ولدي أيوب البالغ من العمر أحد عشر عاماً. شاهدته قد تراسل مع صديق من خارج العراق قد تعرف عليه من خلال الألعاب الإلكترونية عبر الأنترنيت. محادثة من نوع خاص لا يفهمها إلاّ العراقي إبن العراقي والذي عاش في العراق. أمّا غير ذلك فمن الصعب عليه إدراك وإحساس ما يقوله أيوب.
كان الحديث كالآتي:
– أيوب: أنا أسف لقد خرجت من اللعبة لأن الكهرباء مولدة وقد فصل السيركت.
– الصديق: كيف؟
– أيوب: الكهرباء مقطوعة ونحن الآن على المولدة.
– الصديق: أي مولدة؟
– أيوب: مولدة المحلة.. فالكهرباء مقطوعة منذ اكثر من 4 ساعات.
– الصديق: لماذا؟
– أيوب: لان أمي قامت بتشغيل ماطور الماء لسحب الماء.
– الصديق: لماذا؟
– أيوب: لان الكهرباء مقطوعة ولدينا 4 امبيرات فقط.
– الصديق: لماذا مقطوعة؟
– أيوب: لان الجو حار ودرجة الحرارة تفوق الـ (50) درجة.
– الصديق: وهل تقطع الكهرباء في الجو الحار.
– أيوب: نعم.
– الصديق: لماذا؟
– أيوب: يقولون لأننا نشغل المكيفات وماطورات المياه.
– الصديق: وكيف لا وحرارة الجو تفوق الـ (50) درجة.
– أيوب: لهذا فإن المولدات تستريح كل اربع ساعات والسيركت يفصل.
– الصديق: ما هو السيركت؟
– أيوب: نحن لدينا سيركت فقط لـ 4 امبيرات.
– الصديق: ما هو الامبير.
– أيوب: ألا تعرف المولدات؟
– الصديق: لا لم أسمع عن المولدات..
– أيوب: وكيف تحصلون على الكهرباء عند انقطاع الوطني؟
– الصديق: كيف؟ لا أفهم؟
– أيوب: عند انقطاع الكهرباء لديكم ماذا تفعلون في هذا الجو الحار؟ كيف تحصلون على الكهرباء؟ أم
تجلسون وتلعنون الظلام وفي حرارة الغرفة الملتهبة؟
– الصديق: ولماذا تنقطع الكهرباء؟
اشفق أيوب كثيراً على صديقه الذي لا يملك في بلده مولدات كهرباء.
عجز أيوب عن الإجابة على سؤال صديقه عن سبب انقطاع الكهرباء، كما يعجز الجميع عن ايجاد جواب لهذا السؤال.. واستمر الحديث طويلا بينهم.
لعمره الصغير وكونه في بداية مشواره مع بلد اسمه العراق تعذر على ولدي أيوب التواصل مع هذا الصديق. تعذر عليه أن يجيب على سؤاله وأن يشرح له سبب انقطاع الكهرباء في بلده العراق. لم يتمكن بعد من استيعاب الذي يدور من حوله لكي يوضح لهذا السائل عن اسباب انعدام الكهرباء. أيوب ومن بعمر أيوب يضنون أن العالم كله يعاني مما يعانون هم. يعتقد أن الحر في كل البلدان يفوق الخمسون. يظنون بأن كل دول العالم فيها مولدات تؤمن لهم شيئا من الكهرباء. إنهم لا يعلمون بأنهم يعيشون في بلد تقبر فيه الأحلام وتدفن الأمنيات.
عندها تواريت عن أيوب واخفيت نفسي خوفاً من أن يبحث أيوب عن الإجابة عندي. كيف أوجز له السبب، ومن أين أبدأ بالجواب؟ ابتعدت عن المكان خشية أن يوجه أيوب لي السؤال نفسه: لماذا لا نملك الكهرباء؟
فحقاً لماذا لا يوجد كهرباء في العراق؟