ان زيارة نائب الرئيس الامريكي مايك بنس إلى قاعدة عين الاسد غربي العراق حيث تتواجد القوات الاميركية لا تطابق الاعراف الدبلوماسية دون المرور بالحكومة المركزية وبعيدة عنها وخرق لسيادته ومن ثم بغداد العاصمة ولقائه بالمسؤوليين غير مرحب بها ومحفوفة بالمخاطر والاستفزازية والتي كانت بشكل غير معلن في ظروف سياسية ملبدة بالغيوم والعواصف وتظاهرات مطلبية يغلي فيها الشارع ” ويعبرون عن غضبهم وعدم رضاهم عن الوضع الحالي، لكنهم لا يملكون الآليات أو الصلاحيات لتغيير عمل الدولة العراقية وتحسين وضعها، وبكل تأكيد، الضغط الجماهيري سوف يحقق ما يريده، والحكومة مجبرة على أن تلبي مطالب المتظاهرين المشروعة والسلمية لهم، وحق أي مواطن أن يطالب بحقوقه وفق الطرق السليمة ”
والتي تنتهزها الولايات المتحدة الأمريكية كفرصة للتدخل في الشأن العراقي تحت ذريعة امن المنطقة وهي تحارب العراق وسورية وافغانستان ولبنان وتحاصر فنزويلا وكوبا والجمهوريى الاسلامية الايرانية واليمن بحجة الدفاع عن شعوبها وهي تقتل المدنيين وتبتز دول الخليج التي ترسل مئات من اخطر المجرمين لخلق الفوضى ولاسقاط الانظمة التي تسعى للخروج من الهيمنة الاستعمارية و كما ان انسحاب القوات الأمريكية من سوريا ليس مسوغا او مبررا لبقاء القوات الأمريكية في العراق وجعله قاعدة لها من القواعد في المنطقة والشرق الاوسط ، وكان قد لمح الرئيس الامريكي دونالد ترامب في وقت سابق لاحتمالية استخدام قوات بلاده المتمركزة في العراق في بعض العمليات حسبما تقتضي الحاجة هو في الحقيقة رسالة طمأنة واضحة لحلفاء أمريكا في المنطقة، على رأسهم “الكيان إلاسرائيلي والسعودية رغم ما يبدو عليها من قوة سياسية واقتصادية، الا انها في الواقع محاصرة عالمية، وباتت دولة غير مرغوب فيها، بعد حادثة قتل الصحفي جمال خاشقجي، والحرب على اليمن التي تسبب بمجاعة كبرى وجرائم حرب لم يسبق لها مثيل في المنطقة. “،كذلك تحمل “رسالة ضمنية في مواجهة تمدد النفوذ الروسي في المنطقة خلال السنوات الأخيرة، الذي نجح في سحب البساط من تحت أقدام الأمريكان في عدد من المناطق الملتهبة ” العراق مكان استراتيجيّ في المنطقة، لا بدّ من أن ينأى بنفسه عن الصراعات الموجودة ولا يمكن الذهاب أو الهرولة باتجاه مواقف أميركية أو مواقف دول أخرى تريد للعراق أن يكون ساحة لتصفية الحسابات ودولة ذات أهمية وذات عمق استراتيجي في منطقة الشرق الأوسط. المحاور المتصارعة في منطقة الشرق الأوسط تحاول جَذْب العراق إلى أيّ محور من المحاور التي هي متصارعة في منطقة الشرق الأوسط، فبالتالي النفوذ الأميركي يحاول أن يمتدّ عبر العراق، والسيطرة على القرار العراقيّ للتدخّلات في شؤونه، والتواجد العسكري الأميركي، و التحديات والمخاطر التي تواجهها المنطقة، ومن الممكن أن تنعكس على العراق كما كان دخول داعش إلى العراق عبر الصفيح الساخن الذي تمر به المنطقة. ويسعى الجميع اليوم لإيجاد موطئ قدم له داخل البلد المنكوب، والذي تحوّل في السنوات الفائتة لساحة حرب بالوكالة وتصفية للنفوذ بين العديد من القوى. ووسط استمرار هذا الزخم يجب ان تكون القيادة العراقية حذرة من مثل هذه الزيارات الموبوئة بالمخاطر في هذه الأجواء الملبدة بالغيوم السياسية على مستقبل العراق وشعبه ولا ينفع معهم لغة الاعتدال والتسامح والحوار بل يجب أن تسود لتحقيق المصالح العليا ، لانهم يبحثون عن مصالحهم، وتضع هذه الزيارة الكثير من علامات الاستفهام حول طبيعة التواجد العسكري الأمريكي والأهداف الحقيقية له و تريد ان تجعل العراق ساحة للقتال والصراع الاقليمي بينما الشعب العراقي يتحمل الضيم وما يمكن ان تشكل هذه الأهداف من تهديد لأمن العراق وعلى الأطراف السياسية جميعا التوحد في مطلب السيادة الوطنية ووضع حد للتواجد العسكري الأمريكي المشبوه علي الأرض العراقية’. مع العلم ان نتائج الزيارات الماضية لم تأت للعراق الا ما حصل في احتلال داعش لثلث مساحة البلاد .والمكونات جميعاً تعلن عن رفضها لأي تدخل أجنبي في الشأن العراقي و أن سيادة العراق واستقلالية قراره السياسي “من الثوابت الوطنية التي لا تنازل عنها ولا مساومة عليها مهما كانت الظروف . في ظل الظروف الراهنة التي يمر بها العراق وما تشهده المدن العراقية من تظاهرات سلمية للمطالبة بالحقوق المشروعة وما رافقها من إحداث ومتغيرات تحاول راعية الشر والإرهاب أميركا استغلال هذه الظروف لخلق الفوضى ودعم بعض الاطراف العميلة للحرق والقتل والخراب كما ثبتت التحقيقات والتدخل في الشأن الداخلي العراقي.
