كلنا يتذكر زيارة المالكي العام الماضي لأميركا وما ترتب عليها من افعال ادت بنا كعراقيين الى اسوا فترة نعيشها منذ عام 2003 ,عاد المالكي العام الماضي من واشنطن وهو يحمل رسالة تهديد قوية الى كل خصومه من كل الاطراف , بدأها بأزمة مع الاكراد والبرلمان لكن اهم تلك الازمات تجسدت باعتقال حماية الدكتور رافع العيساوي وزير المالية السابق والتي ادت الى اندلاع اكبر وأطول عملية احتجاج شهدها العراق في ست محافظات سنية التي طالبت في البداية بإطلاق سراح حماية الدكتور رافع العيساوي لكنها سرعان ما تحولت الى احتجاجات واعتصام يطالب بتحقيق مطالب اهل السنة في المحافظات المنتفضة . ماذا يريد المالكي ولماذا قام بعد الزيارة الى تصعيد الموقف واختلاق الازمات مع خصومه ؟ هل قامت واشنطن بإعطاء الضوء الاخضر للمالكي ؟ هل فهم المالكي تأييد واشنطن لحكومته بان له مطلق الحرية بالتعامل مع المشهد العراقي المعقد ؟ نعم كل المؤشرات كانت تشير الى ان المالكي فهم الدعم الامريكي لحكومته على انه يجب عليه التعامل مع خصومه بيد من حديد . ادار المالكي ظهره لخصومه ولم يعد يبالي بتوالي الازمات ويعطي مبررات غير معقولة ومفهومة وكأنه غير معني بما يحدث .وفي نفس الوقت كان هناك شبه صمت امريكي وعدم اهتمام لما يحدث في العراق وكأن امريكا غير معنية ببلد كانت تحتله قبل عامين ولديها فيه اكبر بعثة دبلوماسية في العالم .
بعد ايام سوف يكون المالكي ضيفا في واشنطن , وسوف تكون هناك مراجعه كبيرة لما حققته حكومته خلال السنة الماضية وخلال فترة حكمه التي استمرت لأكثر من ثمان سنوات .هناك من يقول ان المالكي سوف يطلب دعم امريكي اقوى لمواجهة التحديات التي تواجهها حكومته على الصعيدين المحلي والإقليمي وهناك من يقول ان البيت الابيض استدعى المالكي وعدد من قيادات العراق لتوجيه الانذارات لهم وإرغامهم على العمل كفريق واحد وتجنب الخلافات وإلا سوف تكون هناك اجراءات قاسية ضدهم .السؤال المطروح هل البيت الابيض سيتفهم ما يطرحه المالكي ؟ ام ان هناك مطالب للبيت الابيض يتعين على المالكي الانصياع لها لتجنب الانهيار في كل الجوانب . سوف تكشف الصحافة الامريكية جزء من الحقيقة لتلك الزيارة من خلال مقالات كتابها والتسريبات التي يحصلون عليها لكن ما تبقى من الحقيقة سيكشفه المالكي نفسه بعد ايام من عودته من واشنطن من خلال ممارسات حكومته تجاه خصومه على كافة الجبهات .
قد يقوم المالكي بحل مشكلة المتظاهرين وساحات الاعتصام اذا تلقى نصائح من البيت الابيض بهذا الشأن لكي يضمن بقاءه فترة ثالثة ويكسب بعض السياسيين من الجانب السني الذين اصبحت هذه الساحات حاجزا بينهم وبين عودتهم الى العمل السياسي . لكن ان تقوم امريكا بالطلب من المالكي بفض ساحات الاعتصام بالقوة هذا ما لا يمكن ان يحدث نظرا لخطورة الوضع في محافظة الانبار وتأثيره على العراق بصوره عامة , لذا اننا من المحتمل ان نرى تجاوب محدود في التعامل مع هذه القضية من قبل حكومة المالكي .فيما يخص عودة جزء من القوات الامريكية للعراق وهذا ما لم يمكن حدوثه في فترة حكم الديمقراطيين للعديد من الاسباب اهمها الوعود التي اطلقها اوباما وأوفى بها فيما يخص سحب القوات الامريكية بالإضافة لرفض امريكا التدخل في سوريا والتي تمر بظروف اصعب من ظروف العراق فكيف لها ان تتدخل بالعراق . بالتأكيد سوف يحاول المالكي دس انفه فيما يخص الطلب من امريكا حل الخلافات مع ايران وعودة العلاقات فيما بينهم . قد تكون هذه الزيارة فرصة للمالكي لكي يتجاوز اخطاءه ولا يقدم مجدداُ الى اتهام خصومه من القادة السنه بالإرهاب وإقصائهم . وقد تكون دليل اخر لإثبات ان المالكي لا يملك من حكم العراق إلا القليل ويراقب الكثير الذي تتصرف به ايران بأريحية .