بأعمال السفارة الاميركية جوي هود وحديثه عن فرض عقوبات “صارمة” على العراق اذا استمر في مساعدة ايران وتدخله الواضح في الشؤون الداخلية لم تجد من يردها من السلطات الثلاث او يطالب واشنطن “بلجم” موظفي سفارتها “الضيوف” على ارضنا.

صحيح ان سياسة الابتعاد عن المحاور والنأي بالنفس، افضل الحلول للحفاظ على بلادنا، لكن هذا لا يبرر أبدا “الصمت” الذي يمارسه رئيس الوزراء عادل عبد المهدي وبعض قادة القوى السياسية من الذين يتحولون كالنعامة ويضعون رؤوسهم تحت التراب عندما تذكر التدخلات الاميركية ومطالبات خروج القوات الاجنبية، حتى مواقفهم التي يجهرون بها خلال زياراتهم لواشنطن والحديث عن ضرورة الوجود الاميركي ليست لأجل مصلحة ابناء وطنهم كما يدعون، انما هي مصلحة شخصية او “مساومة” لبعض الاطراف لإجبارهم على تلبية مطالبهم الشخصية، في حين تناسى هؤلاء بانهم بهذه التصرفات يجعلون سيد البيت الابيض “ترامب المجنون” اكثر اندفاعا في تحقيق أهدافه في المنطقة من خلال ايجاد فريق سياسي يتناغم مع خططه في تفريق وحدة الرأي السياسي الذي “يقلق” اميركا اكثر من “القنابل النووية” ويجعلها تفكر الف مرة في تصريحاتها، لكن في الكثير من الأوقات كانت تلك المخططات تجري بما لا تشتهي السياسة الاميركية، مثلا زيارة ترامب السرية الى قاعدة عين الأسد، كانت الشرارة التي اعادت توحيد خطاب القوى السياسية التي تمتلك النفوذ الكبير في مجلس النواب (القوى الشيعية) ودفعتهم باتجاه هدف واحد هو المطالبة بإخراج القوات الاميركية ووضع حد لخرق السيادة.

إن التدخلات الايرانية بالامكان السيطرة عليها بعقد اتفاقيات ثنائية تتضمن ايقاف تمويل بعض الفصائل المسلحة التي لا تلتزم بالقوانين وتشكيل كتلة سياسية تمنع اي تخندق باتجاه محاور دول الجوار، لكن كيف يمكن السيطرة على التدخلات الاميركية وخرق قواتها لجميع الاتفاقيات والعهود من خلال الاستمرار باستهداف القوات الامنية واستخدام اراضينا لاطلاق التهديدات والتصريحات ضد دول الجوار مرة بتصريحات لترامب يتحدث عن تحويل العراق قاعدة لمراقبة طهران ومرة “يتبجح” القائم بأعمال سفارة واشنطن بتصريحات بعيدة عن الشأن العراقي هدفها تحويل بلادنا الى ساحة لتصفية صراع بلاده مع ايران حينما ينتقد ثروة المرشد الايراني علي خامنئي، نحن بحاجة لمن يرفع راية الاعتراض بوجه تلك التصريحات ويطالب ترامب وجنوده بايقاف هذه “المهزلة” التي ليس لنا فيها لا ناقة ولاجمل، اذا كانت مشكلتكم مع ايران فتلك حدودها وأراضيها وهي ليست ببعيدة، لكن كيف لترامب ان يصمت وهناك من يصفق له من “ساستنا”.

الخلاصة.. ان التدخلات الاميركية في بلادنا لن تنتهي ومايريده ترامب لن يتوقف عند حدود القواعد الاميركية واذا كانت خطوة ادراج الحرس الثوري على لائحة الاٍرهاب اصبحت حقيقة فخطوته المقبلة قد تكون اضافة الحشد الشعبي على هذه اللائحة، فهو يسعى لطموح كبير اخبرنا عنه محمود المشهداني حينما تحدث بان “ترامب يسعى لاعتراف ايران “بصفقة القرن” بعد ان ضمن موافقة الدول العربية” ليبلغنا ايضا بان ترامب “لا يريد للعراق ان يؤدي دور الوساطة في هذه الازمة انما كساعي بريد لنقل الرسائل فقط”.. اخيرا السؤال الذي لابد منه… متى يجيد ساستنا استخدام الدبلوماسية لرفض تدخلات ترامب المجنون؟.