أتسمت علاقة النظام السابق مع الدول العربية ودول الجوار بالتوتر الدائم وعدم الأتزان والأستقرار وازدادت تلك العلاقة سوءا بعد أجتياح الكويت عام 1990 واستمرت تلك العلاقة المتوترة الى حين سقوط النظام السابق عام 2003.
وكلنا يتذكر تلك الأوصاف التي كان أعلام النظام السابق يطلقها على بعض رؤوساء الدول العربية!، (فهذا بن اليهودية ،وهذا أرنب الجولان ،وذاك خائن الحرمين الشريفين ،والاخر القزم ، وحسني مبارك الخفيف!). ومن الطبيعي كان بالمقابل أعلام مضاد من تلك الدول لكل رموز النظام السابق وتحديدا على الرئيس السابق لا يخلو من سب وشتم واوصاف وفضائح!.
ومن المؤسف أن هذه العلاقة المتوترة والعدائية دفع ثمنها الشعب العراقي من بعد السقوط حيث كانت ولا زالت بعض الدول العربية وبعض دول الجوار تنظر الى الشعب العراقي بنفس نظرتها وحقدها وكرهها لصدام ولنظامه! وكأن الشعب العراقي هو جزء من ذلك النظام؟
وقد تجلت تلك النظرة من خلال سوء معاملة العراقيين الذين لجئوا الى تلك الدول بعد الأحداث المريرة التي جرت بالعراق من بعد سقوط النظام السابق ولحد الان ، وقد نشرت الكثير من الصحف قصصا عن سوء تلك المعاملة البعيدة عن الأحترام والأنسانية وخاصة معاملة العراقيين في المطارات!.
وعندما حان قرار أسقاط النظام السابق بقيادة أمريكا سارعت جميع دول الجوار بما فيهم أيران! فرغم عدائها المعروف لأمريكا والتي تسميها بالشيطان الأكبر!!، سارعت مع بقية دول الجوار! بتقديم كافة المساعدات بما فيها المعلومات الأمنية والأستخبارية وكذلك الخدمات اللوجستية لأمريكا!، وذلك بفتح أراضيهم ومطاراتهم ومجالهم الجوي أمام القوات الأمريكية الغازية للعراق.
وبعد سقوط النظام السابق وعلى عكس ما كان متوقعا وعكس كل التصورات سرعان ما احتضنت هذه الدول الكثير من القيادات والمسؤولين والضباط الكبار في النظام السابق هم وعوائلهم!
ذلك النظام الذي كان يمثل مصدر تهديد وأزعاج لهم؟ وأصبحوا الملاذ الآمن والأمين لهم!!، ولم يكتفوا بذلك التبدل والأنقلاب بالموقف والمثير للغرابة؟! بل
سرعان ما بدأوا بالتدخل بالشأن العراقي الداخلي وذلك بأتخاذ سلسلة من المواقف السياسية والعدائية والتصريحات الأعلامية التي أسهمت الى حد كبير بأثارة الفتن وخلق الكثير من المشاكل والصعوبات أمام حكام العراق الجدد وقياداته السياسية المختلفة والضعيفة أصلا!،
فبدأوا بتصدير الأرهاب له وسرقة موارده النفطية والأثارية وقتل الكفاءات العراقية في شتى ميادين العلوم والمعرفة وخاصة الأطباء منهم وتدمير أقتصاده بشتى الأساليب والطرق ومحاربته بقطع الماء عنه ولو كان بأستطاعتهم قطع الهواء عنه لما ترددوا وتأخروا عن ذلك!؟ كل ذلك حدث ويحدث تحت انظار الأمريكان ان لم يكن بضوء أخضر منهم!!.
ومن كثرة تدخل دول الجوار بالشأن العراقي صار المواطن العراقي يتهم تلك الدول حتى أذا هبت عاصفة ترابية على العراق!.
والسؤال هنا: لماذا كل هذه المواقف التي أنقلبت رأسا على عقب تجاه العراق من بعد السقوط؟ ألم يكن أسقاط النظام السابق هو ماكان يتمنون ويرغبون لكونه كان يمثل مصدر خوف وأزعاج دائم لهم؟!،
وهل أن هذه المواقف السلبية والمنقلبة وبشكل غريب تجاه العراق من بعد السقوط هو لتصحيح الخطأ؟! ومحاولة لأعادة البعث للمرة الثالثة الى سد الحكم؟ أم هو الخوف فعلا من التجربة الديمقراطية في العراق؟ رغم ثبوت فشل هذه الديمقراطية بعد مرورأكثر من 14 عام عليها و بأعتراف أمريكا نفسها!!
أم تأتي هذه المواقف بسبب رفض الدول العربية لوجود حكومة شيعية في العراق خوفا من تكرار تجربة النظام الشيعي في أيران! ومنعا من أستكمال الهلال الشيعي في المنطقة؟
أم تأتي هذه المواقف بالضد من العراق في محاولة لأخراجه من أنياب الذئب الأيراني الذي كان العراق أجمل وأغلى هدية قدمتها أمريكا لأيران بعد أسقاطها النظام السابق؟!
أم هو لا هذا ولا ذاك! بل هي هجمة قاسية وشرسة ولئيمة وحاقدة ومنظمة أشترك بها الجميع وبرعاية أمريكا لتدمير العراق أرضا وشعبا وتاريخا وأستنزاف كل خيراته؟ تظل هذه الأسئلة تدور في أذهان الكثير الكثير من الناس رغم مرور أكثر من 13 عام على سقوط النظام؟! ويظل الكثير يدورون في ضبابية مثل هذه المواقف وغيرها بلا أية جواب ونتيجة وتوضيح!.
أخيرا نقول: رغم مرور قرابة 14 عام على سقوط النظام السابق ورغم ظهور الكثير من خبايا اللعبة السياسية بالعراق التي بدأت بالعراق من بعد سقوط النظام السابق!،ومع ذلك لا احد يعلم ماذا تخبيء الأيام القادمة للعراق في خضم هذه اللعبة السياسية الكبيرة التي تستهدف العراق وشعبه. ولا حيلة لنا سوى الدعاء بأن يحفظ الله العراق وشعبه من كل سوء وأن يرد كيد الحاقدين الى نحورهم.