لقد أظهرت السيرة العطرة للصديقة الصغرى عليها السلام أهمية الدور الذي قامت به هذه السيدة الجليلة ، ونحن في ذكرى ولادتها الميمونة نتذكر هذا الدور لكي يلهمنا القوة والثبات في عالم كثر فيه الفساد ، السيد الزينب عليها السلام كانت شاهدة وبطلة وخطيبة والحامية للإمامة في حدثين مهمين جداً بل يعتبران من أهم مفاصل التاريخ الإسلامي الذي بهما بقى الإسلام ومن خلالهما شُخص الإنحراف في مسيرة الأمة بعد وفاة نبي الرحمة محمد (ص) ، الحدث الأول الذي وضع النقاط على الحروف وأعطى لكل صحابي حقه ومقامه الذي به سيقابل الله سبحانه وتعالى أما بالرضى والجنان وأما الغضب ومن ثم النيران وبينت لكل المسلمين طريق الحق الذي يجب أن يتبعوه الى قيام الساعة ، والحدث الأول بل الثورة الأولى في الإسلام التي قامت بها سيدة نساء أهل الجنة و بضعة المصطفى (ص) التي يغضب الله لغضبها ويرضى لرضاها ضد الذين سرقوا الخلافة من بعلها أمير المؤمنين عليه السلام بالإضافة الى إغتصابهم منها فدك والعوالي ، فقد كانت الصديقة الصغرى عليها السلام الشاهد والناقل والراوي لأحداث هذه الثورة المهمة وبدونها لطمس التاريخ بكتابه المرتزقة أهم صرخة دوت في فضاء مسجد رسول الله (ص) الذي يعتبر مقر الحكومة أنذاك وأعلموا أني فاطمة وأبي محمد (ص) ، بهذا التهديد القوي للأمة أثبتت زيف كل من تقمص الخلافة وضلالة كل من أتبعه الى يوم الدين ، وقد نقلت لنا الصديقة الصغرى عليها السلام تفاصيل تلك الثورة وكذلك خطبة أمها الزهراء عليها السلام التي تعتبر من أهم الخطب في التاريخ الإسلامي من الناحية الدينية والعلمية والسياسية والأدبية وكذلك التاريخية ، وأما الحدث الثاني فكانت تمثل فيه المرحلة الثانية التي بها ظهرت أهمية وقداسة المرحلة الأولى ، فكانت ثورة الإمام الحسين عليه السلام في عاشوراء كربلاء على فساد بني أمية وحكمهم الظالم الذي كاد أن يرجع الأمة الى عبادة الأوثان من جديد لولا صرخة أبا الأحرار عليه السلام (من مثلي لا يبايع مثله )
أو (وأني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالما وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي أريد أن أمر بالمعروف وأنهي عن المنكر واسير بسيرة جدي وابي علي بن ابي طالب عليهما السلام )، هذه الثورة التي صفعت الأمة الإسلامية وجعلتها تقفز فزعة من سباتها العميق وتدفعها الى طريق الحق الذي أراده الله سبحانه وتعالى لها من جديد ، هذه الثورة التي أرادة لها بني أمية أن تدفن في رمال صحراء كربلاء وتضع عليها غشاوة التاريخ وجهله لها ، ولكن الصوت المحمدي الأصيل صرخ في أعماق التاريخ الإنساني الى قيام الساعة بوجه جميع الطغات والناصبيين الذي كان يمثلهم المجرم عبيد الله بن زياد بالإضافة الى طاغيته يزيد بن معاوية (فكد كيدك واسع سعيك وناصب جهدك فوالله لا تمحو ذكرنا ولا تميت وحينا ولا تدرك أمدنا …. يوم ينادي المناد ألا لعنة الله على الظالمين ) فكانت هذه الخطبة أمتداد لتلك الخطبة التي دوت في مسجد رسول الله (ص) والتي نذرت الأمة ونبهتها للإنحراف والإنقلاب الذي قام به أصحاب السقيفة ، وهكذا فقد رفعت الصديقة الصغرى عليها السلام الشعلة الفاطمية وكذلك الشعلة الحسينية عالياً لكي تنير طريق الحق لكل من يريد الوصل إليه ، وهكذا أصبحت زينب بنت علي بن أبي طالب عليهما السلام حلقة مهمة من حلقات الرسالة المحمدية السمحاء التي من خلالها عرفت الأمة أهم الأدوات التي توصلها الى طريق الهدى الذي أمر الله سبحانه بأتباعه منهجاً في الحياة والتعبد بهداه عبادةً توصلك الى رضى الله سبحانه وتعالى من ثم الجنان والسعادة الأبدية في الدارين .