23 ديسمبر، 2024 12:40 م

زيف الشعارات الانتخابية … مرة اخرى – شعار ( عزم وبناء ) انموذجا

زيف الشعارات الانتخابية … مرة اخرى – شعار ( عزم وبناء ) انموذجا

ثمة اشكالية تطفح الى مستوى الظاهرة الاجتماعية العراقية مع قرب الانتخابات ، وهي اشكالية الشعارات التي تحمل دلالات الكذب والمراوغة ومحاولة استغفال الجماهير وقد سبق لنا تناول واحدة من هذه الشعارات التي تحمل هذه المفارقة الخادعة وهو شعار محافظتي اولا، واليوم نقف عند شعار اكثر صدما ومرواغة.وهو شعار عزم وبناء الذي حملته لافتات دولة القانون لتعلن استفزازها للوعي الجماهيري الذي يدرك جيدا ان ايا من هذه المفردتين لم تطبق على ارض الواقع بالمرة بل انها انتجت دلالات مضادة لها وهي دلالات عزم القمع والدمار والتخريب ودون اي ان انجاز بالامكان ان يعتد به .                                 

قد يتراءى للبعض ان محاولات النيل من هذا الشعارات يندرج ضمن محاولات تسقيط هذا الكيان الذي يمتلك مريديه ، ونحن نعذر لهم امانتهم في الدفاع عن الكيان الذي يؤمنون به طالما ان حرية المعتقد مكفولة دستوريا ولايوجد مسعى لفرض قرارات عليها واجبارها على الاعتقاد بما لا تعتقده ، ولكن ايضا ندرك ان هنالك منطق يمكن الاحتكام اليه ومعاينته في اطر عقلانية ، والجنوح الى العقلانية هي سمة من سمات العصر الجديد الذي نشهده في ظل الحريات المكفولة ، وفي هذا الاطار يمكن ان نطرح الاسئلة التي تتعلق بمفردتين لم تطلق جزافا بل انها جاءت نتاج تمعن واستشارة مستفيضة في تمحيص هذه المفردات التي نعتقد وعلى طول التمعن فيها فان مقترحيها لم يحملوا ذلك النوع من الذكاء الذي يجعلهم على دراية كفاية بالمردود السلبي التي تفرضه بعض انواع الدعاية ، ربما اننا سنكرر القول مرارا ان اطلاق الشعارات جزافا هو نتاج قصور في الوعي المدرك لذكاء الشارع والاستخفاف بقصد ربما او بغير قصد بوعي هذا الشارع .              .                                              

ولكي تكتمل الصورة بشكل لنعيد السؤال واضح فيما يخص الشعار الذي حمل مفردتي عزم وبناء ، ولنبدأ بمفردة العزم التي تنفتح على دلالات عدة منها عزم التطهير الامني وعزم الاستقرار والامان وعزم الارتباط بالبناء والرفاهية الاجتماعية ، وفيما يخص هذا المفردة ودلالاته الكبيرة فهل تحقق على ارض الواقع مصداق لهذه الدلالات ، الاجابة بسيطة ولا تحتاج الى محلل سياسي فالمواطن البسيط  وهو الاكثر ضررا لطالما اشتكى من الواقع المتردي وانعدام الامان في عاصمة السلام التي بدات تذكرنا بافلام الوسترن القديمة حيث سيادة الرعب الذي يجوب طرق بغداد ومنعرجاتها ، وهذه الحكاية طويلة تأخذ حيزا من السرد كما انها معروفة للقاصي والداني ، اما حكاية البناء فهي الحكاية الاكثر اضحاكا بعد ان تحولت بغداد الى صحراء ببرك اسنة حتى مع زخات المطر الخفيفة ، وبذلك فان هذه العاصمة الكبرى اصبحت تضاهيها وتتفوق عليها القرى النائية في المحافظات الجنوبية ، وهذا ما لفت انظار المثقفين من بغداد الذين حضروا عدة مهرجانات في الجنوب ليعلنوا انبهارهم بما يحدث من تطور في المناطق الجنوبية ، حتى ان كاتبا اطلق على محافظة ميسان عروس المدن بعد ان لبست حلة العمران والجمال..             .                                                                       

اذن اي عزم واي بناء تراهن عليه دولة القانون بعد جملة الحقائق التي لم نذكر منها الا القليل ، اعتقد ان دلالة العزم تشير الى محاولة العزم في الاستئثار بالسلطة وبناء البيوت الفاخرة التي لم تعد تسع ابناءهم المترفين الذين يحتاجون الى منتجعات كبيرة للترويح عن انفسهم … ألسنا بازاء عودة لنظام فاشي اكثر جبروتا من النظام الذي تخلصنا منه بشق الانفس والذي حمل نفس الشعارات المخادعة ، فالشعارات في الحقيقة عمل وليست مجرد كلام ، ومرة اشار المفكر دانتي ان حملة الشعارات هم اقل الناس عملا بها ، وهذا ما ينطبق تماما على شعار ( عزم وبناء) المستفز والذي رفعته دولة القانون وكأنها تحاول ان تجبر الناخب للانسياق وراء دلالاته الخادعة التي نراهن على ان المجتمع سيضحك في سره منها ، وسيقول كلمته الفصل في النهاية … وربما انها الكلمة التي سوف لن ترضي هذا الكيان  فما الذي سيفعله اذا كان الحال كذلك هل سيوجه اداة القمع بوجهه .. ربما .. لكننا ندرك ان ذلك لن يجدي نفعا بعد الوعي المتسارع لدى الشارع العراقي الذي لم يعد يرضخ لاشكال الضغوط ومهما كان حجمها .. تلك اذن حكاية المجتمع الذي بات يدرك افعال الزيف المضللة .