18 ديسمبر، 2024 11:15 م

زيارة الأربعين تعيد الموازين لمعركة ألطف

زيارة الأربعين تعيد الموازين لمعركة ألطف

قبل اكثر من 1350 سنة حدثت فاجعة في الارض،بكت لها السماء دما واهتز لها عرش الرحمن غضبا وعم الحزن اركان الوجود وناح عليها بصوت معول وحزين جميع الانبياء والمرسلين ،أساً وأسفا على سبط النبي المصطفى بعد ان ذبح من الوريد الى الوريد هو واهله وابناءه واخوته واصحابه مع ما رافق هذه الفاجعة والجريمة البشعة من سبيي للنساء وانتهاك للحرمات ،سجلت لحظاتها واحتفظت بدماء أصحابها رمال كربلاء المقدسة.

في ذلك الزمن كان الصراع كبيرا بين الخير والشر”وهذا الصراع يبقى جدلية الوجود” الا ان قوى الشر كانت اكثر تاثيرا واشد فتكا فكانت واقعة الطف مصداقا لذلك الزمان بكل صورها ونتائجها الوقتية،وانتهت الواقعة يومها باستشهاد الامام الحسين واهل بيته وطوى الوجود حياة سبط النبي المصطفى الا ان قصة الخلود والاباء والعنفوان والكرامة لم تنتهي كما كان يعتقد الطغاة بل بدأت من جديد،مع كل ما رافق هذه الفاجعة من طمس للحقائق وتشويه للمواقف وللعناوين.ولم يعد ليزيد وابن سعد وشمرا اثر ووجود ولم يعد للأمويين دور في رسم ملامح العالم في القرون القادمة فقد سيطرة قيم ومبادئ الامام الحسين وثورته على كل اركان الدنيا وعرف العالم ان من قٌتل في كربلاء هو الحسين بن علي وان المعركة كانت من اجل اعلاء قيم الانسانية لا من اجل السلطة والشهرة كما كان يروج له الأمويين،اذا كربلاء تكتب من جديد وامام العالم اجمعه ولم يعد بامكان القتلة والمجرمين طمس الحقيقة التي قاتل من اجلها سبط النبي المصطفى ولم يعد بالامكان انكار مظلومية اهل البيت والعذابات التي رافقت مسيرة السبي من كربلاء المقدسة الى الكوفة الى الشام.

اليوم لا يشبه الامس وكربلاء اليوم ليست كربلاء قبل عام وكربلاء هذه السنة ليست كربلاء السنة القادمة فكل شيء فيها اصبح للحسين وكربلاء لم تعد تلك البقعة المنزوية في بقايا العراق بل كربلاء اليوم هي قطب الرحى ومحط الرحال وقبلة العشاق ومنتهى الامال ..منها تشرق الشمس وفيها ينزل الملكوت ،كربلاء اليوم لم تعد امنية عمر بن سعد ولا ضاحية من ضواحي مملكة يزيد ولم يعد بامكان عبيد الله بن زياد ان يلجمها سوط جبروته.

بدات قصة الخلود من كربلاء وانتصرت في كربلاء ولن تنتهي الا في كربلاء وعلى هذا الاساس يقف اليوم العالم بكل جلاله وقدره مبهورا من انتصار الدم على السيف وانتصار التضحيات على الخنوع والاطماع وهو يرقب العالم كله وقد تحول الى نقطة بيضاء قبالة مجد الدماء التي سفكت في كربلاء وقبالة عظيم التضحيات التي بذلها اصحاب التاريخ والقضية.

فتش اليوم عن يزيد وعن شمر وعن عمر بن سعد وعن عبيد الله بن زياد فلن تجد لهم الا اللعن والعذاب وارجع معي الى لحظات العطش ولحظات الخوف الرهيب التي عاشها اهل بيت الحسين وعياله لتجدها قد تكسرت الما وحزنا في قلوب ملايين المحبين وتجدها دموعا حارقة في عيون الوالهين وهم يحثون الخطى سنويا وبالملايين نحو قبلة الوجود كربلاء المقدسة.

اذا كان ال امية قد شعروا بلحظات النشوة الدنيوية البائسة فعليهم ان ينظروا الان الى مجد التاريخ ومجد الدنيا والاخرة وهو يكبر كل عام ليكتب للتاريخ ان ثلة من الرجال رفضوا الذل والخنوع فقضوا في رمال كربلاء بعد ان وقفوا امام دولة جائرة لم يبقى لها من الاثر الا اللعن والهوان.