23 ديسمبر، 2024 12:51 ص

ساحة التحرير امتداد إلى ساحة الطف

ساحة التحرير امتداد إلى ساحة الطف

ساحة الاحرار النصب التذكاري، الذي طالما توسدته جموع المظلومين، والمحرومين، والجياع للمطالبة بحقوقهم للتعبير،عن قضايا همومهم ومعاناتهم، فاصبح منبرا للحرية للشعب المقهور يقصده الناس من ارجاء العراق للتعبير عن مطالبهم او الانطلاق بثوراتهم،التي ترتبط بوجودية الإنسان وحريته، مستلهمين من قضية الإمام الحسين (عليه السلام) دروس الإصلاح والتحرر، من كل أشكال الخوف والاستعباد والعبودية، والذين يعتبرونها القضية المركزية التحررية للثورة ضد كل اشكال الظلم والفساد والطغيان،

ومن حيث لا تزال قضية الإمام الحسين عليه (السلام) محور للجدل الديني، والاجتماعي والسياسي القائم، بالرغم من عمر تلك الحادثة الدموية، التي تعرض لها عبر حقبات التاريخ السحيق، حيث لا تزال شعارات تلك القضية شاخصة في النفوس والاعماق، تلهب في الذاكرة وجرح عربي يتوسد الخاصرة،

الإمام الحسين ع والذي خرج ثائرا طالبا بالإصلاح ،وإقامة الحكم العادل الذي تنطبق عليه أسس العدالة،والحق والفضيلة وصلاح الإنسان، وبعد ان خرج الإمام واتباعه مطالبين بالإصلاح، قتلته الفئة الباغية الضالة التي كانت تتمسك بمخالبها الوقحة في السلطة في كربلاء، وارتقت دماءهم الطاهرة في اسوأ مشهد دموي من القتل والتمثيل،

ثم تتحول مجزرة القتل فيما بعد الى حرب تاريخية لكل الثورات التحررية ،وصراعات مستمرة لم تضع اوزارها حتى عصرنا الحالي، .فلم تكاد تخلو حقبة زمنية على مر السنين، إذ لم تشهد فيها ثورة ومطالبات وانتفاضات، وفي كل حركة قيام للجهاد وحركة تمرد، ضد كل اشكال الظلم والطغيان والفساد والتي كانت المحور الرئيسي لثقافة الثورة وعناصر امتدادها وديمومتها لكل ثورات الثائرين ضد الظلم ورموز الظلم والطغاة، وكانت شعارات الثائرين تجسيدا لكل عناوين الثورة الحسينية، وحتى في عناوينها الثأرية من اقطاب الظلم والطغاة، والمتتبع لهذا الحدث التاريخي والمنعطف الخطير في تاريخ الأمة الإسلامية،لوجد ان هنالك ترابطا وثيقا،وصلة متلازمة لكل الثورات التي تلاحقت بعد ثورة الامام الحسين التي تم الاجهاز عليها،من قبل جيش الحكومة الأموية والمتعاونين معها، في سفك دماء الامام الحسين ع واهل بيته واصحابه،والتي أصبحت فيما بعد نقطة فاصلة في مسيرة الأمة الاسلامية، وانقسامها الى معسكرين بين الحق والباطل، بين الظالم والمظلوم، لاحقاق العدالة ضد نزعة السلطة الحاكمة، وأدوات غطرستها وظلمها وفسادها….

ان لغة الدم والثأر والظلم والتعسف، لن تولد سوى المزيد من اراقة الدماء، ومزيدا من الحقد والكراهية، وخصوصا بين طرفي النزاع بين شعب يتوق للحرية والعدالة والاصلاح، وسلطة تمارس الفساد والظلم والتعسف والقتل، وكما هو معلوم في لغة الدم، وخصوصا في المجتمعات العربية لغة معقدة، في اطارها العام كونها تخضع لإرادات وعادات مشبعة بالفكر القبلي المعقد، تعطيه الاحقيه القبلية، وحتى الدينية للمطالبة بالدم شرعا وعرفا وقانونا،

ان ما حدث مؤخرا من ردات فعل خطيرة من قبل بعض الاجهزة الامنية المكلفة بحماية المنطقة الغبراء، من اطلاق النار على المتظاهرين واراقة الدماء على اسوارها ..يدل على ان هنالك مؤشرا خطيرا، وحدثا كبيرا قد يحدث في ردة فعل اعتيادية وطبيعية مشحونة بردات فعل انتقامية وعاطفية، تأخذ منحى جديد على خطى الثورة واستياء الجماهير الغاضبة، كما ان لا احد يستطيع ان يتنبأ بالأحداث المتسارعة للمواقف وحدتها وردات فعلها..

ان أسلوب السلمية التي اتبعها المتظاهرون، طيلة فترة التظاهرات والاعتصامات في العراق، اعطت القوة الدستورية والشرعية للتظاهرات بكل اساليبها وادبياتها الأخلاقية …والقت تعاطفا شعبيا واسعا تعاطفت معها كل القوات الأمنية والعسكرية وخضعت لارادة سلميتها وانضباطها، ..لكن سلمية التظاهرة البيضاء تم تفريغها من محتواها بعد ان عجزت الحكومة من السيطرة عليها وقمعتها بالرصاص الحي، لعدة مرات وفي حكومات متعاقبة بنفس الاسلوب والنهج الاستبدادي، وحولتها الى ثورة حمراء مصبوغة باللون الأحمر، ولتشهد نقلة خطيرة في مسيرة الثورة ولونها الابيض ورايتها العراقية .. قد لا يحمد عقباه ان جاءت العاصفة الثورية الشعبية وتحولت الى ثورة مسلحة، ستحرق الخضراء، ومن فيها وخصوصا ان استعانت اطراف الحكومة بحماية حصونها من قبل قوى خارجية تتمثل بوجودية محتل جديد يفرض سلطة الحكومة التي فقدت شرعيتها الدستورية والاخلاقية والقانونية،وعجزت عن الوفاء والالتزامات والوعود بتحقيق مطاليب الشعب، واصبحت الحكومة ورؤوس سلطتها مطلوبة للشعب بجريمة القتل العمد لابناء شعبها،

وان الدعاة الجدد للديمقراطية وادعاءاتهم حول احترام ارادة الشعوب والحريات المدنية ، فعلوا ما لم يفعله (حزب البعث) !

وأجزم هما وجهان لعملة واحدة ، في تكرار اعمال القتل والقمع واستخدام القوة المفرطة، من غير وجه حق ضد الأبرياء المطالبين بحقوقهم الشرعية، والدستورية والقانونية، لكن الدعاة تفوقوا وبكل جدارة على سلفهم البعث باسلحتهم المتطورة وعقليتهم الهمجية وميليشياتهم الوقحة،شكرا للدعاة الحفاة على هذه المجازر العلنية، ..والسلام على شهداء الحرية الذين كانوا امتدادا لشهداء الطف في ثورتهم التحررية الخالدة.