المعروف وفق علم السياسة او لدى الدارسين للنظم السياسية ، او لدى المختصين بالقانون الدستوري ، ان المتوخى من وراء اي انتخاب هو معرفة من هو الفائز بهذه الانتخابات حال ظهور نتائجها النهائية، اي لمن حصل للتو على اغلب اصوات الناخبين ، بتعبير ادق ان الفائز انتخابيا هو من تجاوز خط الاخرين في السباق لحظة اعلان النتائج ، وهذا بالتحديد ما ذهبت اليه المادة 76 من دستور عام 2005 النافذ، حيث نصت على ان ،، يكلف رئيس الجمهورية ، مرشح الكتلة النيابية الاكثر عددأ بتشكيل مجلس الوزراء ، وقصد المشرع الكتلة الاكثر عددا للتو لا الكتلة المتكونة من تحالف عدة كتل بعد ظهور النتائج ، لان هذه العملية ستفقد عملية الانتخابات مضمونها القانوني والدستوري والقائمة على الاغلبية الحقيقية للمقترعين ، اثناء الانتخابات لا بعدها ، ففي عام 2010 مثلا ، وبعد مرور اربعة اشهر تقريبا من تأريخ الانتخابات العراقية ، جرت في المملكة المتحدة انتخابات نيابية ، ففاز حزب المحافظين بأغلبية لا تمكنه من تشكيل الحكومة ، ولكن رغم ذلك وبما ان هذا الحزب فاز بالاغلبية للوهلة الاؤلى ، فقد توجهت الملكة بدعوة المستر ديفيد كامرون بتشكيل الحكومة باعتباره زعيما لحزب المحافظين ، وهنا تتألق في السماء درة الديمقراطية ، وبما ان المستر كامرون لا يستطيع الحصول على موافقة البرلمان لوحده بتشكيل الوزارة ، لذا فقد قام بالتحالف مع حزب اللبراليين الديمقراطيين الذي فاز ب 57 مقعد ، اي ان تحالفه جاء بعد ان كلفته الملكة بتشكيل الوزارة باعتباره زعيم الحزب الفائز (للتو) اكرر للتو، وفي اواخر عام 2017 ، جرت انتخابات في المانيا ، فازالحزب الديمقراطي المسيحي بزعامة المستشارة الالمانية انكيلا ميركل بأغلبية برلمانية لا تمكنها من الحصول على موافقة البرلمان ، الا ان الرئيس الالماني الاتحادي كلف المستشارة بتشكيل الوزارة كونها تتزعم الحزب الفائز للوهلة الاؤلى ، وبعد تكليفها قامت بتشكيل ائتلاف مع الحزب الاشتراكي الالماني ، اي ان التكتل جاء بعد التكليف ، وهذا هو ما تعلمناه اكاديميا في علم الانتخابات والنظم السياسية، وهو ما متبع في كل النظم الديمقراطية في العالم ، وهو ذات الشئ ما تم فعله ابان انتخابات العراق الاؤلى لعام 2005 ، حيث تم تكليف السييد نوري المالكي بتشكيل اول حكومة منتخبة بعد عام 2003 ، باعتباره زعيم الكتلة الفائزة للوهلة الاؤلى (اي الكتلة الاكثر عددا، )، غير ان ما ذهبت اليه المحكمة الاتحادية عام 2010، بتفسيرها للمادة 76 ، كان مخالفا لذات القاعدة التي اعتمدها المشرع ، واشرف على تنفيذها في تشكيل الوزارة المالكية الاؤلى ، حين افتت بصحة التحالف بعد ظهور النتائج لانها بهذا التفسير قد ابتعدت كليا عن ما استقر عليه الفقه الدستوري والقائم على القبول بصحة النتائج الاولية كما وانها شكلت بذلك سابقة لا يمكن التسليم بها لانها تتعارض مع ما استقر عليه العرف الديمقراطي ،
ان الانتخاب تصرف قانوني يقوم على قواعد قانونية مستمدة من الدساتير ، وان تفسير الدساتير في العالم لا يقوم على مواقف او ضغوطات سياسية او حزبية او شخصية، انما هو تصرف قانوني يتصدى له كيان قانوني له من الخبرة والكفاءة والنزاهة والاستقلالية بما تمكنه من اصدار احكام لا تمس جوهر القوانين انما تسير وفق هداها وتعمل على تحقيق مضامينها ، وهذا ما لم توفق به المحكمة الاتحادية في العراق ، واليوم ولو لم يكن ذلك التفسير لكان على كتلة سائرون ان تكلف بتشكيل الوزارة لانها الفائزة بأعلى المقاعد البرلمانية ومن ثم يحق لها الائتلاف مع الكتل الاخرى للحصول على النصاب القانوني الذي يمكنها من نيل ثقة البرلمان ، ان ما ذهبت اليه المحكمة سوف يؤدي الى تعطيل تنفيذ ماورد في المادة 54 من الدستور والتي تنص على ،، يدعو رئيس الجمهورية مجلس النواب للانعقاد بمرسوم جمهوري خلال خمسة عشر يوما من تاريخ المصادقة على نتائج الانتخابات العامة، ، اي عقد الجلسة الاؤلى والتي فيها ايضا تتقدم الكتلة الاكثر عددا للحصول على موافقة البرلمان ، حيث ونتيجة لطول المداولات بين الكتل والمساومات سوف يؤدي كل ذلك بتوجيه الضغوط على المفوضية العليا المستقلة للانتخابات بعدم المصادقة على النتائج النهائية ، وهذا التأخير كان نتيجة لتجاوز الاعراف الديمقراطية المسلم بها عالميا والتي لا تقبل الا بالنتائج الاولية للانتخابات…