رغم كل ذلك ان العراق سوف يبقى ليدافع عن ارضه وسيادته واستقلاله ومصالح شعبه . وتشير التقارير إلى أن وزارة الخارجية الامريكية واصلت محاولات الحكومات السابقة لاستهداف الانظمة المناضلة والحرة في العالم عبر دعمها المالي للمجموعات العميلة لها وتقوية وسائل الاعلام التابعة لها.
وهي دليل واضح على مدى استهتار وتكبر واشنطن ورئيسها واستخفافها بالسيادة العراقية ودول المنطقة، و ينبغي ان لاتمر مرور الكرام وعلى القوى السياسية ومجلس النواب من خلال جلسة طارئة أمراً محتما لبحث هذا الانتهاك الصارخ لسيادة البلاد وإيقاف هذه التصرفات الهوجاء وكذلك المسؤولية تقع على عاتق الحكومة العراقية ووزارة الخارجية ان لا تقف صامتة وان يتم اصدار بيان يوضح فحوى الزيارة في هذا الظرف الذي يمر بالبلد والمنطقة بسبب سياسة واشنطن والمؤشرات المتهمة فيها لزعزعة دولها ورفض لتلك الزيارة الغير مسوغة وتعبر عن تدخل سافر في الشأن العراقي في هذه المرحلة الحساسة “.
لم تحمل الزيارة في شقه السياسي والامني الا عنصرية مقيتة عدوانية واستفزازيةً مما افقدها ان تكون فرصة بديلاً للانسانية وياتي من ظل الارتباك في ادارتها الداخلية والخارجية حيث تكون الاخطاء بحجم الامبراطوريات من اخطاؤهم القاتلة وان وصول رجل مثل دونالد ترامب الى اعلى منصب لقيادة هذه الدولة الهشة بكل تردده وشعوره الانعزالي بسبب خطواته السياسية الخاطئة وعدم استقرار المنظومة الحاكمة معه ويعبر عن انحسار روح الاندفاع الى الامام والتسييد.
ان اعتبار الادارة الأمريكية بكل سياساتها مُعادية للشعوب الحرة بكل مكوناتها لا يحتاج الى دليل وهي منحازة بشكل كامل مع المجموعات الارهابية في تاسيسها ودعمها لارعاب البشرية بشكلٍ كامل وتسعى لنهب كل الخيرات من دول الشرق الاوسط وتحديدًا في الخليج من أجل سرقة النفط لتخاذل الرجعيات العربية من دولها و لتحاول حرف الصراعات ضمن أهداف السياسة الأمريكية الصهيونية. مع شعوب تلك الدول التي تسعى لبناء نفسها بالاعتماد على خبراتها وعقولها الذي لازال الشعب العراقي يمتلك – روحا واعدة وقيما روحية ضرورية معززة بنمو ديمغرافي مذهل ومساحة ارض متوسطة واستراتيجية وطموحات واسعة في الاكتفاء الذاتي والنهضة وتصميم مذهل لنيل الحقوق وانتزاعها وانتشار وعي كوني مطلع على خراب الحضارة الغربية المتوقعة في القريب القادم .. ورغم الاعياء الظاهر والفوضى المفتعلة الا ان قوة الدفع الحضارية لدى شعبه هو جوهرة ويكفي للانبعاث في اللحظة التاريخية السانحة لكي تهشم كل ما يقابل تقدمه….