23 ديسمبر، 2024 5:52 م

زيارة الجعفري الى تركيا هل تعيد للعراق دبلوماسيته

زيارة الجعفري الى تركيا هل تعيد للعراق دبلوماسيته

هو أمتحان للدكتور أبراهيم الجعفري الذي لايحسد على جارهو بقال لحروب المنطقة كتركيا ألاوردغانية  وجار أخر ربيب في النشأة  للفكر التكفيري ألارهابي كالسعودية وجار أخر يعيش بهويات ملتبسة كألاردن  .

كان يمكن أن تكون زيارة وزير خارجية العراق لتركيا ممهدة بشكل جيد لو كان أفراد العائلة العراقية  السياسيون منسجمون ومتوحدون , وكان المفروض بالدكتور أبراهيم الجعفري أن يعطي لهذا الجانب أهتماما يجعل من أقليم كردستان العراق يرى في وزير خارجية العراق وزيرخارجيته لاوزيرا أخر ورئيس الحكومة الفدرالية العراقية الدكتور حيدر العبادي رئيسا له وليس نجيرفان برزاني فألاقاليم لاتعلو على المركز كما لاتعلو العين على الحاجب , ومايقال عن أقليم كردستان العراق يقال عن المنطقة الغربية التي لايزال بعض مسؤوليها المحليين يتخذون من أربيل مقرا لهم بدل بغداد القريبة عليهم وفي ذلك دلالات لمن يفهم ألايقاع السياسي وصبغته , وأذا كان البشمركة العراقية قد سبقت وزير خارجية العراق ودخلت الى كوباني عبر ألآراضي التركية دون علم وموافقة الحكومة ألاتحادية في بغداد , وأذا كان النفط العراقي المتجمع في ميناء جيهان التركي لايمكن منعه من الوصول الى أسرائيل , وأذا كانت السدود التركية  المتكاثرة على نهري دجلة والفرات بتمويل خليجي لايريد للعراق وسورية التمتع بحصص الدول المتشاطئة بشكل عادل , لكل هذه ألاسباب التي تحتاج كل واحدة منها فريق عمل متخصص يمتلك وثائقه ومستنداته وحججه القانونية وبياناته التفصيلية ولغته الدبلوماسية التي أفتقدها العراق منذ أن أختصر العراق برجل واحد فرعوني المنطق يرى ماتحت السماء ومافوقها له دون غيره ثم جاءت سنوات مابعد 2003 فبيع المروالحامض والعفن بسعر الحلو الطازج من قبل ألامريكيين فتبلبلت ألالسن وتغيرت اللهجات وتعقدت ألامزجة , والجعفري كان من الذين أصيبوا ببلبلة اللسان وتغير اللهجة والمزاج , وهذا مما يجعله غير قادر على حل المشكلات مع تركيا ولا مع السعودية وزيارته للسعودية بدعوة أمريكية هي مطب سياسي وزلة الشاطر غير المستساغة وخطوة سياسية لاترقى الى مستوى التجربة  , لآننا في العراق بعد 2003 لانمتلك سياق تجربة سياسية تتكامل فيها المواقف والرؤى , ولم يكن لدينا مشروعا للسياسة  الخارجية لا على مستوى مجلس النواب الذي ظل يدير لجنة العلاقات الخارجية فيه معمم هو من أتباع العائلات وليس من أنتاج الفكر السياسي , ويدير وزارة الخارجية لثلاث دورات ممن يتمتع بأمتيازات الخارجية ولايعطي للدبلوماسية العراقية سوى حضورا يسد فراغ الكرسي فقط .

