مثلما وقع وزير الدفاع خالد العبيدي في الفخ وقع وزير المالية هوشيار زيباي لكن المؤشرات تؤكد ان زيباي يمتلك وثائق في غاية الاهمية تكشف جانبا من عمليات الفساد المستشري في البلاد ومن ضمنها وثائق قال انها تدين مسؤول لم يكشف عن اسمه هرب مبلغ ستة مليارات و 450 مليون دولار الى خارج العراق وضعت في بنوك اجنبية .. وان صحت الرواية فان العراق يكون قد وقع تحت وصاية عصابة من السراق والمرتشين وان مايجري فيه من عمليات سرقة تحت وضح النهار يعتبر مهزلة المهازل مما يحتم على الحكومة والادعاء العام التحرك الجاد والفعّا ل لكشف كافة ملفات الفساد امام الراي العام ومحاسبة المتهمين ..لكن يبقى الكاشف والمكشوف في منأى من العقاب .. وثمة سؤال يطرح نفسه من هذا الشخص المتهم بتهريب هذا المبلغ الضخم ” العلم عند الله ” وعند زيباي الذي لم يكشف عن اسمه .. وثمة سؤال اخر .. لماذا اثار زيباي هذا الملف في هذا الوقت بالذات ولم يثيره في وقت سابق وهو وزير مالية مؤتمن على المال العام .. ومثلما وقع وزير الدفاع في الفخ يوم استجوابه ولم يقدم الدليل الملموس على الاتهامات التي وجهها لرئيس وبعض اعضاء مجلس النواب واتهامهم بمحاولات استغلال مناصبهم لتمرير صفقات مشبوهه .. وقع زيباري في الفخ حيث اثارت اتهاماته جملة اسئلة ..
من بينها لماذا سكت زيباري كل هذا الوقت ولماذا يفتح الملفات الان بعد اعلان مجلس النواب عدم قناعته باجوبته خلال الاستجواب .. ويبدو ان فضائح الفاسدين بدأت تهز عروشهم اللعينة التي تربعوا عليها وفق نظام المحاصصة سيء الصيت الذي سمح للجهلة والسراق تولي مؤسسات حكومية او مناصب سياسية هي في كل الاحوال اكبر من حجم عقولهم الخاوية من العفة والنزاهة الا بقدر تعلق الامر بسرقة المال العام ” .. ولا نقصد في كلامنا هذا كل المسؤولين الحكوميين او السياسيين فالبعض منهم يستحق الاحترام والتقدير.. لكن في كل الاحوال يقع اي مسؤول تحت طائلة الادانة بحسب المثل الدارج ” الساكت عن الحق شيطان اخرس ” وما اكثر الشياطين في بلادنا من مزدوجي الجنسية خاصة وانهم يعتبرون انفسهم مكلفون بواجب عمل في العراق من اولى مهامهم سرقة مايمكن سرقته من مال الشعب الصابر المحتسب الى الله ..وما ان تنتهي فترة الدورة الانتخابية لمجلس النواب بفشله في الانتخابات حتى يولي الادبار هاربا الى بلد المنشأ نعم الى بلد المنشأ كونه صناعة اجنبية لها علامة ” ماركة ” مميزة بعد ان يأخذ الجمل بما حمل ..
ولو وجهنا بوصلة الاتجاه لمتابعة اماكن وجود الكثير من القادة الذين تولوا المسؤولية في العراق بعد عام 2003 لوجدنا غالبيتهم يعيشون حاليا مع عوائلهم عيشة السلاطين مسترخين في فلل وشاليهات عامرة على ضفاف شواطيء البحار في دول اجنبية بعد ان وضفوا الاموال المسروقة في مشاريع استثمارية .. وفي ضوء ذلك فان قيام مجلس النواب با ستجواب المسؤولين الحكوميين قد يكون صحوة ضمير لوضع النقاط على الحروف لمحاسبة السراق وهو مستبعد .. وقد يكون رد فعل انتقامي من المسؤول الحكومي بسبب عدم الاستجابة لطلبات البعض من النواب لتحقيق ارباح ما لية على حساب الصالح العام بحسب ما كشف عنه وزير الدفاع العبيدي الذي كان ضحية عدم وجود دليل مادي يثبت ما كشف عنه من اتهامات.. فوقع العبيدي في الفخ حتى خسر منصبه في وقت تستعد فيه قواتنا المسلحة لتنفيذ هجوم واسع لتحرير مدينة الموصل من عناصر داعش وعملية التحرير لاتتم تحت ظلال الفساد .. ورغم ان وزير المالية زيباري قد كشف جانبا من عمليات الفساد لكنه لم يوفق في اجاباته خلال استجوابه من قبل اعضاء مجلس النواب الذين بدأوا يعدون العدة لجمع التواقيع لاعفاءه من منصبه ..
لكن واقع الحال يؤكد ان زيباري يعد العدة حاليا لتنفيذ هجوم مقابل سيفتح من خلاله نار جهنم على كل السراق والمختلسين لاسيما وانه كان من اكثر المتعاونين مع رئيس اللجنة المالية في مجلس النواب الدكتور احمد الجلبي في الكشف عن وقائع ملف الفساد بحسب ماصرح به في حينه الجلبي الذي حذر قبيل وفاته من العواقب الوخيمة التي ستواجه العراق جراء استمرار تفشي ظاهرة الفساد الاداري والمالي وتفاقمها ما لم تجري اصلاحات سريعة وجدية .. وحمل الجلبي مسؤولية تداعيات انهيار البنية المالية للبلاد الحكومة السابقة والبنك المركزي ومن وصفها بـ“العصابات“ التي تتحكم بسعر السوق .. وقال ان “سبب الانهيار الاقتصادي هو فترة الحكم من سنة 2006 الى سنة 2014 حيث دخل العراق مبلغ 551 مليار دولار والحكومة استوردت ما مجموعه 115 مليار دولار والبنك المركزي باع للبنوك الاهلية كمية 312 مليار دولار مضيفا ان “هذا المبلغ الذي أهدر ” 312 مليار دولار” كان بإمكانه بناء الاحتياطي النقدي”. وكشف الجلبي أن “اطرافا سياسية تضغط على البنك المركزي لزيادة مخصصات البنوك بالمزاد لقاء مبالغ وهناك مذكرات داخل البنك المركزي باسماء هؤلاء السياسيين من مجلس النواب ومن الحكومة”. الراحل الجلبي أطلع مؤسسة “المدى” في وقت مبكر على وقائع هذا الملف وأودع منذ فترة نسخة من محتوياته لدى المؤسسة على أمل البدء بنشر ما يتعلق بهذا الملف في وقت يحدده هو .. إذ كان ينتظر مواقف الجهات الأخرى وبينها المرجعية الدينية العليا في النجف التي كان يتطلع الحصول على دعمها لفتح هذا الملف وسواه من الملفات التي تميط اللثام عن النشاطات الخطيرة لمافيا الفساد في البلاد والتي ترتبط بعلاقات وشيجة بمسؤولين كبار في الدولة.. مات الجلبي ولم تتحقق امنيته في اماطة اللثام عن ملف الفساد .. فهل سيتمكن وزير المالية زيباري من تحقيق امنية الجلبي .