18 ديسمبر، 2024 9:17 م

سادة نيبور لم ينصفوها

سادة نيبور لم ينصفوها

نيبور (بلاد سومر) مركز الدين لبلاد الرافدين, وتضم المعابد وآلهة السومريون آنذاك, شيدها أيلينين وجددها الملوك من بعده, وتنافسوا لخدمتها وخدمة شعبها وأعمارها, لأن من رامَ الوصول لتاج الملوكية يتوج في معبدها, حيث معبد أيكور ليُسلم صولجان الحكم؛ نيبور صاحبة تأريخ يمتد لأكثر من 3500ق.م, ولم تكن عاصمةً دينية فحسب, بل كانت بدايتاً لتعليم الكتابة وأنطلاقة العلوم المختلفة, وفيها تأسست محكمة القضاء الرئيسية لحل النزاعات والخلافات.

نيبور الحضارة والتأريخ، لم تعد كذلك اليوم بسبب هجرانها من قبل أمرائها، فكانت مصدر العلم والمعرفة, ومنها أنطلقت الكتابة وتعلموا القراءة، واليوم هي في أدنى مستويات المعرفة والثقافة، بالأمس كانت العاصمة, واليوم تكاد أن تكون منسية, وبالأمس كانت تحت رعاية الملوك والأمراء ويرومون لرضا أهلها ورعاياها، واليوم هي في أعلىٰ حالات الهجران التهميش، بالأمس كانت من أكثر المدن عمراناً وبناء، واليوم هي كادت أن تكون من المُدن المهجورة، بالأمس كانت مدينة الزراعة والأقتصاد، واليوم ماقبل الأخيرة بالفقر.

نيبور لم تكن فقيرة الأمكانيات والفرص، فمؤهلاتها قادرة على جعلها في مراتب المدن الكبرى والعواصم العالمية، تمتلك من المراقد الدينية الكثير لكسب السياح والزائرين، وبالتالي رفدها بالعملة الصعبة وتحريك أسواقها, وهي تملك من التاريخ المشرف لتحفيز أبنائها على النهوض بها, أذا ما أمتلكوا العزيمة والأرادة لذلك، ولها أيضاً الفرص الزراعية الكثيرة لو أستُثمرت صحيحاً لأمست عاصمة العراق الزراعية.

هذه الأمكانيات وغيرها الكثير موجودة, إلا أن أسيادها غفلوا أو تغافلوا عنها, لينشغلوا بصراعاتهم المشخصنة والمتحزبة, فريقٌ يهزم فريق في جولة والأخير يهزم السابق في جولة تتلوها, المواطن متحير في ضوضاء السياسة, والوطن ليس له ناقة ولاجمل في صراع طلاب السلطة, فمنذ عقدٍ من الزمن لم نرى هناك مشروع أستراتيجي لتلك المدينة لينتشلها من واقعها الفقير, ولم نجد برنامج سياسي يخلصها من واقعها المتردي, وإن وجدَ فهو لإستغلال أصوات أبنائها أنتخابياً ليس إلا, مستغلاً بساطة شعبها, الذي لايملك سوى الآمال بمن يعده عسى أن ينهض بهِ, وآمالهُ طويلة وأحلامه صغيرة, إذ لم يصاب بحالة اليأس بعد لنيل أبسط حقوقه.

لاأعلم هل المواطن النيبوري يقف مرة أخرى, ليجدد البيعة للفاسدين والفاشلين أم ستنطلي عليه لعبتهم مرة أخرى ؟؟, هل سينصر من أنتصر له أم يخذل من نصره ؟؟,هل سيقف مع من شخص مشاكله ويملك الحلول لها أم لا ؟؟, أجابات ستُكشف يوم العرس الأنتخابي, ونحن كلنا أمل بشباب نيبور بتغيرهم للواقع, وتحملهم لمسؤولية وطنهم, لكن شريطة أن يكونوا حذرين ممن يحاول أستغلالهم, كما فعلوها مع آبائهم وأجدادهم.