23 ديسمبر، 2024 10:06 ص

زيارة بارزاني الى بغداد ، تفتح افاقا جديدة للتفاهم والتعاون بين القوى المحلية والاقليمية

زيارة بارزاني الى بغداد ، تفتح افاقا جديدة للتفاهم والتعاون بين القوى المحلية والاقليمية

زار السيد مسعود بارزاني رئيس اقليم كوردستان على رأس وفد رفيع المستوى العاصمة بغداد يوم الخميس 29 ايلول والتقى السيد حيدر العبادي رئيس مجلس الوزراء الاتحادي ورئيس الجمهورية فؤاد معصوم وقيادات الكتل والاحزاب السياسية العراقية المختلفة واجرى مباحثات بشأن قضايا جوهرية بين اربيل وبغداد.
ما ميز الزيارة عن الزيارات السابقة هو ثلاث نقاط اساسية:
الاولى ، ان السيد بارزاني زار بغداد بعد قطيعة دامت سنوات وظلت القضايا عالقة من دون حل ما ادى الى توسيع الهوة بين اربيل وبغداد و وصلت احيانا الى حد اشهار السيف واشتعال حرب داخلية جديدة لولا حكمة الخيرين من الجانبين.
النقطة الثانية ، هي ان الوفد الكوردي هذه المرة تشكل من ممثلي اهم القوى السياسية في اقليم كوردستان ، وهذا يعني ان الوفد كان يمثل غالبية الشعب الكوردي نظرا للقاعدة الجماهيرية للاحزاب المشاركة في الوفد.
النقطة الثالثة ، هي طرح قضايا جوهرية بين الجانبين بشكل صريح وشفاف مثل عمليات تحرير الموصل وتداعياتها السياسية والامنية و قضية موازنة اقليم كوردستان وقطع رواتب الموظفين ، فضلا على قضية تصدير النفط للاسواق العالمية .
لكن الامر الاهم الذي تم بحثه في جميع لقاءات الوفد الكوردي هو قضية تقرير المصير الذي كان يعد في السابق من المحرمات ومن الامور غير القابلة للطرح والنقاش ، ألا ان هذه المرة وباتفاق مسبق بين اعضاء الوفد الكوردي تم عرض القضية على رئيس الحكومة السيد حيدر العبادي ورئيس التحالف الوطني السيد عمار الحكيم اللذين يعدان من ابرز القادة العراقيين في اتخاذ القرارات المصيرية في الوقت الحاضر ، بالاضافة الى القوى السياسية الاخرى المؤثرة في الوضع العراقي.
حيث اكد السيد محمد الحاج محمود السكرتير العام للحزب الاشتراكي الكوردستاني المشارك ضمن الوفد الكوردي لفضائية ( كوردستان 24 ) ، ان السيد مسعود بارزاني رئيس اقليم كوردستان طرح هذه المرة قضية استقلال كوردستان بشكل صريح على القادة السياسيين العراقيين.
ويضيف محمود ان طرح تلك القضية في السابق على المستويات العالية كان ممنوعاً ، لافتا الى ان السيد بارزاني طرح الاستقلال وتقرير المصير بشكل مباشر وصريح على السيد العبادي والمسؤولين والقادة العراقيين الذين حضروا اللقاء ، مشددا على ان وفد الحكومة العراقية اشار الى ان مطالب الشعب والوفد الكوردي مطالب عادلة ويمكن للطرفين مناقشتها ومن ضمنها قضية الاستقلال.
ومن جانبه كشف السيد صلاح الدين بهاء الدين الامين العام للاتحاد الاسلامي في كوردستان الذي كان ضمن الوفد الزائر، ان الزيارة كانت مكثفة ونتائجها ايجابية ، مضيفا ان الجانبين ناقشا تحديات المرحلة الراهنة واكدا انهاء القطيعة واطلاق حوارات جديدة عبر تشكيل لجان متخصصة.
وشدد الاتحاد في بلاغ لمكتب امينه العام ان الوفد الكوردي اكد خلال اللقاءات حقوق الشعب الكوردي في الشراكة في الحكومة وصنع القرار في العراق الفدرالي وبعكس ذلك سيضطر للجوء الى السبل الدستورية الاخرى وهذه اشارة واضحة الى قضية الاستقلال وحق تقرير المصير.
ومن جانبه كشف العضو المستقل في مجلس النواب الاتحادي من حيث المبدأ قائلا ان الوفد الكوردي الرفيع الذي زار بغداد برئاسة مسعود بارزاني رئيس اقليم كوردستان ، اتفق مع المسؤولين في بغداد على ذلك .
واضاف الطائي في منشور له على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك” ان الجانبين اتفقا من حيث المبدأ على تشكيل دولة كوردستان حسب التوافقات بين التحالفات السياسية الجديدة والمصالح والشروط الجديدة.
ومن مجمل ما تم طرحه في وسائل الاعلام بشأن نتائج الزيارة اعتقد ان زيارة السيد بارزاني والوفد المرافق له والتي شاركت فيها اهم القوى السياسية الكوردستانية ستتمخض عنها نتائج ايجابية عديدة على المستويين المحلي والاقليمي.
على المستوى المحلي نتائج الزيارة ، ستفتح ابواباً جديدة للحوار بين الاحزاب السياسية الكوردستانية في داخل الاقليم لحل المشاكل والخلافات ،عبر تفعيل البرلمان وعمل الحكومة وايضا انعاش اقتصاد الاقليم من خلال تثبيت حصته من
الموازنة العامة للسنة المقبلة ، فضلا على تحسين اوضاع الموظفين عبر دفع مرتباتهم الشهرية بشكل اعتيادي ، والاهم الاستمرار بالعمل المشترك واتخاذ موقف موحد ازاء المتغيرات المرتقبة في سوريا والعراق بعد دحر داعش عسكريا.
وعلى مستوى العراق الزيارة ستفتح افاقا جديدة بين اربيل وبغداد لخلق اجواء وتفاهمات جديدة على وفق متطلبات المرحلة ، لبدء مرحلة اعادة اعمار مادمرته الحرب ضد الارهاب في المدن والقرى والمناطق المختلفة.
وعلى المستوى الاقليمي ستؤثر نتائج الزيارة ايجابيا على علاقات الاقليم مع دول الجوار وخاصة ايران وتركيا ، نظرا لمصالح الدولتين في العراق وتأثيرهما على توازن القوى والوضع الداخلي العراقي ، بالاضافة الى تعزيز العلاقات الاقتصادية بينها وبين الاقليم والتي تعادل سنويا اكثر من عشرة مليارات دولار ، وزيارة رئيس اقليم كوردستان مسعود بارزاني ورئيس الحكومة نيجيروان بارزاني الرسمية لطهران بناء على دعوة من الحكومة الايرانية والتي ستتم في 12 من الشهر الجاري ، ماهو الا نتاج واضح للزيارة التي قام بها الوفد الكوردستاني الى بغداد ، نظرا للدور الايراني في مختلف قضايا المنطقة .
على العموم اعتقد ان الاجواء السياسية والامنية والعسكرية في العراق والمنطقة تتجه نحو التهدئة برغم المتغيرات و ستكون القضية الكوردية هي الابرز على مستوى الشرق الاوسط في الاعوام المقبلة ومن دون مشاركة الكورد لن تنجح اية اصطفافات سياسية واحلاف عسكرية جديدة بين هذا الطرف وذاك.