ليس بجديدٍ على ساسة هذا البلد ” وبمختلف مشاربهم ومآكلهم ” في الإيغال في التذبذب والتنافر والتقاطع في كلّ ما غير قابلٍ لذلك .!
الموقف التركي الأخير والذي يكاد يكون تحوّلاً سياسيا – عسكريا تجاه داعش وال ” P.K.K – حزب العمال الكردي – التركي ” وبنسبةٍ تناهز 180 درجة , قد افرزَ مواقفا وغرائباً وعجائبا في الساحة العراقية , بما يفاجئ القادة الترك والرأي العام العربي والدولي , فعدا أنّ قيادة الأقليم قد اعلنت ثلاثة تصريحاتٍ متناقضة خلال اقل من 48 ساعة تتراوح بين الرفض المطلق , وال POLITICAL FLEXIBILITY – المرونة والليونة السياسية + التأييد الخجول او المضطر للموقف والتطوّر التركي الجديد , وعدا ايضا مواقف قوى سياسية محسوبة على الحزب الديمقراطي الكردستاني الرافضة للتدخل العسكري التركي , وبغضّ النظر كذلك عن درجات ونسب التباين بين مواقف الأحزاب الكردية الأخرى تجاه ذلك , وكلّ هذا ليس بموضوعنا ولسنا بصدده .
لاشكّ أنّ العراق او دولة العراق تحديداً بحاجةٍ اكثر من ماسّة لأية بندقيةٍ اضافيةٍ تطلق النار على الدواعش مهما كانت جنسية الأصابع التي تضغط على الزناد .! , فما أنْ شرعَ سلاح الجو التركي ببدء غاراته على كلا مقاتلي داعش وال P.K.K التركي المزروع والمحتضن في شمال القطر , حتى التهبت وتورّمت الحاسّة السياسية ” الفاقدة للإحساس ” لكثيرٍ من القوى والأحزاب السياسية اللائي < بنهمٍ و شرهٍ > تتقاسم ” بنسبٍ متفاوتةٍ تنافسيةٍ ” كعكة السلطة السيئة الصيت , عبر رفضهم التدخّل العسكري التركي جوّاً تحت ذرائعٍ خارج الحدود الأقليمية للعقل البشري .
إنّ الموقف الرسمي للدولة تجاه الأحداث الخارجية هو من اختصاص وزارة الخارجية فقط ” كما هو معروف ” في كافة دول العالم , إنما أن تقوم بعض الأطراف السياسية بدسّ أنوفها فيما لا يعنيها وبالضد من المصلحة الوطنية والأمنيّة للبلاد فهو أمرٌ له ما له من دلالات .! ومن المحزن أنّ الدولة عاجزة عن متابعة الخلفية المبهمة والأبعاد الكامنة التي تدفع بهؤلاء وامثالهم في محاولةٍ مستميتةٍ ” إنّما عابثة ” لعرقلة تشديد الضغوط العسكرية على تنظيم الدواعش وأيّا كانت هذه الضغوط ومن ايٍّ كانت .
وما هو موازٍ لهذا الحزن فهو الشلل الذي ينتاب الدولة تجاه هؤلاء المعترضين , فأنهم لا يزالون يمثلون سلطة الدولة ويسيرون بتبخترٍ في مركباتهم وحماياتهم وسط الشوارع ويتقاطعون مع التقاطعات , وفوق كلّ هذا يفرضون صخبا إعلاميا عبر القنوات الفضائية وينظّرون لما هو غير قابلٍ للتنظير .! , وما على ” المتلقّي ” إلاّ تحمّل الآثار الجانبية ومضاعفاتها على الرؤى والفكر .
إنّما ولكنّما مهما إحتدَّ واشتدَّ هذا الزعيق , فأنّ الأسابيع المقبلة وما ستسفر وتفرز من تطوراتٍ على كلتا الساحتين السياسية والعسكرية , ستجعل هؤلاء المحتجّين يتمنّون لو انهم لم ينطقوا , وستغدو اصواتهم كصمت اصحاب القبور في احسنِ حال .!