نعم لقد عاش العراق يتيما دبلوماسيا على مستوى التمثيل في ألآمم المتحدة كان ممثله السابق ولعدة سنوات يتحدث في لقاءاته الفضائية لصالح ألاخرين وليس للعراق مثلما كان مدير عام شبكة ألاعلام العراقية الحالي عندما كان في دولة خليجية يكتب لصالح شعب تلك الدولة وينتقص من حقوق الشعب العراقي الى درجة طلب أعتذار الشعب العراقي  من شعب تلك الدولة , مثلما كان وزيرا في وزارة الدكتور حيدر العبادي يتعاطى راتبا شهريا من دولة خليجية فكيف يمكن أن يكون ممثلا للعراق لو أجتمع مع وزير تلك الدولة ؟

عندما صوتت الجامعة العربية الواقعة تحت هيمنة أمارة صغيرة أسمها قطر لتجميد عضوية  سورية من الجامعة العربية وهو خطأ قانوني حسب نظام الجامعة لم يكن وزير خارجية العراق في وقتها حريصا على الصوت العراقي الذي ظل مائعا بين السكوت وألامتناع ولم يرفض القرار كما رفضه مندوب لبنان والجزائر , ونفس الشيئ حدث في منظمة المؤتمر ألاسلامي , أما عن جلسات المناقشة في مجلس ألامن وهيئات ألآمم المتحدة فالعراق يكاد يكون غائبا وكأننا لانمتلك جهازا دبلوماسيا ولا سفارات ينفق عليها الكثير من المال العام لآنها تحولت الى مراكز خلفية لتجميع الفاشلين في الوزارات والمحافظات والجامعات ليتحولوا بفضل المحاصصة الى سفراء للعراق وهم لايعرفون من السفارة سوى أسمها أو ملحقين ثقافيين وهم لايعرفون عن الثقافة شيئا ولم يقرأوا كتابا فكريا ولم يكتبوا مقالا سياسيا أو ملحقيين تجاريين وعسكريين وهم لايعرفوا معنى التجارة الجزئية والماس برودكشن , أما العسكريون فربما لايعرفوا الفرق بين التعبئة والتدريب وصفحة الدفاع والهجوم وأين وصلت صناعة الصواريخ البلاستية  ومامعنى حرب النجوم ؟

أن تركيا الغارقة في مشاكلها الداخلية والخارجية التي تحولت بالجملة لاكما أرادها أوردغان وأحمد داود أوغلو عندما حلما بتركيا صفر مشاكل فكان مثلهما كمثل الراعي الذي حلم بقطيع من الماشية وفي لحظة الحلم والنشوة كسر الجرة فوقعت على رأسه فخسر كل شيئ ؟

تركيا هذه الحائرة بين أغراءات التحالف الدولي وبين مواثيقها مع داعش والعصابات التكفيرية التي تأمل من خلالهم أعادة مجد السلطنة العثمانية  وتبدو معالم تلك الحيرة واضحة في كوباني ” عين العرب ” وواضحة في علاقتها المتدهورة مع مصر , وعلاقتها التي يسودها الهمز واللمز مع السعودية , أما علاقاتها مع أسرائيل فتبقى كعقدة أوديب التي لايفهمها كان ماكان وعلى الله التكلان ؟

تركيا هذه التي لها في العراق مئات الشركات وللشركات ألاف العاملين ألاتراك الذين لايجدوا بديلا مناسبا لهم عن العراق , وتركيا التي لها عبر العراق خطا تجاريا بريا يوصلها لكل الخليج العربي والسعودية  وتركيا التي تحصل من خطوط نفط العراق أرباحا وأمتيازات لاتستغني عنها , تركيا هذه لاتستغني عن العراق , ولكن العراق يحتاج رجالا أذا حضروا وقروا وأذا غابوا ذكروا بخير , والسياسة والدبلوماسية تحتاج هذه المواصفات وتحتاج غيرها من فراسة وحنكة وحكمة ودهاء وتلك المواصفات وديعة العقول النيرة , فالدولة الناجحة بعقول ساستها , والعقول الكبيرة الناجحة لاتزور ولاترتشي ولا تخون , ألم يقل شاعرنا العربي أولئك أصحابي فجئني بمثلهم .. أذا جمعتنا ياجرير المجامع ؟
وللدكتور حيدر العبادي نقول كما قلنا للمالكي الذي لم يحفظ ألامانة : أين العقول التي حولك ؟ وسنظل نقولها ولانمل منها خدمة للعراق ووفاءا لآهل العراق