19 ديسمبر، 2024 12:20 ص

ساحة اودان انتصرت وساحة التحرير تنتظر

ساحة اودان انتصرت وساحة التحرير تنتظر

في اقل من شهرين ، تمكنت الحركة الاحتجاجية الجزائرية التي انطلقت من ساحة “اودان “وسط العاصمة من اجبار المعاق بوتفليقة على الاستقالة والاحتفال بانتصارها محققة اهداف المرحلة الاولى من نضالها بالرغم من محاولات الالتفاف والمماطلة وتزيف ارادتها الا ان وضوح الرؤية الذي تميز به المحتجون والاصراروالثبات على المطالب ونضج الظروف الذاتية والموضوعية ، والاهم انه مع كل تظاهرة كانت تزداد الجماهير قوة ومنعة وتكسب اطرافا ومؤسسات من السلطة ،تنحازالى الموج الهادر بعدم تجديد الولاية للنظام المنخور ورئيسه ولابد من اجراء الاصلاح ،فمكنها من نصرها المبين .

المتابع لما جرى في الجزائر لمس كيف ان القوى المحتجة لم يكن بينها قوى موسمية او تتراجع بقرار فرد ، وانما الاعداد تتسع و تزداد من تظاهرة الى اخرى و اضافت ثقلا لقوتها بانحياز اوساط من الحزب الحاكم الى المحتجين وانسلاخهم عن مؤسسة الحكم مما اثر على الجيش الذي غير اتجاهه واراد ان يحجز له موقعا في النظام المتوقع اقامته ،وينأى بنفسه عن الشلة الفاسدة الحاكمة والمحيطة بالرئيس التي اخذت تتقلص ولم تعد قادرة على تسويق سياساتها واقناع الجمهور بها الذي توحد خلف مطلبه الارأس في ازاحة الطبقة الممسكة بزمام السلطة والمعيقة للاصلاح .

هذا وغير من عوامل نجاح الشعب الجزائري وجني ثمار حراكه في وقت قصير لاول مرة في وطننا العربي مستفيدا من وجود قيادة موحدة لم تعرف المساومة والمهادنة واستعداد شعبي للتصعيد في احتجاجه ومواصلته .

الواقع ان اطاحة بوتفليقة المتشبث برئاسة الجمهورية وقيادة جبهة التحرير اثار ارتياحا وفرحا ليس على صعيد الجزائر لوحدها ،وانما في كل ارجاء الوطن العربي والعالم ، فالعصر لم يعد للحكام الدكتاتوريين والفاسدين ليس على صعيد دولهم ،وانما على صعيد مجتمعاتهم واحزابهم ، فقد استجاب اعضاء جبهة التحرير لصوت الجزائرين ولحماية بلدهم ولابقاء دور او تجديده للجبهة في المرحلة المقبلة وانقاذها من الركود وانحسار النفوذ ومن العلل التي تشكو منها ولاجل قراءة صحيحة للواقع اشر لها الاحتجاج الواسع وقبل ان تقع البلاد في الخراب والمحذور .

في بلادنا ،ايضا ، حركة احتجاج لانهاء ازمتها في المحاصصة والطائفية والفساد .. مضى عليها سنوات مستمرة في خروجها تستمد قوتها من الاداء السيء ومن سلطة المكونات وهي تشتد وتقوى ليس بفعل القوى الجذرية التي تتقدمها ومن خلال تحالف هش مع جزء من الاسلام السياسي الذي يستخدمها تارة لاستعراض القوة او ارسال رسائل للشركاء الاخرين او لتحقيق مطالب آنية ضيقة ، بل ان وجود هذا الطرف المناسباتي في تحركه يضعف الحركة ويقلل من اهميتها الاحتجاجية ويمنع من انظمام قوى ودماء جديدة اليها تمكنها من الاتساع والثبات على المطالب وتطوير نضالها كي يتسع ويكبر ويأتي اؤكله. لقد بينت التظاهرات في ساحات التحرير انه كلما ازداد عدد المشاركين فيها تثير خوف الحكومة وقلقها من تطورها الى ما لا ترغب ،فتسرع بالاستجابة الى بعض مطالبها الفئوية الخدمية والاقتصادية وتلبية جزء من اهدافها ، ولكن ليست الجذرية المتعلقة باصلاح النظام كله .

ان دروس التجربة الجزائرية غنية خصوصا استقطاب قوى الشعب للفعل والنشاط الواسع والصلب وتحييد المؤسسة الامنية ولجم القوى المحيطة بالرئاسة… تجربة العراقيين في الاحتجاجات بحاجة الى مراجعة وابتداع اساليب جديدة في النضال واقامة تحالفات صلبة ومتنوعة لا ترتهن بوجود هذا الطرف او ذاك القائد فيها .