23 ديسمبر، 2024 12:14 ص

زيارة الطبيب النفسي نضال وصراع مع المجتمع

زيارة الطبيب النفسي نضال وصراع مع المجتمع

عادةً ما ارتبط الذهاب الى الطبيب النفسي في المجتمعات العربية تحديداً بأفكار ومعتقدات غريبة ونظرة سلبية لمن يحاول الإقدام على هذه الخطوة و وصمة عار لمن خطاها. فيقع المريض ضحية صراع مابين الاضطرابات التي يواجهها و بين خوفه من نظرة الآخرين ونبذ المجتمع له.

يؤكد اطباء ومختصون أنَّ ابرز التحديات التي تواجه عمل الطبيب او المعالج النفسي تتمثل في إحجام المريض عن العلاج و اكمال جلساته , خوفاً من نظرة المجتمع و الاعتقاد السائد بأنَّ الطب النفسي يتعامل مع الجنون فقط . وقد أشار الدكتور وليد سرحان مستشار الطب النفسي , في مقاله(التردد في زيارة الطبيب النفسي..لماذا؟) الذي نشره في صحيفة الدستور الاردنية , الى مجموعة من العوائق التي تمنع الشخص من اللجوء الى الطبيب النفسي . حيث يظن اغلب الناس بأنَّ الطب النفسي ماهو الا فلسفة نظرية لا تقوم على اي اسس من البحث والتجربة والاطلاع وبالتالي لا يتم اعتباره كأحد فروع الطب الجادة . و أشار كذلك الى عدم الوعي والمعرفة بالامراض و التفرعات التي يحتويها الطب النفسي و الى عدم المعرفة بالسرية المطلقة التي يحملها هذا الفرع من الطب , اضافةً الى الخوف من تأثير زيارة الطبيب النفسي على اهليّة الفرد للعمل او الزواج. فيما تسعى الحملة العالمية في العاشر من اكتوبر/تشرين الاول من كل عام , باعتباره اليوم العالمي للصحة النفسية , الى بث اهدافها المتمثلة بخلق مجتمع سوي خالي من التعقيدات , والعمل على زيادة الوعي بالرعاية النفسية و دورها المهم في بناء المجتمع , والسعي لإنقاذ كل من يُعاني وقد توصله معاناته الى الانتحار . وبحسب ارقام وردت في اليوم العالمي للصحة النفسية للعام 2021 , ان 75% من المصابين بامراض نفسية لا يتلقون علاجهم في الدول منخفضة الدخل , و ان هنالك مليار مصاب بالاضطرابات النفسية حول العالم , كما تقع حالة انتحار كل 40 ثانية . و تحت شعار(الرعاية النفسية للجميع لنجعل هذا الشعار واقعاً) الذي اطلقته الحملة العالمية في اليوم العالمي للصحة النفسية , يُعد الذهاب الى الطبيب النفسي هنا بمثابة انقاذ روح بشرية من احتمالية الموت المحقق . وبحسب الدليل التشخيصي و الاحصائي للاضطرابات النفسية الخامس DSM-V وهو اهم الكتب الارشادية لمعايير التشخيص وفهم الامراض , يعتبر وجود احد العوامل الاربعة على الاقل لدى الشخص شرط اساسي لزيارة الطبيب النفسي . وهذه العوامل متمثلة بالتعطل العام او تدهور حياة الشخص و ادواره ووظائفه الاعتيادية , الشعور بضيق او معاناة لا يستطيع التعامل او التأقلم معها داخلياً , مشكلة في علاقة الشخص مع الاخرين او انحراف شديد عن عُرف المجتمع المحيط , وآخراً تشكيله خطراً على نفسه او على الاخرين.
ومن الجدير بالذكر ان الاهتمام بالصحة النفسية قد بدأ بعد الاحصاءات الصادرة عن منظمة الصحة العالمية في عام 2002 , و التي اشارات الى أنَّ 154 مليون نسمة يعانون من الاكتئاب في جميع انحاء العالم . فالذهاب الى الطبيب النفسي عند الحاجة و إن كان ذلك غريباً و لا يألفه المجتمع فهو نضال للوصول الى نفسٍ بشرية سوية . ومع الاقدام على هذه الخطوة وتطبيقها امام المجتمع و اعتباره امراً عادياً سيؤدي ذلك لتقبله مع الزمن, والى تشجيع الاخرين على فعل هذا الامر , وتقليل الوصمة السلبية الجاثمة امامهم , و بالتالي سيسهم ذلك في التخفيف من معاناة البشر بشكل عام.