كانت ملحة الطف الخالدة ومازالت أبرز وأظهر مأساة عرفها التاريخ على الأطلاق˛ فلم تكن حرباً ولا قتالآ بالمعنى المعروف للحرب والقتال˛ وإنما كانت مجزرة دامية نفذت بوحشية وبربرية بإل الرسول (ص) كباراً وصغاراً˛ فلقد أحاطت بهم من كل جانب كثرة غاشية باغية˛ وقد منعت عنهم الطعام والشراب أياماً˛ وحين أشرف الجميع على الهلاك من الجوع والعطش أنهالوا عليهم رمياً بالسهام˛ ورشقاً بالحجارة˛ وضرباً بالسيوف˛ وطعناً بالرماح ولما سقطوا صرعى قطعوا الرؤوس˛ ووطأوا الجثث بحوافر الخيل مقبلين ومدبرين˛ وبقروا بطون الأطفال˛ وأضرموا النار في الأخبية على النساء ومع كل هذا المأساة والمحن فقد كان كان للمرأة والمتمثلة بالسيدة زينب (ع) دوراً هاماً وكان لها أبعد الأثر في الكشف عن مخازي الأمويين وأنهيار حكمهم˛ وتأليب الناس عليهم فقد كانت تلك السيدة قد ورثة الشجاعة ورباطة الجأش عن أبيها صاحب البطولات العريضة أبتداً من أفتداء أبن عمه الرسول الأعظم (ص) وأنتهاً بإستشهاده (ع) عندما قال : فزت ورب الكعبة فلم تكن (ع) من النساء التي تلجأ في تلك الظروف القاسية إلى البكاء والنحيب بل كانت بمثابة زعيمة الجبهة الداخلية والتي تتولى الأسناد والدعم ورفع المعنويات بل أنها وسيلة الأعلام التي فضحت الأمويين من خلال سبيها مكشوفة الرأس مكبلة اليد ولكنها كانت تؤجج الثورة على أل سفيان وتلهب حماسة المسلمين ضدهم في كل بلد تطاف سبيه خلاله وعند دخولها مجلس أبن زياد في قصر الأمارة قالت في حشد من الناس : (الحمد الله الذي أكرمنا بنبيه محمد (ص)˛ وطهرنا من الرجس تطهيراً إنما يفتح الفاسق˛ ويكذب الفاجر˛ وهو غيرنا) لقد بينت من خلال تلك الخطبة فسقهم وفجورهم ولعن أبائهم وأجدادهم على مسمع ومرأى من الناس ومهدت الطريق لعنهم والدعاية ضدهم وضد سلطانهم.
ولعمري أن السيدة زينب (ع) في واقعة الطف يجب أن تكون القدة الحسنة لكل عراقية مهما عاشت مع زوجها أو أخيها ظروفاً قاسية.