23 ديسمبر، 2024 3:19 ص

ساحة حرب الحشد العراق وليس إسرائيل!

ساحة حرب الحشد العراق وليس إسرائيل!

حالة من الهرج والمرج تسود المشهد السياسي العراقي والمليشيوي على حد سواء، إثر الضربات الجوية المتكررة التي تتعرض لها مخازن الأسلحة الصاروخية لمليشيا الحشد.

موقف أقل ما يقال عنه ضعيف وهزيل استمر لأكثر من شهر، دون إعلان موقف واضح عن الجهة التي تقف وراء عمليات القصف، حيث تعلن جهات غير رسمية أن التفجيرات بسبب تماس كهربائي تارة، وسوء تخزين تارة أخرى.

واستمر الموقف الرسمي برئاساته الثلاثة الذي لم يقنع حتى أصحاب أنصاف العقول، إلى أن أعلنت إسرائيل على لسان رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو مسؤولية بلاده عن تلك الضربات، قائلا “لا حصانة لإيران في أي مكان” وأضاف “أن يد إسرائيل ستطال أي مكان فيه تهديد لها”.

ورغم صراحة إسرائيل في ذلك إلا أن الموقف العراقي مازال يتهرب من قبول هذه الصراحة، معللا ذلك بانتظار التحقيقات الجارية. حيث اتفقت الرئاسات الثلاثة على انتظار نتائج التحقيق الجاري من قبل الجهات “الوطنية المختصة” للخروج بموقف موحد يحفظ “حقوق” العراق، ويعزز “أمنه واستقلاله وسيادته على ترابه الوطني”.

هذا الموقف جاء بعد يوم واحد من توجيه أبو مهدي المهندس القائد الميداني لمليشيا الحشد اتهامات صريحة للولايات المتحدة بأنها سهلت لإسرائيل قصف معسكرات مليشياته في مناطق مختلفة من العراق.

الموقف المرتبك هذا انسحب على الحشد نفسه، حيث قال رئيس هيئة الحشد فالح الفياض، إن اتهامات المهندس للقوات الأميركية في العراق بتوفير دعم لوجستي لطائرات أميركية وأخرى إسرائيلية لمهاجمة العديد من مقرات الحشد في الأسابيع الماضية؛ لا تمثل الموقف الرسمي للهيئة.

ويبدو هذا الاعتراف رغم ارتباكه ما كان ليُعلن لولا التأكيد الإسرائيلي.

هذه المواقف أحرجت الحكومة العراقية ومليشيا الحشد والشعبي على حد سواء لصمتهما الطويل حيال عمليات القصف.

والسؤال هنا: لماذا يتهرب الحشد لكل ما يصدر عن إسرائيل حيال عمليات قصف مخازنه، بينما يهدد أمريكا رغم اعتراف إسرائيل بذلك؟.

من الواضح أن كل الشعارات التي كان يرفعها ومازال من حرق إسرائيل إلى محوها زائفة وكاذبة، وإنها مجرد شعارات فارغة لا تصلح إلا للاستهلاك المحلي. كما تؤكد هذه التطورات أن ساحة معركة الحشد ليست إسرائيل بل مناطق عراقية بعينها لأنها مطلب إيراني بامتياز، هدفها إخضاع تلك المناطق تحت سيطرتها بشتى السبل عبر مليشيا الحشد لترويض العراق بأسره خدمة لمصالحها، فضلا عن جعله -الحشد- كماشة تهدد به أمريكا كلما ازداد الضغط عليها.

كما يبدو إن تهرب الحشد من اتهام اسرائيل يندرج في إطار عدم امتلاكه القدرة الدفاعية، وضعف استخدام القوة الهجومية للرد بالمثل، فضلا عن تراجع الدعم الشعبي له بعد أن اتضح للجميع فساد قادته وانشائهم إمبراطوريات مالية ضخمة على حساب منتسبيه من جهة، واتهامه بممارسات طائفية خلال القتال ضد تنظيم داعش من جهة ثانية. وبالتالي هذا الأمر يطرح تساؤلات عدة لعل من أبرزها: إذا كانت ترسانة الحشد التي كلفت الشعب العراقي أموالا طائلة، وهي بهذه الإمكانيات المتواضعة لدرجة لا تمكنه حتى من عملية رصد الطائرات فما الجدوى منها، لا سيما وأن الحشد نفسه ليست لديه نية الرد وهي رغبة إيرانية، فما جدوى بقائه بميزانيته الفلكية خاصة وقد انتفت أسباب بقائه؟.

واضح تماما أن حلاوة الفساد والنفعية فضلا عن الهدف الأساس الذي أنشيء من أجله الحشد ألذ طعما من شعارات حماية العراق وسيادته.

أما الحكومة العراقية التي تتغنى بالسيادة الوطنية المفقودة أصلا، هي الأخرى طالها الحرج، حيث بات يفضحها الحديث عن السيادة، من حقيقة انتهاك الطيران الإسرائيلي للأجواء العراقية مقابل عجزها عن الرد.

وبما أنه لم يعد من السيادة شيء يذكر، لذا يتوجب على العراقيين إقامة صلاة الميت على بلدهم.