يثار بين حين واخر جدل واسع حول شرعيّة استحباب زيارة الأربعين بعمومها ، وظاهرة شرعيّة المشي بخصوصها ، مما يستوجب تسليط الضواء على هذا الأمر, ونحن نقول إذا لم يقم الدّليل الخاصّ على استحباب زيارة الأربعين وظاهرة المشي ، فلا يعني ذلك منافاة استحبابهما ، فالاجر فيها متحقق بالمطلق , ليس بعنوان الحكم الشرعي الذي هو مورد نقاش فقهي مشروع ، بنفس الوقت ليس لنا أن نحجر على راي أحدٍ ثبت عنده بالدليل عدم استحباب زيارة الاربعين بالخصوص لضعف السند , بل من متطلبات البحث العلمي علينا احترام هذا الرأي وعدم تجاهله ، بالمقابل ليس من حق احد ان يدعوا المؤمنين الى تركها او نفي ثواب اجرها , فلو شكك بزيارة الاربعين باستحباها بالعنوان الخاص يبقى استحباب الزيارة بالعنوان العام المطلق ، وعليه فلا داعي لإثارة الغبار وتشكيك الناس بها ،بمعنى لا يحقّ لاحد خدش مشاعر الزائرين الذين يمشون ونعتهم بالتخلف والجهل كما يغرد البعض , ولناخذ زيارة الاربعين وظاهرة المشي كقضية تاريخية موثقة ومتداولة لا بعنوان شرعي فقد ورد ان الامام الحسن بن علي (ع) خرج إلى مكة ماشياً فورمت قدماه، فقال له بعض مواليه: لو ركبت لسكن عنك هذا الألم فقال: كلّا» أصول الكافي: ج١، ص ٤٦٣, وروي عن الصادق (ع) قال: «إن الحسن بن علي (ع) حج عشرين حجة ماشياً الحر العاملي، وسائل الشيعة: ج11، ص79 , وعن الامام الصادق (ع) ايضا قال: «ما عُبد الله بشيء أفضل من المشي»الطوسي، تهذيب الأحكام: ج5 ص12، ح30., وكان الامام علي بن الحسين (ع) يمشي إلى الحج ودابته تُقاد وراءه»وسائل الشيعة: ج11، ص79,
قال ابن عباس: ما ندمت على شيء صنعته ندمي على أن لم أحج ماشياً؛ لأني سمعت رسول الله (صلى)يقول: فضل المشاة في الحج كفضل القمر ليلة البدر على سائر النجوم.
ولهذا فانا شاركت هذا العام في مسيرة المشيي الى كربلاء وانا على يقين ان للزيارة اجر وللمشي اجر مع علمي ان الهدف هو الزيارة والمشي هو الوسيلة لها ومنطقا وعقلا ان تعتمد افضل واقصر وسيلة للوصول للهدف , ولكن هنا الامر يختلف فالاجر على قدر المشقة , لا يعني ان الزائر الراكب ليس له اجرا بل فإذا أراد الزائر تحصيل ثواب أكثر كان المشي هو المتعين، لانه رياضة روحية قبل ان تكون رياضة بدنية…شاركت الزائرين بالمشي وانا على وضوء وفي اليوم الاول كنت صائما وبعدها لا اكل الا ما يسد الرمق مع ان الطعام مبذول مجانا بكل انواعه واصنافه …شاركت الزائرين بالمشي عن نفسي وعن غيري من المسلمين الاحياء من اصدقائي الذين تعذر حضورهم لانهم في الغربة ومن منعهم المرض بالمشاركة وتبرعت لهم خطوات مبتهلا الى الله بقبول اجرها وتبرعت بمثلها للاموات ودعوت لهم بالرحمة والمغفرة والرضوان .
ان هذه المناسبة (زيارة الاربعين)هي من أفضل المناسبات ومن خلال المشي يحصل تعارف وتواصل بين المؤمنين,فلافرق بين متعلم وجاهل ومثقف بين مهندس او طبيب أو أي شخص آخر( قاعدة الاشتراك ) , ومن ظاهرة المشي يستوحى درس لتعلم الصبر والتحمل والمشقة من اجل بلوغ الهدف وظاهرة المشي فيها من القوة والتحدي والمعارضة للسلطة السياسسية لذا قمعها النظام السابق بوحشية , لا ينكر ان زيارة الاربعين وظاهرة المشاية فيها سلبيات ولكن هذا لا يؤثر على مشروعيتها بقدر ما يحملنا مسؤولية لتهذيبها وترشيد الاداء فيها وهذه من واجبات العتبات الدينية واصحاب المواكب الحسينية .
من المؤسف ان بعضنا يعارض زيارة الاربعين او يتجاهلها ولكن هي محط انظار الباحثين المستشرقين , فعضو الكونكرس الامريكي سينتيا مك شاركت الملاين المشاية الى كربلاء قائلة: (قرات عن الحسين(ع) واريد ان اشارك واواسي واتعلم لان هذه النهضة بحاجة الى فهم عملي وهذا المشي جزء من ذلك )