الزيارة الاخيرة التي قام بها طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية لبلجيکا على أثر دعوة موجهة إليه من قبل البرلمان الاوربي، والتي أثارت سخط و غضب نوري المالکي رئيس الوزراء العراقي، إعتبرها معظم المراقبين السياسيين زيارة ناجحة و ادت الاهداف المتوخاة من ورائها، خصوصا بعد أن تمکن الهاشمي من إيصال معلومات و أفکار و قضايا مختلفة بشأن الملف العراقي الى أسماع مراکز القرار الاوربي بشکل خاص و الغربي بشکل عام.
المحاولات المستميتة التي بذلتها حکومة المالکي و بطرق و اساليب متباينة من أجل إفشال تلك الزيارة و التي لم يکتب لها النجاح، يمکن إستخلاص الکثير من المعاني منها، إذ ان المجتمع الدولي کما يبدو لم يعد متحمسا للمبادرات و الطروحات و الافکار التي تصدر عن حکومة المالکي، ليس هذا فقط بل وانه لم يعد يثق بالقرارات الصادرة عن القضاء العراقي بعد أن بلغ النفوذ الايراني في الشؤون العراقية المختلفة مستويات غير عادية، ولهذا فإن عدم الاستماع و الاهتمام بکل المساعي السياسية و الدبلوماسية التي قامت بها حکومة المالکي من أجل إفشال الزيارة منيت بالاحباط و الخيبة، لم يعد أمامها غير أن تجر خلفها أذيال الهزيمة السياسية أمام التحرك السياسي الناجح لطارق الهاشمي و کونه قد نجح في الدخول الى واحد من أهم دوائر صناعة القرار في العالم الغربي.
تزامن هذه الزيارة الاستثنائية لنائب رئيس الجمهورية العراقي طارق الهاشمي لبروکسل مع تلك الزيارة التي من المحتمل أن يقوم بها نوري المالکي للولايات المتحدة الامريکية، يمکن أن تشکل الکثير من الاحراج و الاحباط للمالکي، ولاسيما بعد أن قام الهاشمي بتسليط الاضواء و بصورة ملفتة للنظر على مسألتي حقوق الانسان و الامن في العراق، وتطرق الى ملفات الفساد و التدخل الايراني في الشؤون الداخلية العراقي، وبقدر ماأثارته النقاط المطروحة من جانبه من إهتمام من لدن الاوربيين، فإنها و بنائا على آراء بعض من المراقبين قد لفتت الانظار الامريکية إليها و تم أخذها بنظر الاعتبار، مما يعتبر تقدما للأمام بالنسبة للهاشمي و تحديد او عرقلة مساعي و محاولات المالکي من أجل تمرير سياساته المشبوهة و أخذ الموافقة الامريکية الضمنية بشأنها.
إختتام زيارة طارق الهاشمي لبروکسل و التأکيد على نجاحها و تحقيق أهدافها و غاياتها، يعني فشلا جديدا لمسلسل الفشل المستمر لحکومة نوري المالکي، لکن الاهم من ذلك أن حدوث هذه الزيارة تعني ان الهاشمي مازال يحظى بدعم دولي و لايزال يتم التعامل معه کنائب لرئيس الجمهورية وان الذي يتداعى عن هذا الامر هو الاحتمالات المستقبلية المترتبة عنها و التي تسير کلها بإتجاه إنهاء مهزلة إتهام المالکي له بالتورط بدعم الارهاب، لکن هل يفهم المالکي و يستوعب ذلك؟
[email protected]