19 ديسمبر، 2024 12:02 ص

زيف مبكر ..وتأريخ مختلف..

زيف مبكر ..وتأريخ مختلف..

الاسلام ….. هذا الدين الجميل…المذهل في عطاءه  وهو الغذاء الحقيقي للروح الممزوج بالمعنى …الجمالي , القيمي ,الروحي , الاخلاقي , والانساني ..وهو الذي يحثنا على التسامح  , المودة , الصدق , حسن المعاملة , وتفقد ذو القربة , الحب , العفو عند المقدرة ,الشورى ,والعمل الجاد …تلك هي بعض الافكار التي والمفاهيم الجميلة التي تكرست واستقرت في قعر الروح والعقل ..منذ البواكير الاولى لحياتنا …واصبحت مثالا يستحق الاقتداء بها وحعلناها اسوة حسنة لنا ….من منا لا يحب مثل هذه الدعوات الجميلة الداعية الى تنظيم طبيعة العلاقة البشرية ضمن الاطار الكوني العام …….تلك المفاهيم زادت من اقترابنا الى الدين الى حد الالتصاق به … وبدأنا نحب كل الانبياء والرسل والاوصياء ورجال الدين …تلك القيم سمعناها من اهلنا ومن مدارسنا عبر عقدين من الزمن  لكل واحد منا ..وكانت تلك القيم والمعلومات المرادفة لها تنهمر علينا بشكل تلقائي عبر تلك الفترة من عمرنا ..ويبدو انها لا تزال الى الان تنهمر ولكن بصيغ مختلفة عما مضى .. واصبحا نستقبل تلك ( الثقافة ) الروحية الجميلة بفرح عارم دون اي سؤال اعتراضي  اوحتى مداخلات استفسار ..فتلك ثقافة منهجية مدققة من اهل العلم والاختصاص..وكنا نحسب انفسنا اننا انتصرنا على ذواتنا وباتت لدينا القدرة على كبح جماح ارواحنا و باتت تحصننا عن ملذات الدنيا التي نرغب بها..نصرا لتلك الثقافة……وكنا نتطلع بفخر لثقافة التاريخ العربي والاسلامي ونردد بلا انقطاع مفردات قيم الفروسية والشجاعة وومساعدة الفقراء والمحرومين … وكانت ثقافة السيف والدم والنصر والفتح تواصل تدفقها لتشكل لنا فيضا من عالم لا يتماهى مع الواقع ..لكنه ينغرس في عقولنا بتؤده ومحبة ….. وعندما بدأ العمر يأ كل في  سنينه وبدأت عقولنا تنمو وتنضج ..بدأنا نتفتح على اسئلة جديدة …كانت محظورة علينا انذاك لصغر اعمارنا  ولضعف قوة الادراك الواعي لصياغتها …بدأنا نضعف امام تلك الاسئلة التي تقودنا الى كم كبير من الاسئلة اللاحقة …
وعلى اثر ذلك …. وجدنا انا تاريخنا مملوء بالدم , الخيانة , حب الذات الجامح , التسلط , القسوة , الكذب ,النهب والسلب .الابتعاد عن الايمان الحق ..والتلاعب الخطير بتدوين التاريخي بشكل سياسي او مصلحي او مزاجي ……..وان الدين اختصر فيما بعد بمدونة فقهية ليس الا وتحولت تلك المدونة تدريجيا الى مدونة سياسية او ايدلوجية  وكانها تتناغم مع الفكر السياسي الوضعي …… وبدأ ينكشف المستور ويتمزق الحجاب الكثيف الذي ارادوا ان يغطون به جميع  امراضهم التاريخية  …. وبدأت ايضا تتكشف لنا بعض  صور الرموز الدينية من الصحابة والتابعين التي اوهمونا بها سابقا بانها كانت تمتلك من الحكمة والشجاعة والعغة ما لايملكه احدا غيرهم … ولكن الواقع للمتفحص بشكل دقيق يجد انهم لايمكن ولا يعقل ان يحسب على المسلمين او حتى لايمكن ان يقع توصيفه ضمن دائرة الانسانية …بل من الممكن اطلاق تسمية وحوش انسانية عليهم وبلا تردد..ابتلى التاريخ بهم وبجرائمهم …فتراهم مسكونين بتغير قيم الاسلام وشغوفين بالتسلط والجبروت والعدوانية والامثلة لمن يريد كثيرة وكثيرة جدا ………..
بدأنا نعيش على نقيض مرحلتين … تعتمد الاولى بتاء اولي اتسم بتصوير التاريخ بأنه مثال جميل نفتخر به وبرجاله وما صنعوه من قيم جمالية … زادت التاريخ القا وعنفوان ومحبة …… وبين مرحلة ثانية اعتمدت البحث والدراسة فوجدت التاريخ قد امتلئ زيفا وكراهية وعنف وانقسام وحروب وكذب وتدليس وان بعض الرجال قد اركبوهم سروجا غير سروجهم ..واطاحوا برجال كانوا مثالا للعزة والفخروالكرامة والتدين الحق ….
… وبين سطوة المرحلتين وتأثيراتها ..يبدأ التسأول الاكثر مشروعية………
لماذا هذا السكوت ..عن مناقشة التزوير في التاريخ ولماذا لايسمح بملاحقة الزيف وكشفه عبر الدراسات العلمية المنهجية المعقولة … وكيف للسابقين امتلاك ناصية منح اوسمة التقديس والتبجيل لناس لا يستحقوها بالمرة …….. ومن ثم متى يتم رفع غطاء الحماية غير المبرر عن البحث في مجالات الدين والتاريخ ومنح الموافقة على البحث في المقدس وبيان الغث من السمين ….هل نبقى مسكونين بالتاريخ الذي يدمر مستقبلنا يوميا..ام نحن مسكونين بالزيف الذي يتراكم يوميا … يبدو اننا سنبقى واهمين وندرك اننا واهمين …ونحن فرحين بذلك .