18 ديسمبر، 2024 10:52 م

زيارة الجبير هل تعني اصلاح ما فات ..؟

زيارة الجبير هل تعني اصلاح ما فات ..؟

زيارة وزير خارجية المملكة العربية السعودية عادل الجبير في هذا الوقت الى العراق تثير الاهتمام وتطرح العديد من التساؤلات ، قد تكون ثمرة مراجعات سياسية ، ومحاولة لكسر العزلة الاقليمية . لربما اعتراف بفشل السياسات السابقة الغير المدروسة والمبتنية على اساس الطائفية التي مارستها المملكة طوال السنوات الماضية وفيها الكثير من الحسابات الاخرى .والجميع يشهد بأن القوات الامنية العراقية تنجز انتصارات متتالية على عصابات الارهاب وهي تحرز تقدماً كبيراً على ارض الواقع ..

الزيارة تعتبر بادرة غير متوقعة وهي بلاشك متأخرة جداً ،على ان تكون مبنية على اسس صحيحة ،في الكف عن التدخل في الشؤون الداخلية وان تكون حقيقية وليست صورية. وتعطي مؤشرا بأن صوت العاقل الحكيم في الهرم الحاكم في الرياض بدأ يجد آذانا صاغية لوجهات النظر التي تميل الى المرونة والابتعاد عن الصدامات، وبضرورة العودة الى الضوابط الاخلاقية والمعايير السياسية التي كانت متبعة في المملكة باعتبارها قبلة للمسلمين. وابعادها عن الازمات على تكون جزءً من حوارت الحل للقضايا التي تحدث بين الاطراف في المنطقة العربية والاسلامية ،على الاقل كي تستطيع ان تترك اثراً ايجابياً على مساحة العلاقة ،وبحوارات بناءة وسليمة. وتساهم في ازالة توترات الماضي التي كانت تثيرها ضد العراق منذ اسقاط النظام الصدامي 2003 وعلى ان تكون خطوة للتكفير عن الذنوب الكبيرة، من الجرائم التي ساهمت بها بحق الشعب العراقي. وسُجلت في صفحات التاريخ الذي لاينسى بسبب الخطابات السيئة التي كان يتحدث بها السفيرالسابق للمملكة في العراق. وسبقه فيها وعاظ السلاطين المدعومين من الفكر الوهابي ومؤسسته المشوهة للاسلام الاصيل .

الزيارة جاءت مفاجئة بالنظر الى العلاقات المتدهورة، بل وشبه المقطوعة بين البلدين، حيث بلغ التوتر ذروته اثناء تغريدات استفزازية للسفير السعودي الاول في العراق بعد انقطاع سنوات، ثامر السبهان، التي وصفت بالطائفية لانتقاده جهات سياسية في العملية ، ذات الاغلبية ، وبعد ان اعتبرته الحكومة العراقية شخص غير مرغوب فيه .وقبله قام علماء التكفير في تأجيج الشارع بالفتاوى المنحرفة .

الزيارة يجب ان تكون ذات دلالة على الرغبة الصادقة لاجراء الحوارات .اساسُها حفظ الاخوة بين الشعبين ..وازالة البقعة السوداء التي خلفتها المملكة في صفحة العلاقات الثنائية بين البلدين بعد دعم اطراف في السعودية للارهاب. إن غلق منابع تغذية هذه العصابات مادياً وفكرياً والعمل على استئصالها ومد يد العون والتعاون على الاصعدة الامنية والسياسية، والمساهمة في حل المشاكل الراهنة في المنطقة، بدل التدخل في شؤون دولها الداخلية .

نتائج الزيارة ، اذا ما كانت ايجابية، ستعطي زخماً لفتح صفحة جديدة في العلاقات التي هي من الاهمية والتأثير الدولي والاقليمي بمكان ولما تعود به من مصلحة على الجانبين ضمن اطار برنامج العلاقات الخارجية وفي ميدان ابقاء العراق على الحياد من سياسة المحاور والاستقطاب التي تعاني منها المنطقة والعالم .

الغريب في الزيارة انها تأتي بعد يوم واحد من اعلان العراق عن تنفيذ ضربات جوية ضد مواقع داعش في منطقة البو كمال داخل الاراضي السورية بالتنسيق مع دمشق في هذا المجال مما يعني ان هناك دورا للحكومة العراقية يحظى باتفاق قوى اقليمية ودولية في سورية، وربما يصل حتى لانتقال الجيش العراقي الى حرب تحرير الرقة بعد الموصل لاحقا. وهو تطور يدل على التعاون بما يمهد للعمل المشترك والتنسيق في عمليات قادمة اخرى. واعتقد ان هذه الخطوة استفزت واثارت الحكومة السعودية للتعجيل بارسال وزير خارجيتها وطالبت ان تكون الزيارة وبعد عشرين عاما غير معلنة لمسؤول بهذه المستوى. مما يثير الاستغراب والتوجس في الاصرار على كتمان الزيارة في هذا الجو الاعلامي المفتوح على مصراعيه ولها دلالات ايضاً في عدم رغبة المملكة في انهاء صفحة الارهاب في المنطقة